الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصريون والسودان

محمد سيد رصاص

2011 / 1 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


غلبت التسمية المصرية للسودان الحالي،أي(نوبيا)ومعناها أرض الذهب،على تسمية (كوش) التوراتية منذ القرن الميلادي الثالث،كماأن اسم(السودان)قدتم اتخاذه إثر سيطرة محمد علي باشا على المنطقة الممتدة من الحدود المصرية السودانية الحالية حتى جنوب مدينة جوبا بين عامي 1821و1822.
في مرسوم السلطان العثماني عام1841 بتسمية محمد علي باشا والياً على مصر له حق التوريث أضيفت لحكمه مقاطعات نوبيا وكوردفان وسنار وجميع توابعها من دون حق التوريث ،الشيء الذي تم إضافته للخديوي اسماعيل من استانبول عام1866مع إلحاق ساحل البحر الأحمر السوداني الراهن حتى ميناء مصَوع الإريتري الحالي بالسودان.أصبح الحكم المصري- التركي للسودان حكماً بريطانياً – مصرياً مع احتلال لندن لأرض الكنانة في أيلول1882،الذي انتهى مع استيلاء قوات الحركة المهدية في الشهر الأول من عام1885على الخرطوم.
خلال صراع الحركة المهدية(نشأت في آب1881)ضد البريطانيين وقوات الخديوي المصري،كان جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده،في مجلتهما"العروة الوثقى"التي صدرت بباريس لأشهر ثمانية من عام1884،يأملون بأن المهدي السوداني"إذا استقر قدمه في خرطوم لم نلبث أن نسمع بظهور دعواه في أسوان"(مجموعة مقالات"العروة الوثقى"،دار الكتاب العربي،بيروت1970،ص 239). في مقابل ذاك أوموازاته ،كان الخديوي عباس،في صيف 1898،معارضاً للحملة البريطانية – المصرية ضد الدولة المهدية،ولم يرى فيها،وهو المناوىء للندن وسيطرتها على مصر،سوى مصلحة بريطانية لوقف التمددات الفرنسية من مستعمرتهم في افريقيا الوسطى نحو جنوب السودان للوصول إلى النيل.أدى سقوط دولة المهديين في 2أيلول1898 إلى اتفاقية الحكم الثنائي البريطاني- المصري للسودان في19كانون ثاني1899التي نصت على تعيين حاكم عام للسودان يدير الشؤون المدنية والعسكرية "يتم تعيينه بتوصية من الحكومة البريطانية"ولكنه يعتبر اسمياً كموظف مصري بإعتبار استناد تلك الاتفاقية إلى"حقوق الخديوي" في السودان من دون الإشارة للعثمانيين،مع نص الاتفاقية على سيادة ثنائية مشتركة للحكومتين(كوندومنيوم)البريطانية والمصرية على السودان.كان منصب الحاكم العام للسودان منذ1899وحتى اتفاقية12شباط1953البريطانية- المصرية "حول حق السودانيين في تقرير المصير" مقتصراً على البريطانيين.
منذ ثورة1919المصرية ضد لندن،قررت بريطانيا الإتجاه نحو سياسة"سودنة السودان"ونزع المصريين عنه،ولم يكن مصادفة أن يكون انذار الجنرال اللنبي في 24تشرين ثاني1924بسحب الوحدات العسكرية المصرية من السودان موجهاً بالذات إلى رئيس الوزراء المصري سعد زغلول،الذي فضَل الاستقالة على القبول ببنود الانذار،وهو مافعلت عكسه الوزارة التي أتت بعده برئاسة أحمد زيور.أصَر الخليفة الوفدي لسعد زغلول،أي النحاس باشا،على تضمين معاهدة1936،التي احتاجتها لندن مع اقتراب نذر الحرب مع هتلر، بنداً ينص على "السماح بتواجد القوات المصرية في السودان،وبعدم تقييد الهجرة المصرية إليه،وحضور المفتش العام لمصلحة الري المصرية لمجلس الحاكم العام للسودان عندما تحصل قضايا تخص المصلحة".أيضاً،في (بروتوكول صدقي- بيفن)بعام1946جرى التأكيد على اتفاقية1899ومعاهدة1936وكان وزير الخارجية البريطانية إرنست بيفن مستعداً بعد ذلك البروتوكول،الذي لم يتحول إلى اتفاقية مع رئيس الوزراء المصري اسماعيل صدقي باشا،إلى الوصول للإقرار ب"وحدة سلالية رمزية بين مصر والسودان"مقابل كسب القاهرة إلى ترتيبات عسكرية – أمنية - سياسية أرادتها واشنطن ولندن مع اقتراب نذر الحرب الباردة ضد موسكو. في نفس المنحى، أدى الغاء وزارة النحاس باشا لمعاهدة 1936إلى تبلوراتجاه مصري جديد تجاه السودان بانت معالمه، بعد أسبوع من حصول ذلك الالغاء، عبر مرسوم أصدره الملك فاروق يوم16تشرين أول1951بوضع دستور يصبح فيه"ملكاً على مصر والسودان".
أعطى ضباط 23يوليو1952اتجاهاً مصرياً معاكساً حيال السودان في اتفاقيتهم مع لندن بعام1953:كانوا أول الحكام المصريين،منذ1821،الذين يتنازلون عن حقوق مصر في السودان ولو تحت يافطة"حق السودانيين في ممارسة تقرير المصير"،ويبدو أن هذا قد كان جزءاً من مقايضة مارسوها مع لندن كانت فيها الاتفاقية السودانية مقابل اتفاقية1954لجلاء القوات البريطانية من منطقة قناة السويس،وربما كان تجريد اللواء محمد نجيب من السلطة الفعلية خلال شهري آذار ونيسان1954،وهو الذي كان معارضاً لتلك السياسة المصرية الجديدة تجاه السودان،هو المقدمة لتوقيع (اتفاقية الجلاء) في19تشرين أول1954،ولتشكيل مناخ عام جعل فوز(الحزب الوطني الاتحادي) بأغلبية مقاعد البرلمان السوداني في انتخابات(2تشرين ثاني-10كانون أول1953)،وهو المؤيد لوحدة وادي النيل،من دون أي مفاعيل عملية على الأرض السودانية.
منذ استقلال السودان في اليوم الأول من عام1956 وحتى سقوط حكم جعفر النميري في6نيسان1985،لم يستطع حكام الخرطوم التغريد بعيداً عن القاهرة،وعندما حاولوا اصطدموا بالمأزق كماحصل لرئيس الوزراء عبدالله خليل(منذ5تموز1956)،من حزب الأمة بزعامة آل المهدي، والذي أدت سياساته المتلاقية مع (مشروع أيزنهاور)،ولندن ونوري السعيد،إلى توترات مع الرئيس عبد الناصر،مااضطره تفادياً لمأزقه إلى تسليم الحكم لمجلس عسكري في يوم17تشرين ثاني1958غلب عليه أنصار المهدية المعادين تقليدياً للقاهرة،قبل أن تحصل حركة انقلابية بيضاء في4آذار1959موالية للقاهرة أبعدت رجل المهدية القوي من المجلس العسكري،أي اللواء محمد عبد الوهاب.بالمقابل فإن من حاول الإقتراب إلى حدود "وحدوية"أو"اتحادية" من القاهرة،مثل جعفر النميري،قد جابهته محاولات انقلابية معادية لذلك التوجه،مثل انقلاب19-22تموز1971الشيوعي،أومحاولة انقلاب5أيلول1975التي نفذها ضباط،من أصل نوبي،بتوجيه من منظمة سياسية اسمها(الجبهة الوطنية السودانية) كانت ذات توجه نحو نزع عروبة السودان لصالح"هويته الافريقية"،أومحاولة انقلاب حزب الأمة و(جبهة الميثاق الاسلامي) بزعامة الدكتور حسن الترابي في 2تموز1976.
حصلت فترة انتقالية منذ سقوط النميري حتى انقلاب الترابي - البشير في30حزيران1989وضح فيها تضعضع النفوذ المصري في الخرطوم قبل أن يشرع حكم الاسلاميين السودانيين في عدائية سافرة للقاهرة،وصلت إلى حدود ايوائهم ل"تنظيم الجهاد"بزعامة أيمن الظواهري،الذي حاول اغتيال الرئيس مبارك في مطار أديس أبابا بحزيران1995:لم تستطع مصر(أوبالأحرى لم يسمح لها أميركياً،فيماحصل العكس مع جيران السودان الأفارقة) المشاركة في رسم مسارات السودان التي حددتها مفاوضات(1993-2005)بين الحكومة السودانية والجنوبيين،أومفاوضات العاصمة الإريترية أسمرة التي أدت لاتفاقية الخرطوم مع(جبهة الشرق)في14تشرين أول 2006التي أنهت تمرد قبائل(البجا)في الاقليم الشرقي، وهو ماحصل أيضاً مع استبعاد القاهرة من جهود حل أزمة دارفور التي تمت رعايتها أميركياً بدءاً من العاصمة النيجرية أبوجا في عام2006وصولاً إلى العاصمة القطرية الدوحة في2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن