الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة ياسمين ...لا اسلاميين ... لا عسكريين

مسعود محمد

2011 / 1 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


اندلعت انتفاضة "سيدي بوزيد" بتونس، ولئن كان السبب المباشر لاندلاعها عملية انتحار قام بها الشاب التونسي محمد البوعزيزي، فإن هذه الحادثة لم تكن في الحقيقة إلا حافزا لسقوط الأقنعة وإماطة اللثام عن الأسباب العميقة للانتفاضة الشعبية والتي تمثلت أساسا في رفع الحيف الإجتماعي الذي ترزح تحته قطاعات الشعب العريضة في تونس. احتلت أساطير الأوهام عقولنا ورست اساطيل الخرافات في موانئنا، ووجهت نيرانها اتجاهنا، أغرقنا في بحر من العجز وأرغمت بعضنا على السجود لخرافات لا أساس لها بأن الدكتاتوريات في العالم العربي وجدت لتبقى. من صدام الى بن علي زرعت هذه الدكتاتوريات الرعب والخوف والعجز في شعوبنا وأوهمت نفسها بقدرتها على تحقيق حياة كريمة لشعوبها الا انها لم تهب تلك الشعوب سوى السجون والقهر على طول البلاد وعرضها، واغتصبت الحريات وقننت حتى الهواء على المواطنين. قالها بن علي، لم أكن أعلم وكأن صدام قبله كان يعلم. هذه هي نهاية الدكتاتوريات وانتفاضة شعب تونس التي قامت مدعومة من اليسار التونسي ومنظمات المجتمع المدني أسست لأمل جديد لعالم عربي محكوم بأحكام مدنية، وفرصة لنقاش حالة اليسار في العالم العربي. رحل دكتاتور تونس الا الا أن نظامه لم يرحل، وقادة القوى الأمنية ورؤساء الأجهزة الأمنية مازالت موجودة وهي قد تلعب دورا باجهاض هذه الثورة المدنية العفوية المدعومة من أحزاب المعارضة والمجتمع المدني، لذلك حذار من اجهاض الانتفاضة وخاصة أن هذا النوع من الدكتاتوريات والأنظمة تخاف الحرية والديمقراطية، وهي لا تمانع التحالف مع الشيطان للحفاظ على مواقعها، من هنا على الشعب التونسي الحذر من تحالف بقايا النظام التونسي مع اسلاميي تونس القاعدة لاجهاض ثورة الشعب التونسي. الحالة الاسلامية تحاول القفز الى قطار انتفاضة الشعب التونسي فأعلن "زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي" ابو مصعب عبد الودود عن دعمه للاضطرابات التي تشهدها تونس ودعا الى "الجهاد" العنيف للاطاحة بمن وصفه بالطاغية. الحزب الاسلامي المحظور بتونس أعلن عودته للعمل العلني على أمل الركوب بقطار الانتفاضة. الخوف كل الخوف من أسلمة الانتفاضة التونسية والباسها رداء أسود يلغي مطلب التعددية في تونس. لقد برهن اليسار التونسي المناضل بكل تلويناته الفكرية أنه دعامة للحراك الشعبي بهدف تغيير واقع الاضطهاد، والتصق بقضايا شعبه كترجمة صريحة لهذه القناعة المتجذرة في صلب هذا اليسار، خاصة الشباب منه باعتباره يشكل قاطرة تلك القوى اليسارية، التي عليها التركيز على العمق العربي للنضالات، سواء بمعنى إدراج الهم العربي ضمن دائرة الإهتمام إعتبارا لكون المحيط العربي هو المجال الحيوي الذي تنمو فيه هذه النضالات. في ذلك استجابة لمنطق الجغرافيا وأحكام التاريخ، أو بمعنى التنسيق بين أطراف اليسار العربي المناضل خدمة لمشروع سام هو تحرير الإنسان، وإن أي نضال معزول عن عمقه العربي لا يمكن أن يصمد ويحقق أهدافه. تونس واليسار التونسي أمام مجموعة من التحديات أهمها:
• تنقيح وتعديل الدستور والغاء المادة 40 التي تمنع المشاركة بالانتخابات وبالتالي التعددية.
• تشكيل حكومة انتقالية تؤمن المشاركة.
• تشكيل لجنة قضائية تستند الى قضاء انتقالي، كون القضاء التونسي بحاجة الى اصلاح وذلك للبحث بتجاوزات الأجهزة الأمنية، والتجاوزات الاقتصادية لأزلام النظام.
إن فلول نظام بن علي المستبد الفاسد لم تستسلم لثورة الياسمين، كما لم تيأس القوى الغربية التي اعتادت على العبث بمصائر الشعوب من إمكان التحكم والسيطرة الخفية. وها نحن نعيش اليوم محاولة خبيثة لمصادرة أنبل ثورة شعبية في تاريخ العرب المعاصر، وذلك من خلال اطلاق العصابات في الشوارع للتخريب وبث الرعب في صفوف الناس. الخوف من اغراق تونس في بحر من الدماء، ووأد تطوره السياسي. وقد تلبس الغدر الذي تحاوله فلول النظام البائد في تونس لبوس الحكم الدستوري زورا وبهتانا، وهو أمر لا يجوز للشعب الذي بذل دماءه الزكية في سبيل الحرية أن يقبله. ومن الضروري في هذه المرحلة الحرص على تمثيل كافة القوى السياسية والاجتماعية في عملية التحول، بحيث تجد هذه القوى صوتها ودورها في مجلس نواب منتخب انتخابا نزيها لا تزوير فيه ولا تزييف. وهنا يجدر بالمعارضين السياسيين التونسيين المنفيين بالخارج أن يهرعوا إلى بلدهم للمساهمة في ترجمة ثورة شعبهم إلى مشروع سياسي مثمر، والحيلولة دون تمكن فلول النظام المتهاوي من البقاء ممسكة بزمام الأمور . سقوط بن علي ليس هدفا بنفسه بل هو البداية. لذلك على قوى التغيير توحيد صفوفهم داخل المعارضة حتى لا يتثنى لفلول نظام بن علي، أو للعسكريين الطامحين، أو للقوى الغربية المتربصة، بوأد الثورة الشعبية، من خلال تنصيب قادة دون تغيير جذري في البناء الدستوري والسياسي القائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف