الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكرا شعب تونس

مالوم ابو رغيف

2011 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ما حدث في تونس أمر لم تعرفه الشعوب العربية من قبل، لم تألفه ولم يمر في حسبانها ولم يكن لها يوما اختيارا، فتاريخها الإسلامي القديم عبارة عن مدائح بعصور الجلادين والجزارين، قصائد شعرية طويلة تمتدح الخلفاء والملوك والأمراء، لا يذكر جزار أو سفاح منهم إلا مصاحبا بعبارة رضي الله عنه، إذن ليس غرابة إن يكون نموذج البطل في الذهن والعقلية للعرب بشكل عام وللمسلمين بشكل خاص مرتبطا بالقتل وسفك الدماء، وان صورته لا تتمثل للوجدان العربي والإسلامي إلا مرتبطة بسيف يقطر منه الدم .
انظر إلى المتنبي شاعر العرب وهو يصف فعلا بطوليا إن حولته إلى رسم لكان اليق إن يكون لبوستر فلم رعب منه إلى صورة بطل
ولقد نثرتهم فوق الاحيدب نثرة...كما نثرت فوق العروس الدراهم
البطل العربي لا بد ان يقطع الرؤوس ويسفك الدم ويسوق النساء والأطفال أمامه سبايا.
حتى لاعب الكرة العراقي يونس محمود لُقب بالسفاح.
أما تاريخ الشعوب العربية الحديث فهو عبارة عن سلسلة من حكم الجنرالات الأجلاف و حكم سلالات وراثية انقرضت وبقيت نسخها الوراثية تتوارث الحكم كظل الله في الأرض وتتحكم بالشعب كالعبيد. ورغم كل هذا الإجحاف فان الشعوب استمرت بالإنشاد لهذا الجمع الطفيلي التافه أغاني الخضوع والخنوع وتسميها بكل غباء وبلاهة أغاني وطنية.
. وان كان السومريين بنوا الزقورات واخترعوا العجلة والكتابة المسمارية والفراعنة بنو الأهرامات، فان كل انجازات البطل العربي هو انتصاره على شعبه، سلخ جلودهم وهم أحياء، طمرهم في مقابر جماعية، تحويلهم إلى عبيد يرقصون أمام موكبه كالقرود ومسخ إنسانيتهم.
عندما سقط صدام حسين لم تهتز صورة البطل العربي الجزار في وجدان الأمة العربية، ولم ترى زيف الهالة المحيطة به، ورغم عريه من كل فخر وشجاعة لم يصرخ احد انه عار الا من المثالب، فهذه الأمة تغمض عينيها عن رؤية الحقيقة، أنها تخشى الصدمة، فالعبد الأمن القانع بمساواة بينه وبين حيوانات السيد، خير من العبد الآبق المخاطر بحياته في سبيل الانعتاق وطلب حريته. الامة العربية هي امة مخدرة بالدين وروايات التاريخ، كذبت الواقع ولم تصدق بحقيقة بطلها المرتعد في حفرة هي أعمق من جحر جرذ، فزيف التاريخ العربي الإسلامي هو أعمق بكثير من حفرة صدام، هي حفرة امة تهيب صعود الجبال لذلك بقيت بين الحفر كما قال ابو القاسم الشابي
ومن يتهيب صعود الجبال... يعيش ابد الدهر بين الحفر

تونس كانت ثورة ليس على النظام الحاكم، وليس على الرئيس الحاكم فقط، بل ثورة على الصورة النمطية للحاكم العربي الذي يعتقد الكثيرون انه لا يقهر.

تونس كانت ثورة على تاريخ كان لحد لحظة الانفجار يكتب كما يشاء الحاكم أو كما يشاء إن يزور لمصلحته.
تونس كانت محبرة لكتابة تاريخ جديد بدماء الضحايا لن يجرأ احد على تزويره فعالم اليوم ليس مثل عالم الأمس، هو عالم حقيقي وليس غيبي، عالم يتواصل رغم كل حواجز الحكومات.
تونس كانت ثورة أزاحت كل الرتوش عن صورة البطل العربي المزيف، فبدا على حقيقته هزيلا خائفا مفزوعا يبحث عن ملاذ آمن حتى لو كانت حفرة تحت الأرض أو بيت في السعودية.

تونس ولأول مرة أعطت درسا ونموذجا للإطاحة بالأنظمة العربية المحنطة ليس بالانقلابات العسكرية بل بالثورة الشعبية. فالناس بعد تونس لا تترقب إن يتمرد جنرال فيطيح بجنرال آخر ليحتل مكانه ويستولي على سوطه وينزع جلود شعبه.! وليس بان ترفع الناس اكفها بالدعاء لله فعله يرسل ملائكته فينصرها ثم يسلط عليها عمائمه فيكونون اشد قسوة من السابقين.
تونس ترسم صورة أخرى للبطل، بطل لا يملك سيفا ولا رمحا ولا منصبا، كل ما يملك كرامته فأبى إن تهان.
صورة تختلف عن صورة الإبطال الجزارين والسفاحين، صورة من اوقد شعلة الثورة فحرص الناس على إبقاءها مشتعلة حتى لو كان زيتها دمائهم.
فشكرا لك تونس
شكرا لك شعب تونس فأنكم أعليتم كلمة الشعب وجعلتم الأنظمة العربية الحاكمة ترتعد خوفا وهلعا ان لا يتكرر ما حدث وستحسب ألف حساب إن هي غامرت بسياسية توريث الأبناء ما حكمه الإباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
موسي سوف الجين ( 2011 / 1 / 16 - 08:48 )
نعم تحية بلاضفاف لشعب تونس العظيم.لقد اخجلتنا تونس نحن المزروعين ضمن جغرافيا العصاب الديني والسلالات المؤبدة قمعا وسلطة.فرحتنا بنصر تونس سرقت حتي نومنا ساعة وصول خبرفرار الديكتاتور تجاه بحر الظلمات الوهابي.


2 - هنياءا لك ياشعب تونس افرحتنا بصمودك
عبود نجم عبود ( 2011 / 1 / 16 - 15:19 )
نتمنا لكم نساءا ورجالا شيبا وشبابا ان تنالوا ثمرة تضحياتكم ولا تعطوها لسراق جدد من رجال دجالين يلبسون عباءة الدين ومن رجال عهد وللا غير ماسوف عليه

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ