الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: هُبُّوا ضحايا الاضطهاد! هُبُّوا إلى العمل المجالسي!

أنور نجم الدين

2011 / 1 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لقد زعزعت حركتكم العرش الجمهوري المقدس، وإنها بالفعل نصر اجتماعي عظيم، والآن آن الأوان لبرنامج العمل، فقبل مواجهة حالة من الخراب يجب تنظيم العمل، فحسب كل التجارب التاريخية الكبرى في العالم، يجب توحيد القوى وتوجيهها في مجرى واحد مشترك.
وهذا التوحيد لا يعني سوى تجميع القوى في المجالس المنتخبة من قبل المجتمع، وفي كافة مجالات الإدارية والإنتاجية، فالمجتمع الآن يواجه حالة حرجة للغاية، ففي الوقت الذي تحاول السلطة إعادة الحياة إلى الماضي، على المجتمع أن يبنوا المستقبل، فَلْيَسْتَفِدْ أبطال الثورة بهدوء الحرية الحالية؛ لكي يقوموا بتوطيد تنظيمهم الاجتماعي بشكل منهجي. وهذا ما يعطي الثوار المنتفضين حيويةً عميقة لسحق كل ما بقي من قوى الماضي، وتوجيه مجالسهم الاجتماعية لترسيخ قاعدتهم المادية لتحقيق مهمات اجتماعية مشتركة، فعلى قوتكم الموحدة يتوقف مصير انتفاضتكم العظيمة التي ستجعل من شرارة الثورة أمرًا واقعًا في المنطقة كلها.
والآن تعمل كل القوى الرجعية جديًّا لتجزئة حركتكم باسم المصالح المختلفة، ولكن مصالح المجتمع هي نفسها بالنسبة لكل فرد من أفراده. فبدون تنظيم العمل وتوحيد القوى في المجالس في الجامعات، والمؤسسات، والمعامل، والمزارع، فسوف يحرز فرسان السيف في إعادة سيطرة طغيان المال على المجتمع من جديد، أو تستولي عصابات جديدة على الحكم، وتغتصب كل ثروات المجتمع باسم المجتمع نفسه، فالسلطة السياسية تستطيع أن تزحف سريعا لسحق كل ما لا يُخْضِعُ رأسَه أمام جبروتها.
والآن وبعد ركوع الدولة أمام إرادتكم الغريبة بالنسبة للمتسلطين، فإن الوقت قد حان للشروع في العمل المجالسي.
وسوف تتراجع حركتكم ويعود الجلادون السافلون إلى احتكار حريتكم الاجتماعية من جديد ما لم تتحول انتفاضتكم الرائعة إلى عمل منهجي يستهدف إعادة تنظيم المجتمع لمصلحة كل فرد من أفراده.
وحسب التجارب التاريخية فلا يُوجِد هذا النوع من التنظيم سوى المجالسية، فالعمل المجالسي سيكون ضمان انتصار انتفاضتكم إلى النهاية؛ لأن العمل المجالسي سيعطي فرصة إدارة الحركة من جهة، وتنظيم الأمور الحياتية اليومية للمجتمع كله من جهة أخرى. وإن اندفاع الثوار المنتفضين يكفي لتحقيق هذا العمل، العمل الذي سيعزل كل حزب طامح إلى احتكار السلطة، أو تقاسم الغنيمة مع الأحزاب الأخرى، فالحركة الحالية هي حركة الجماهير لا هذا الحزب أو ذاك، ولا هذه النقابة أو تلك.
أما إذا سنحت فرصة مؤاتية لمحبي السلطة فسوف يقوم الأحزاب بتحويل اتجاه حركتكم نحو تحقيق أحلامهم الحزبية والسياسية القديمة، وحتى فرض أيديولوجيتهم الخاصة على المجتمع كله، وسوف تقوم هذه الأحزاب في المستقبل القريب بنسج قصص سياسية عن بطولاتهم، وإنقاذ المجتمع من الحكم الحالي، وإخضاع المجتمع لإرادتهم الخاصة بحجة حقهم في التصرف بثروات الوطنية، والتسلط على المجتمع باعتبار أنهم موهوبون وعالمون بكل شيء، فلذلك على المجتمع ترك كل القرارات إلى هؤلاء الأوغاد الذين لا يعرفون شيئًا سوى حب السلطة، والتصرف بأموال الدولة، فهم ليسوا سوى مجموعة مثقفة معجبين بأنفسهم.

هبوا ضحايا الاضطهاد! وليَجْعَلْ انتصارُكم الشعبي، وشجاعتكم، وصوتكم الصاخب، وأصالتكم الاجتماعية من كل الوسائل المتوفرة في حوزتكم وسيلةً للصعود إلى مسرح العمل المجالسي، فبدون تحقيق هذا العمل بسرعة، سوف تخفي الأحزاب القزمية قريبًا وجوههم خلف قناع خداع على العرش السياسي، وسيجرون المجتمع كله وراء المطامح الشخصية للقادات السياسية، وسوف يصبح كل شيء وهمًا وضلالا إلا كلماتهم المثقفة المنتفخة البراقة، وهم لا يتسلمون سوى النظام الفاسد الحالي، ولا يمكنهم القيام بأي شيء سوى تجميل وجه السلطة، وسيبقى كل شيء كما كان في الماضي: الفقر، البطالة، أزمة السكن، والاستيلاء على ثروات المجتمع باسمكم، فاليوم تعود الكلمة الأخيرة للثوار المنتفضين جميعًا، أما البكري فسوف يحتكر السلطة وسياستها الخسيسة الدنيئة كل مصادر حياتكم، وكل قرار سوف يعود إلى كوادرهم الحزبية المتقدمة وناخبيهم البرلمانيين بدل المجتمع. وسوف تعود (محمد بوعزيزي) إلى نفس الساحة التي انطلقت منها انتفاضتكم لانقاذ حياة آلاف بوعزيزي من السلطة التي لا تؤسس إلا على اغتصاب ملكية المجتمع.

هبوا ضحايا الاضطهاد!
هبوا إلى العمل المجالسي!
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم


.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا