الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس : سؤال الكيف واجابة العبرة

الفيتوري بن يونس

2011 / 1 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لم أعر ما حدث في تونس بداية كثير اهتمام انشغالا بهموم أخرى منها ما كنت اعتبره أكثر أهمية عائدا إلى الغوص في التاريخ بحثا عن أسباب انفجار طائفي بلغ أشده في جريمة كنيسة القديسين بالإسكندرية تمهيدا للكتابة فيه ومنها ما هو إقليمي أملته علي واجبات المواطنة وفلسفة مهنة المحاماة التي أمارسها ومنها ما تفرضه علي هذه المهنة تجاه موكلي هذا من جهة ومن جهة أخرى وهو الأهم فقد كان أكثر ما أتوقعه من هذه الأحداث اتكاء على أحداث أخرى مشابهة إن في تونس ذاتها أو في غيرها من الدولة العربية هو أن تجهض مقابل وعود عرقوبية أو تقمع بقوة الحديد والنار خاصة في الحالة التونسية المحكومة بقبضة بوليسية هي الأشرس على الإطلاق كما يقول البعض .
ولكن مع يوم الثاني عشر من يناير وجدتني مستغرقا في الأمر تماما وتسقط كثيرا من قناعاتي بدء بقدرة الشعوب العربية على الفعل مرورا بدور مؤسسات المجتمع المدني انتهاء بدور الحماسيات في تحريكنا وعلى رأسها ((إذا الشعب يوما أراد الحياة )) بسبب تزايد سقف المطالب المتناسب طرديا مع عدد الشهداء الذين كانوا يسقطون ليبلغ الأمر ذروته مع فرار بن علي في أروع انتصار تحققه الجماهير العربية عبر تاريخها ولينال الشعب التونسي بكل فخر لقب صاحب أول ثورة شعبية في الوطن العربي تطيح بحاكم وضع نفسه في مصاف الآلهة ورابع ثورة من هذا القبيل في العالم بأسره بعد الثورة الفرنسية والبلشفية و الإيرانية بغض النظر عما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك لان تونس أبدا لن تنتكس لتعود إلى حظيرة الحاكم الإله .
والسؤال الذي يفرض نفسه هو كيف حدث ما حدث والى ماذا سيؤدي على المحيط العربي القريب والبعيد أما سؤال اللماذا فمعروف الإجابة .
و إجابة أقول إن كيف سؤال ملتبس قد تكون إحدى إجابته أن ذلك معروف أيضا مثل إجابة سؤال اللماذا و إجابة أخرى هي التي ارمي إليها من خلاله تتمثل في أن الشعب التونسي كون رغم بطش حاكمه مؤسسات مجتمع مدني فاعلة تمثلت في أحزاب وطنية قامت بدورها شعبيا وان كانت محظورة رسميا ونقابات مهنية وجمعيات أهلية حقوقية كانت على رأس التحرك السلمي وكلمة حق يجب أن تقال وهي أن الرئيس الفار ساهم طائعا أو مكرها في نجاح هذه الثورة بفراره المبكر وهو أمر يحسب له على كل حال ولو من باب عدم تكبيده شعبه مزيدا من التضحيات التي كان يمكن أن يدفعها لو استمر بن علي متشبثا بكرسي الإله .
أما اثر هذه الثورة على المحيط العربي فاعتقد أنها تحمل رسالة واضحة وسهلة الفهم للشعوب وللحكام على حد سواء مفادها فيما يخص الشعوب أن الحكام ليسوا قدرا وحتى لو كانوا كذلك فإنها أذا أرادت الحياة فلا بد أن يستجيب هذا القدر ولو مكرها ، أما شطرها الموجه للحكام فمؤداه أن عصر الآلهة قد ولى وبالتالي كونوا مجرد موظفين لدى شعوبكم و إلا فإنها ستستبدلكم بموظفين آخرين ولو كلفها ذلك ما كلفها من تضحيات و إياكم أن تفكروا مجرد التفكير في قمعها لأن ذلك لن يطيل بقاءكم بقدر ما يزيد أيديكم تلوثا بدماء الأبرياء وبالتالي تزدادوا فقط أوزارا فوق أوزاركم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تونس الخضراء
زينب بنت المبروك ( 2011 / 1 / 24 - 22:27 )
هي خضراء ,,, مهما حاولوا ان يجعلوها ارض محروقة ,,, فهي خضراء برجالها الرافضين للذل والمهانة التي تهمين على هذا الوطن من المحيط الى الخليج

اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض