الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الشارع سر!

خالد صبيح

2011 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعبر الشارع العربي عن موقف مميز بشكل جماعي وواضح عما حدث في تونس من حركة تغيير جماهيري نادر الوقوع في عالمنا المنطوي على كبرياء فارغة. ظهرت ردود فعل بسيطة وعابرة في بعض العواصم بدت وكأنها جهدا فرديا ، بضع عشرات يخرجون إلى الشارع يهتفون ويحيون الشعب الشجاع. ولا ريب في أن ما حدث في تونس كان مناسبة لكل القوى السياسية في البلدان العربية التي تبغي وتسعى للتغيير أو تطمح إليه أن تعبر بطريقة علنية عن تأييدها لثورة الشعب التونسي لكي تسمع حكامها أنها سوف تقتدي بما فعله هذا الشعب الأعزل إذا لم تغير هذه الأنظمة ، وهو أمر مستحيل، من طريقة تعاطيها مع جميع قضايا الشعب.

ولا احد يمكنه أن يماري أو يشك بان الأنظمة العربية المستبدة تتحفز الآن وتتململ متضايقة مما حدث ولابد أنها أوصلت للشعوب بشكل غير معلن، وعبر مجسات الاستشعار، بأنها لا تريد هكذا تغيير ولا تحبذه. بل إنها ستحاربه في أي موقع ينطلق منه. ولا اظن بان تونس سوف تسلم من الدسائس.. وحده ألقذافي( المخبول) من انفرد وشذ كعادته بان أعلن أن نظام بن علي هو أفضل الأنظمة لتونس. وإذا أخذنا قول ألقذافي من غير الزاوية التي نظر فيها للحدث وقيمه فسنجد أنفسنا، من منطلق مقارنة نظام بن علي بالأنظمة العربية الدموية، وللمفارقة، أن نظام الفساد والاستبداد السياسي في تونس هو حقا كان من ارق الأنظمة في المنطقة. فهو اقلها دموية واقلها عنفا. وهذه مفارقة دراماتيكية، فشدة القسوة والعنف الذي تواجه به الأنظمة العربية الدموية أو أشكال القهر والمصادرة للحياة السياسية في مجتمعات البلدان العربية تجعل نظاما أسقطته الجماهير الغاضبة لاستبداده وفساده يكون رغم ذلك هو الأفضل بين ما هو موجود من أنظمة حكم في المنطقة. تخيلوا فقط لو إن ما فعله التونسيون قد وقع مثله في سوريا، أو في العراق في زمن حكم البعث، أو حتى في زمن الظلاميين الإسلاميين هذا، أو انه وقع في ليبيا، كيف ستكون ردة الفعل؟؛ وما هو الثمن الذي كان يمكن أن يدفعه الجمهور الغاضب؟. الإجابة ستكون مخيفة بلا شك.

فأي واقع مرير تعيشه الشعوب العربية إذن.

لكن رغم كل هذا فان الحكام والأنظمة في المنطقة العربية لايستطيعون، مهما تفننوا، في ان يخفوا عظم القلق الذي انتابهم رغم الصمت الذي تبرقعوا به، فقد أوردت الأنباء اليوم عن اجتماع موسع لطاقم الحكم المصري يناقش بصورة ضمنية تداعيات المفاجأة التونسية على الشارع المصري. ربما لان المصريين كانوا الأجرأ والأوضح في ردة فعلهم ازاء الجدث الكبير، فقد كانوا مرحبين بقوة بهذه الثورة الشعبية لكنهم في نفس الوقت قد تحسروا كثيرا لان الريادة في هكذا فعل بطولي لم تنطلق من أرضهم، ارض الكنانة، التي كانت صاحبة الريادة في الكثير من صياغات العقل والسياسة والثقافة والإبداع في المنطقة العربية. كان المصريون روادا في الفن وفي الأدب وفي السياسة رغم مشاركة الشعوب العربية الأخرى وتطويرها أو استباقها بعض الأحيان لريادة مصر. لكن وكما كانت مصر رائدة بكل ما هو نافع وجميل، من فن الرواية والمسرح وأفكار التحرر الاجتماعي وغيرها، فهي كانت أيضا رائدة في ما هو مؤذي وقبيح ،فهي التي صدرت لمحيطها هوس القومانية وسطوة العسكر على المجتمعات، وصدرت تيارات الإسلام السياسي بنشر فكر الإخوان وبعد ذلك موجات هستيريا التطرف الجهادية المجنونة. طبعا من غير أن (نبخس) حقوق مجتمعات أخرى كانت رائدة في إنتاج ظواهر كارثية، كالطائفية السياسية في لبنان، والمحاصصة (الغنائمية) في العراق، وظاهرة التوريث والدموية البعثية في سوريا، وبقاء ألقذافي في الحكم رغم اختلاله العقلي، وغيرها من (عنفوانات) النظم العربية الفاشلة.

ريادة مصر مهمة لمحيطها لان ما تفعله مصر له سطوة العدوى وجاذبية الاقتداء.

لكن ولسوء حظ الشعب المصري، أو سوء تدبيره، فان الريادة قد بزغت هذه المرة من تونس التي أسقطت أو ألغت ما اخذ البعض يعول عليه في تعميم التجربة العراقية المرّة بإسقاط الأنظمة المستبدة على يد قوى خارجية. لكن يمكن القول أيضا إن طريق الريادة مازال مفتوحا للمصريين ولغيرهم. فعالمنا المعتم فيه من المصائب ما يتيح حتى لطفل غر أن يبتكر أسلوبه الخاص وريادته لتغيير الواقع. وإذا كانت تونس قد افتتحت (عهود الحرية) فبإمكان مصر أن تجترح ابتكاراتها الخاصة وتضيف للتجربة ما لم تقدمه أو تضفه التجربة التونسية. فالريادة عالم مفتوح يمكن لكل مبدع ومبتكر أن يضيف إليه وينهل منه.

ستعود الريادة لمصر إذا قالت قولتها الفصل في نظامها السياسي وفي فأسديها وسارقيها. مصر ليس أمامها غير طريق المواجهة. على مصر ، لكي تستعيد دورها الريادي الحقيقي،أن تجذر عقلها السياسي وتعود لمنابع العقل المصري الأصيل الذي يهجس بآلام الفقراء ومعاناة والمهمشين.

لترفع مصر إذن صوتها بالنداء:

شعب مصر إلى اليسار در!
شعب مصر إلى الشارع سر!

ولنرى حينها ماذا يستطيع أن يفعل مبارك واركان نظامه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجماهير المصرية غير قادرةلاءخذ الريادة
علي احمد الرصافي ( 2011 / 1 / 17 - 13:41 )
السيدخالد
ان الجماهير المصرية غير قادرةلاخذ الريادة طالما التائثير الوهابي هو السائد على عقول اكتر المصريين
اعتقد سيتحرك عندمايفقد هذا التاءثير بعدما يسحق الشعب السعودي عرش الطغاة
ولك مني اطيب المنى


2 - مؤازرة
منوبي المشراوي ( 2011 / 1 / 24 - 08:30 )
خير ضمان للثورة التونسية هو قيام الثورة في مصر فأنا لا أستبعد تحالف النظام المصري مع قوى الردة لوأد الثورة أو التشويش عليها,وما أعلنه القذافي تسره الأنظمة الرجعية الأكثر خبثا و دهاء

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر