الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شدّة ورد

جليل البصري

2011 / 1 / 16
الادب والفن


احتفت كركوك اليوم وعلى قاعة النشاط المدرسي التي وضعها مدير التربية السيد شن تحت تصرف نشاطات كركوك عاصمة الثقافة العراقية، باحتفالية اخيرة ختامية تودع المناسبة ولكنها تترك كركوك لقدرها الثقافي، وهو قدر نعتقد ان مثقفيها سيقرونه وسيكون قرارهم هو فرز الغث من السمين واجلاء الغمة عن الزيف وجعل كركوك عاصمة بحق للثقافة الصادقة المبرئة من الطفيليين.
والذي شدني في هذه الاحتفالية كلمة السيد وكيل وزارة الثقافة احسان والتي اكد فيها بالعربية فقط على ان كركوك هي شدّة ورد، وهي ذات الشدة التي اكد عليها السيد محافظ كركوك في كلمته باللغات العربية والكردية والتركمانية على التوالي، والتي احسست معها بان هذه القاعة التي تبعثر فيها المثقفون والادباء بشكل يجعلك تستغرب تراجع حشدهم الذي رأيناه في انتخابات فرع اتحاد الادباء في المحافظة او في بعض النشاطات الاولى لكركوك عاصمة الثقافة يوم كانت الاحلام بالخير القادم معها والحديث عن الملايين القادمة من الوزارة ومن الاقليم يثير حماسة الكثيرين، حماسة ربما يعتبرها الادباء والمثقفون الحقيقيون لفتة استحقاق ويراها الانتهازيون فرصة ليهبوا على وجه الدنيا.
ولعلها التفاتة كريمة من قبل المشرفين على الاحتفالية بتخصيص مبلغ نصف مليون لكل من الاديبين الراحلين جان دمو وسركون بولص في هذا الوقت الذي يعاني فيه المسيحيون دون استثناء لاديب او غيره، حملات ايذاء وتهجير، مثلما اعتبرنا الخمسين كتابا المقرر ان تطبع لادباء ومثقفي كركوك التفاتة اخرى جميلة وفعالية هامة، وربما الاهم والابقى بين فعاليات هذه المناسبة والتي ستظل تحمل اسمها الى ابد الابدين. لكن الذي اثار استغرابنا ان هذه الكتب انتقيت وفقا لانتماء الاديب او المثقف الى اتحاد الادباء وكأن هذه المدينة ليس فيها غيرهم وهو امر يسيء الى الوزارة وللفعالية التي هي اوسع من ان تكون فعالية منظمة مهنية بعينها اضافة الى ان الامر يعيد المثقفين والادباء العراقيين الى مربع المنظمة الوحيدة والقناة الوحيدة التي لا يمر شيء عبر غيرها او خارجها وهو امر ينطبق على الصحفيين وغيرهم من المهن، بحيث اصبح الانتماء الى هذه المنظمات ليس طموحا ادبيا بقدر ما هو وسيلة لتحقيق مكاسب مادية بحتة.
وعندما غادرت القاعة قبل قليل من انتهاء الاحتفالية وانا منتشي بشدّة الورد التي احسست بعطرها يفوح في القاعة واجهتني رائحة الشارع المسورة جنباته بالمياه الاسنة المائلة للسواد وهي رائحة يعرفها الفقراء والمهمشون وسكان الاحياء الفقيرة التي تسمى زورا بالشعبية، فتسائلت في داخلي عن شدّة الورد ولماذا لم تستطع اي وردة منها ان تحجب عن السائرين في هذا الشارع رائحة العفن وتشيع رائحتها الزكية بدلا عنها، واستغربت كيف اتفقت شدة الورد هذه على مقاطعة الشارع الفقير .
وقلت في داخلي لعلي وقعت في الوهم وربما ما كان قصد السيدين المسؤولين شدة الورد الفقيرة الذابلة التي انعدمت رائحتها ان وجدت بل شدة الورد التي تقدم في المناسبات الرسمية وهي شدة ورد نظرة لا تستطيع العيش خارج القاعات والمنازل الفخمة ولا تجد من واجبها ان تزين الشوارع الفقيرة التي لا تقطع عنها انابيب المياه المهترئة حاجتها للماء للابقاء على البرك الآسنة حتى في فصل الصيف الشديد الحر.
وبين شدة الورد هذه وتلك تبقى الحياة اكثر قسوة وتبقى رائحة العفن اكثر سيادة على الواقع المعاش من احلام شدة الورد.
15/1/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس أخطر مشهد لـ #عمرو_يوسف في فيلم #شقو ????


.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟




.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت


.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني




.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار