الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جندي تونسي يستحق ارفع الأوسمة

فؤاد ابو لبدة

2011 / 1 / 17
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


استوقفتني مساء اليوم بتاريخ 17-1-2011 لقطة بثتها نشرة الأخبار الساعة الخامسة في قناة العربية الفضائية وتم إعادتها في أكثر من نشرة إخبارية صورة لجندي تونسي وقف أمام مسيرة تونسية ويلقي إليهم بالتحية العسكرية أو كما يقولون بالمصطلحات العسكرية " تعظيم سلام " وتابعت النشرات مرارا وتكرارا لمشاهدة تلك اللقطة وما هي الدوافع والأسباب التي جعلت من هذا الجندي يقدم علي هذا العمل الذي يعتبر قمة في الروعة والإثارة وأمعنت النظر جيدا ومتسائلا نفسي هل هناك أوامر عسكرية أمليت علي هذا الجندي من احد ضباطه ؟؟؟وهل هو توجه عام لقوات الشرطة والجيش ؟؟؟هل هو خوفا من تلك الجماهير التي ما زالت بداخلها نشوة الانتصار ؟؟؟ هل هو اللاشعور جعله يقوم رافعا التحية لتلك الجماهير محركة التاريخ كونها عبرت عما يجيش بداخله كونه في نهاية المطاف جزءا منها ؟؟؟.
من خلال المتابعة لتلك اللقطة المؤثرة أدركت تماما أن هناك عفوية ثورية هي التي انتابت هنا الجندي , جعلت منه يلقي بالتحية لمن تحدوا بصدورهم وبإرادتهم وعزيمتهم لقوي الظلم والبطش , بالتأكيد كلمات أبو القاسم الشابي هي التي كانت تتأجج في داخله "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" .
نعم هي الجماهير محركة التاريخ وتسير بعجلة التاريخ للأمام هي من تستحق تحية الجنود والضباط , لأنها هي التي تغير مجري الحياة وهي من تصنع الحياة الكريمة لها ولهم , والجماهير هي صاحبة القول الفصل في تعيين أو تغيير أو إقالة أو عزل وزراء وحكومات بأكملها , كون زمن الانقلابات العسكرية قد ولي وانتهي ولم نعد نري أي آثار له بعصرنا الحديث إلا في موريتانيا والصومال وغزة وبعض الدول الإفريقية , نحن الآن أمام مجتمعات عربية تتطلع إلي مزيد من الحريات ترغب بإقامة مجتمع مدني خالي من العنف والترهيب والتعتيم والتكميم والاعتقالات والإجراءات التعسفية , وتنظر إلي إصلاحات حقيقية وليس دساتير تكتب وتصاغ وفق رؤيا معينة , الجماهير ترغب بقوانين تطبق علي الجميع وان تكون هناك سيادة للقانون وألا يكون احد فوق القانون , تتمني أجهزة شرطية تسهر علي تطبيق القانون وأجهزة قضائية تأخذ بروح القوانين وليس نصوصها , لا تريد أجهزة بوليسية تعمل لخدمة هذا المسئول أو ذاك أو ترعي هذه الحاشية الملكية أو تلك , وتمني نفسها دوما بإصلاحات حقيقية رغبة من حكوماتها وليس ردة فعل آنية ولحظية , فهي قد سئمت ما يتردد علي السنة مستشاري الحاشية قولهم المعتاد " يا مولاي ان الشعب بخير ألف وعافية " .
ان الانتصار الذي حققه الشعب التونسي قد لقي ظلاله عربيا وبشكل سريع بادرت بعض الحكومات العربية في أكثر من عاصمة عربية بالبحث عن بعض الإصلاحات حني ولو كانت شكلية خوفا من انتقال الهبة الجماهيرية الي عواصمهم وتهدد أركان حكوماتهم , فناك من سارع إلي دعم السلع الأساسية وتخفيض الأسعار فيها إلي نسبة 15% , وبعاصمة أخري سارعت حكومتها إلي إنشاء صندوق قومي اجتماعي بعشرات الملايين من الدولارات كمساعدات لمواطنيها وآخري تتدارس تخفيض أسعار المحروقات , وأخري ما زالت أجهزتها الأمنية تراقب وتستطلع الآراء الجماهيرية وتستنبط رأي الشارع وحومتها تجتمع اجتماعات مفتوحة تقترح وتفكر وتطلب التقارير اليومية من مستشاريها . وأخري تعلن حالة الطوارئ القصوى وتعلن ان هناك في بلدها شبان اقتنعوا بشخصية بو عزيزي ويفكرون ان يكونوا نماذج للحرية والتحرير وتوعدهم بحل مشكلة البطالة والسكن .
بتقديري ان تلك الإجراءات الشكلية التي عكفت عليها بعض الحكومات العربية هي إجراءات شكلية وهي فقط لامتصاص الغليان الجماهيري الغاضب والراغب بتنفيذ التجربة التونسية وما هي إلا إجراءات لذر الرماد بالعيون ,فهي إجراءات لحظية وآنية تخفيض أسعار في سلع معينة ورفع ضرائب لسلع أخري وأيضا الهدف منها إبعاد الأنظار عن تغييرات حكومية او محاسبات او قضايا فساد لاحتكارات معينة او ارتباطات سياسية مع جهات معينة فهي كما قول مآثورنا الشعبي كمن يدس العسل في السم .
عودة علي بدء والجندي التونسي الرائع الذي استحق ان يلفت انتباهنا ,بتقديري أيها الجندي المغوار أنت لست وحدك بهذه النفسية الوطنية الرائعة هناك المئات ممن يحملون الأفكار الثورية ويؤمنون بالتغيير , في الوقت الذي كنت تقف إجلالا أمام جماهيرك وليس لمن يعتليك بالرتبة , أنت بتقديري المتواضع تستحق ارفع أوسمة الشرف والتقدير ,لان ارفع وسام شرف بالعالم كله هو ذلك الوسام الذي تحصل عليه من جماهيرك ,كان هناك من شاهدك بقلبه ووقف متحديا نظام منع التجوال وينادي عاشت تونس حرة وهو المواطن التونسي الذي استحق التقدير عبد الناصر العمري , بالفعل الثوار سمعوا وشاهدوا بعضهم بقلوبهم بإحساسهم الثائر وبرؤيتهم الوطنية وبتقديريهم لتضحيات شعبهم , وأناشد جميع جنودنا بالوطن العربي ان يصطفوا إلي خيار الجماهير وان ترتقي بمسؤولياتها الوطنية الي الوقوف أمام عظمة جماهيرها كما فعل الجندي التونسي , واتمني علي قناة العربية الفضائية ان تسلط الأضواء علي هذا الجندي كي يكون مثال يحتذي به لكافة جنودنا بالوطن العربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج