الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وسقط نظام بن علي الدكتاتوري الهش

عدنان يوسف رجيب

2011 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



شهدت المنطقة العربية وبقاع عالمية واسعة فرحا شعبيا كبيرا للإنتصار الذي حققه الشعب التونسي البطل في تتويج إنتفاضته المظفرة المستمرة لأسابيع عدة والتي لم تهدأ في كل مدنه وحواضره. ولعل يوم 14 يناير 2011 هو اليوم المعنوي للإنتصار. وصدقا فقد دعيت الإنتفاضة بالثورة، كون قطاعات واسعة من أبناء الشعب التونسي إشتركت فيها وبمطاليبها الثورية حقا في العمل والمساواة والحرية والديمقراطية.
لقد صعد المنفضون التونسيون ومن ورائهم الشعب وقواه الوطنية المشهود لها بالنضال ضد الدكتاتورية من مطاليبهم في حق العمل وإنهاء البطالة والفقر إلى المطالبة، بوعي، بالحرية للشعب والدمقراطية في الحكم، ثم إلى رفع شعار مطالبة السلطة، وراسها زين العابدين بن علي، بالمغادرة وترك الحكم للشعب. هذا هو الوعي والمسؤولية التي تحلى بها الشعب المنتفض وعرف فيهما طريقه. فالشعارات المطلبية الإقتصادية لوحدها سوف لا تحل مشكلة السلطة الدكتاتورية التي تجثم على الرقاب بقسوة وعنف، بل إن المطالب بشعاراتها السياسية ستكون جوهرية في هذه الحالة... إنهاء السلطة الجائرة نفسها... إنهاء الجذر الفاسد للبدء بالتوجه الإقتصادي الصائب.

لم يأسف على هرب بن علي أحد بل هللت الشعوب وفرحت لخواء وضعف السلطة ورأسها الذي أقام الدليل على بسالة وقوة بأس الشعب التونسي البطل. ولم نجد بين الحكام من جاهر بالدفاع عن المهزوم بن علي سوى معمر القذافي، وهذا له قصة أخرى سيذكرها التأريخ قريبا كذلك.

يعطينا المثل الرائع لإنتفاضة الشعب التونسي التأكيد على خواء وهشاشة الأنظمة الدكتاتورية التي تنتهي آنيا بزوال رأسها الدكتاتور. أمثلة حية في عداد ذاكرتنا الواعية، شهدت سقوط دكتاتورية الفلبين بهرب رأسها ماركوس الشرس الذي كان يوما ما قويا مخيفا، وسقوط شاه إيران المشين وتبخر أعضاء حزبه (الرايخاستاخيز) الذين قدر عددهم يوما بمليون عضو الذين ساموا الشعب الإيراني الظلم والضيم، وإنتهاء صدام حسين ودكتاتوريته المقيتة في لحظات ولم يستطع أعضاء حزبه البعثي الفاشي من الصمود والذين، كما تقول سجلات التسجيل، يقدرون بالملايين، وهرب غير مأسوف عليه مختفيا في حفرة ضيقة تقارب حجم القبر الذي نزل فيه فيما بعد، وكذا الأمر مع عيدي أمين وجاوجسكي وغيرهم من الدكتاتوريين الذين أذلوا الشعوب ولكنهم كانوا هم الأذلاء.
وها هو زين العابدين بن علي يتبع خطا زملائه الدكتاتوريون فيهرب مذعورا من ثورة الشعب وينهار حكمه بسرعة مذهلة والذي تسلط فيه لحوالي ربع قرن جند له المريدين والمرتزقة وشهر فيه كل أنواع القوة والجبروت لصيانة حكمه، لكنه ظهر خاويا مرعوبا مذعورا عندما تصدى له الشعب التونسي الباسل، وهرب بن علي لائذا بأي مكان يحميه من غضب الشعب، وإنهار معه حزبه (التجمع الدستوري الديمقراطي) الذي كان يحكم البلاد بالتجسس وبالمحسوبية والتسلط.

هذه دروس كبيرة للشعوب ينبغي إستتذكارها دائما لمعرفه كنه وقوام الدكتاتوريات ... إنها خاوية دائما ومرعوبة، بل وأكثر من كونها هشة مفتته من داخلها. فما أن يصمد الشعب تجاه شراستها وحديدها حتى تنهار من رأسها الدكتاتور ويتبعه الأذناب المرعوبين الذين كانوا يوما ما متغطرسين منحكمين لكنهم ضئيلون في داخلهم.

لا يصبح المسؤول دكتاتورا إلا حينما يفتقد لأبسط مقومات الإنسانية... تظهر له نزواته المريضة إنه يجب أن يطاع وإن أقواله حكم، وسقوطه النفسي يحيله إلى آله عمياء لا تعمل إلا بالقسوة والتسلط ويفتقد لمعنى الإنسانية ووجود الآخر، ويصبح ضحية الوهم في الثورة التآمر عليه، لذا يزيد الجور جورا والظلم ظلما والقساوة قساوة بدل مراجعة السلوك السلطوي وتعديله... ويحاول الدكتاتوريون الإستمرار بنهجهم المريض حتى بعد إنتهاء سلطتهم الظالمة. وشهدنا ذلك من التاريخ المرير للدكتاتوريين من أمثال صدام حسين و زين العابدين بين علي. وبعدما تسقط سلطتهم، وهروبهم المخزي.
وكما عمل صدام حسين بعد هروبه المشين حيث زود البعثيين وباقي المرتزقة بالأسلحة ووزعها في مناطق عديدة من العراق ليقوم هؤلاء بإستخدامها ضد أبناء الشعب العراقي قتلا وتفخيخا وتهديما للمصالح الحيوية. يثير الآن بن علي، بعد هروبه المذعور، المتاعب للشعب التونسي. فهو عبر إتصاله المباشر مع اعوانه ومريدوه يوعز لهم بإثارة الفوضى والإضطرابات في البلاد وإشاعة السرقة للمحلات التجارية وللبيوت وتحطيم ما يمكن تحطيمه منها، مزودا هؤلاء الأعوان بالأسلحة المختلفة قبل هروبه ومصدرا الأوامر لهم بتنفيذ إرادته هذه في حالة هروبه. لهذا شاعت الفوضى والإضطرابات في تونس، كما يوضح ذلك مزري حداد (ممثل تونس، المستقيل، في اليونسكو)، ويروم بن علي من ذلك إتباع سياسة الأرض المحروقة، كما يضيف مزري حداد. ويقوم الجيش التونسي للتصدي للميليشيات المسلحة الموالية لـ بن علي التي تقوم بجرائم السرقة والإعتداءات على المواطنين.
لا بد لنا ونحن نرى ثورة الشعب التونسي الجريئة من أن نحيي هذا الشعب البطل ونشيد فيه روحه الوثابة التي بدأ فيها صفحة جديدة من النضال غير المسبوق في المنطقة، حيث توج إنتفاضته بنجاح ثورة ستكون علما يحتذى به. ولا بد من الإشادة بالأبطال الشهداء الذين كانوا جذوة هذه الثورة الرائعة ويكون هناك مكانا واضحا للشهيد البطل محمد بوعزيزي الذي أشعل النار في بدنه الشريف ليدفع الإنتفاضة للأمام، وليس كثيرا عليه أن يعمل تمثال له على تضحيته.

ما يفرح الشعوب والقوى الديمقراطية العالمية هو النشاط السريع للقوى الوطنية التونسية في عملها المثابر للتكاتف فيما بينها وتوجهها لإقامة حكومة تحالف وطني، الذي سيثمر في الأيام القليلة القادمة كما يصرحون هم بذلك.

إن المهمة المنهجية الستراتيجية للتونسيين ولكل الشعوب هي الرؤية الواضحة في: الإنتصار على الدكتاتورية وليس فقط الإنتصار على الدكتاتور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |