الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قائد الثورة التونسية

زكرياء الفاضل

2011 / 1 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المعروف في التاريخ هو أنّ لكل ثورة جهة معينة تخطط لها وشخصية بارزة تقودها وجماهير ناضجة تلبي النداء، لذلك عملت وتعمل الأنظمة الرجعية والديكتاتورية على قمع واضطهاد كل التنظيمات السياسية المناهضة لسياساتها اللاشعبية حتى تنفرد بالجماهير الكادحة والمغلوب على أمرها وتفترس قوتها الانتاجية من دون رقيب أو محاسب. لكن ما حصل في تونس قلب كل الموازين والتحاليل بل جاء منافيا لكل الدراسات في العلوم السياسية. جماهير، دون قائد ولا سابق تنظيم أو تخطيط، تنتفض من حالها ضد الظلم الاجتماعي وتأبى التراجع أمام رصاص السفاح وتستمر في انتفاضتها بشعارات، في البداية اقتصادية محضة، ثم تطوّرها إلى سياسية خالصة أي الشعار المناسب في الوقت المناسب تماما كما قال لينين أيام ثورة أكتوبر الخالدة. أي حس سياسي هذا لدى الجماهير الشعبية؟ فلو قادها تنظيم معين لسلمنا بأنّ قادته سياسيون محنكون ويعون كل الوعي ما يقومون به، لكن ما رأيناه هو جماهير ثائرة، من دون قيادة سياسية على الأقل ظاهرة، تخوض معركة مصيرية تواجه فيها الرصاص بالشعارات والسخط الشعبي. ومع ذلك لا يمكننا أن نقرّ بعدم قائد لهذه الثورة المجيدة في وجه الطغاين والاستبداد.
هناك قاعدة فزيائية تقول: الضغط يولّد النفجار. فهل الضغط هو القائد؟ في اعتقادي لا، فالضغط كان الطاقة المحركة فقط، أما القائد فكانت البطالة والجوع واليأس وفقدان الأمل في المستقبل. هنا أكون قد خالفت صديقي ورفيقي عذري مازغ فيما ذهب إليه من رأي حول الانتفاضة التونسية، وليغفر لي صديقي ورفيقي عذري، الذي أكنّ له كل محبة وتقدير واحترام، على هذه الوقاحة من جانبي. فلأول مرة أخالفه الرأي مع أنّي أشاطره الرأي في مقاله "تونس والثورة الجديدة"، لكن وجه الاختلاف معه هو كوني أرى أنّ القائد ليس من الضروري أن يكون ماديا بل بإمكانه أن يكون مجازيا وهذا ما حصل في الثورة التونسية. المهم أن تكون ظروف الثورة جاهزة والشعب ناضج في غليانه. وهذه الحقيقة هي التي أخرصت الأنظمة العربية وجعلتها تفقد القدرة على الخروج بموقف رسمي تجاه أحداث تونس، لأنّها فهمت أنّ القمع لن يجديها والرصاص لن يحميها من غضب شعوبها، فهي الآن في حالة رعب وهذيان وتحاول الوصول إلى استنتاج يبقيها في السلطة ويبعد غضب الشعوب عنها. لكن الشعب التونسي أعطى انطلاقة، من حيث لا يعلم، لحركة التحرر من قيود بيادق الإمبريالية الرجعيين ولن تفيدهم الحيل والخدع. فالشارع الأردني دخل في الغليان والحراك الشعبي المصري بدأ يغلي تحت تأثير إلهام الانتفاضة التونسية المجيدة. وهناك شعوب أخرى تتربص الفرصة لتخرج إلى الشارع تعبيرا عن سخطها ورفضها سياسة التجويع والتفقير. لكن الأهم من الانتفاضات الشعبية هو كما قال لينين: ليس المهم أن تحصل على السلطة، المهم هو أن تحافظ عليها. للأسف الشديد بدأت بوادر فقدان الجماهير الشعبية التونسية السلطة تظهر، فهروب بن علي لم يغيّر شيء من الواقع إذ بقي نظامه متحكما في السلطة. سيجلب "بن علي" الجدد بعض الأطراف شبه المعارضة إلى السلطة وسيقدمون بعض التنازلات الطفيفة وستبقى دار لقمان على حالها إلى انتفاضة أخرى بعد نصف قرن آخر أو ربما قرن كامل، لأن الرجعية هي كذلك تستفيد من الأخطاء.
إنّ أكبر خطأ ارتكبته الانتفاضة هو توقفها دون خلع كل سلطة بن علي. المفروض كان تواصلها والمطالبة باستقالة الحكومة إلى أن ترضخ لإرادتها. أمّا وأنّها توقفت قبل القضاء على نظام بن علي بالكامل فخطأ استراتيجي مسئولة عنه الأحزاب البسارية في الدرجة الأولى. ومع هذا لازال الأمل حيا في حفظ الانتفاضة الشعبية من ابتلاع غول الرجعية لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في