الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة وبعث الخصوصيات السلبية المعرقلة

باسل ديوب

2004 / 9 / 30
العولمة وتطورات العالم المعاصر


من الصعب القبول بأن العولمة الأمريكية قدر محتوم لا فكاك منه وإن كنا نميل إلى عولمة بديلة تنشر قيم المعرفة وحقوق الإنسان بكل أنساقها على السواء ،السياسية والاقتصادية والثقافية، وتعمم المنتج الثقافي العالمي على أسس ديمقراطية،و تحترم جميع الثقافات الإنسانية ، قائمة على قواعد السلام والقانون الدولي والتوزيع العادل للثروة البشرية، والتعويض عن الفوات الحضاري الهائل للشعوب التي استُغلّت طويلاً ،وعاشت لقرون تحت السيطرة الاستعمارية النهابة ، والطريق على هذا الشكل العولمي البديل طويل جداً ،ولا بد أن تنتهي ببروز إرادة قانونية دولية عليا أكثر تجرداً وتتمتع بقوة الجبر والتنفيذ .
يزعم العولميون أن الهويات الوطنية يجب أن تسقط وتضمحل وتذوب في العولمة الموحدة للعالم في سبيل خلق هوية واحدة جديدة ، للوهلة الأولى نشعر بلبوس إنساني يغلف هذه الدعوة ،ولكن على أرض الواقع يجري العمل على إسقاط تلك الهويات المنتجة للتاريخ النابعة عن مفاهيم الوطن الدولة – الأمة (يوغسلافيا مثلاً) بشكل عسكري مباشر حين الاستعصاء وبوسائل الإعلام والبحث العلمي والهيمنة بشكل غير مباشر.
فرغم الديمقراطية والتعددية والاقتراع الحر، تكالب الغرب العولمي على هذه الدولة وتبنى تسعير وإنضاج هويات دينية وقومية لا تشكل خطراً وغير منتجة للتاريخ وسهلة الانقياد والخضوع للعولمة ،
إن الخصوصيات
المذهبية والدينية والإثنية والطائفية بما هي خصوصيات سلبية غير معيقة لا تشكل أي تحدٍ للعولمة فحسب بل تساعد كثيراً في تفتيت وإسقاط تلك المفاهيم الإيجابية واستنزافها (مع الاحتفاظ بنقدنا الجذري لتلك التجارب) بمواجهة ميول تذريرية ما كان لها أن تنبعث بهذه الحدة لولا الجهد الأمريكي السخي في( بعثها ) ،ونركز على البعث المرادف لكلمة (إحياء) التي شاعت مؤخرا في سورية ، وللدلالة العميقة على هذا النهج نستشهد بمؤتمر القاهرة للأقليات الذي شكل مرتعاً لبث الرؤى النظرية لهذا الخط ولتجنيد النخب بطرق حداثية ،
وهو ما ينصب على رميم تنفخ فيه الذات الأمريكية خالقة مسوخاً وكيانات هشة على أنقاض الدول والأوطان ، تدين بالولاء والوجود لأمريكا وترتبط معها عضوياً تبعاً لهشاشتها وضعفها .
شاع عندنا مؤخراً مصطلح سورية فسيفساء جميلة وهو مما لم نكن لنواجهه، لو إنطلق من نظرة تركيبية (مع التحفظ) لكن معظم القائلين به يرونه مجموعة من القوميات والاثنيات و الأديان والطوائف التي تفوق العشرات ويراد لها أن تنهض وتحصل على اعتراف قانوني بكيانها ولطالما هي لوحة جميلة فلماذا النظرة التفكيكية، و البحث في مكوناتها ناهيك عن مساواة جميع المكونات ببعضها البعض بغض النظر عن الهوية الأعم و الأشمل والتي تراكمت عبر قرون ووجدت تعبيرها الأكثر عصرنة في الانتماء العربي الذي تحول إلى المطلوب رقم واحد على اللائحة الأمريكية وهو ما عبر عنه رامسفيلد: على العرب أن ينسوا عبد الناصر والقومية العربية متزامناً ذلك مع الاعتداء على ضريح ميشيل عفلق أحد مؤسسي حزب البعث وتسويته بالأرض.
لا ننطلق من رفضنا لهذا (المس الوطني ) إلا من موقع المدافع عن
الحقيقة ونقد التجربة القومية، وبالأخص تجربة البعث التي برغم كل أخطائها الهائلة تفوق في تقدميتها وحداثتها نظرياً وتطبيقاً على أرض الواقع ، الدعاوى التي يلهج بها كثير من ركاب الموجة الديمقراطية في بلادنا فرغم تشدقهم بالعلمانية نراهم من أكثر المواطنين الذين يحضر لديهم المصطلح الطائفي وحتى التحليل الطائفي، فأحدهم يتحدث عن (الكانتونات السورية اللا متحدة) ويسهب في تعداد المكونات القومية والاثنية والمذهبية ولو سألت مواطناً لا على التعيين أو أجريت مسحاً على عينة عشوائية من المواطنين عن الإنتماءات التذريرية التي أحصاها لتبين قصور معرفة معظمهم بهذه الانتماءات و الناتج طبعاً عن غياب التفكير بهذه الترهات وعدم حضورها القوي في تفكيرهم ، على عكس تلك النخب التي يحضر هذا الهاجس لديهم بقوة ،لا يهمنا كثيراً ارتباط هذه الميول الجديدة لدى هذه النخب بما يخطط عولمياً أو عدم ارتباطه ، ولا ندعو إلى التضييق عليهم بل إلى إفساح المجال لهم للتعبير تماماً عن هذه الآراء وفي ذلك
عامل مهم لبلورة الوعي الوطني بمواجهة هذه الدعوات المشبوهة، وتحصين النسيج الوطني السوري بقدرات المواطنين والنخب الثقافية الواسعة والغير ملوثة التي ستُصقل أكثر بهذا التحدي الذي تفرضه هذه الدعوات ، وستتخذ مواقفها على أساس الوعي الايجابي المنجز القادر على طرح مفاهيمه الوطنية بقوة والدفاع عنها بأدوات تفكير منطقية و حداثية، بدلا من لغة التخوين وترديد الشعارات المجوفة وترك الجو لهؤلاء مستغلين ضيق الفضاء الديمقراطي في سورية واتساع الفضاء الإعلامي خارجها وحنق المواطنين الذي تؤججه بعض الفضائيات ، وشعبنا لديه من النخب والعفوية الوطنية ما يؤهله للسجال الفكري وقطع الطريق على هؤلاء ومحاصرتهم في جلساتهم الخمرية !!!!!!!
إن خروج الأغلبية الصامتة عن صمتها و التي تظنها السلطة عطالة هامشية قد تنقلب إلى الخندق المعادي!!! فتمعن في تهميشها يتطلب الإسراع بالإصلاح الديمقراطي ولن يكون المستقبل بعد التحول الديمقراطي إلا لسورية الحرة الصامدة المدافعة عن حقوق الأمة .فمن كان عصياً على الأمريكيين منذ ما بعد الاستقلال سيبقى كذلك بقوة شعبه المتمتع بحقوقه الدستورية المشارك بفعالية في الحياة السياسية .
الزمن لا يرحم والجغرافيا العربية تتفتت وتنكمش
– ناشط طلابي مناهض للعولمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -دبور الجحيم-.. ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران


.. رحيل رئيسي يربك حسابات المتشددين في طهران | #نيوز_بلس




.. إيران.. جدل مستمر بين الجمهوريين والديموقراطيين | #أميركا_ال


.. مشاعر حزن بالفقدان.. إيران تتشح بالسواد بعد رحيل رئيسها وتبد




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة بيت لاهيا