الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الياسمين في تونس الحمراء

رزاق عبود

2011 / 1 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد شهر من المظاهرات، والمواجهات، والمسيرات، والاضرابات، والضحايا من شهداء، ومصابين، ومعتقلين، ومطاردين احتجاجا على ظلم طاغية دام ثلاثة وعشرين عاما، حكم البلد بالحديد والنار. حكمه قام على انقاض عهد رجل مريض لنظام مريض. الاول حكم البلد باسم الاستقلال وتحكمه زوجته دليلة. والاخر حكم باسم التغيير والتجديد، وتحكمه زوجته ليلى. ليس انتقاصا للنساء، ولكن للتاكيد، ان للظالمين دائما عقدة نفسية تحب التسييد لانها مسودة، ولعبة بيد من هو اقوى.العهد الاول عهد ابو رقيبة كان مساومة مع الفرنسيين، كي لاتاتي قوى اليسار، وكي يقف بوجه تيار عبد الناصر القومي. وهكذا استمر حكم فرنسا بصورة اخرى. ولكي لاتحصل ثورة شعبية، وهبة جماهيرية بعد ان بات بلد مثل تونس تحكمه مومياء في المستشفى. قررت فرنسا، مرة اخرى، ان تسد الطريق فجاء بن علي. ولما وصلت تونس الخضراء حد المجاعة في حين تعيش العائلة "المالكة"، والسياح الاجانب في فيض من البذخ، والرفاهية، والترف. مرة اخرى تعاونت فرنسا وقوى من داخل النظام كي لايحصل المحظور، ان تصل قوى اليسار بقوة الثورة الى السلطة، فتفضح،عن غير قصد، العمالة الكاملة لنظام بن علي الذي دعمته كل دول اوربا الراسمالية. ومرة اخرى مثلما اجهضت ثورة14 تموز في العراق، ومثلما سرقت ثورة الشعب الايراني 1979. فان الخوف الان، ان تسرق تضحيات الشعب، وبطولات الشباب، وبكاء الامهات، وعويل الثكالى. وباسم التعقل، والموضوعية، والفترة الانتقالية تسرق ثورة الياسمين التي انطلقت وامتدت في كل قرى، ومدن، واحياء تونس. الشرطة لازالت قوية، ومتماسكة، وعادت لاطلاق النارعلى المتظاهرين، لانهم يريدون التغيير الجذري، وليس الشكلي. ستاتي المعارضة الشكلية لتحكم لصالح حزب بن علي حتى يستعيد لملمة صفوفه ويوجه ضربته باسم التغير، باسم التجديد، باسم الحفاظ على الثورة! وربما يعملون على افتعال الخصومات بين الاحزاب، والقوى الشعبية المعارضة الفعلية، التي قادت الثورة، ولم تحصل الا على ثلاثة مناصب وزارية. كل شئ بقي بيد الحزب الحاكم حتى رئيس الوزراء، صاحب نفس تاريخ سيده وزيرا سابقا للامن، والداخلية، ومساهما في بطش الجماهير. اوربا، وامريكا ستوافق بحجة: "افضل من استلام الاسلاميين للسلطة"، وكانه لا يوجد في الشارع التونسي غير الاسلاميين. وقد كان دورهم هامشيا جدا في الاحداث الاخيرة. فهي ثورة عفوية شبابية ساخطة لم تفكر بحزب، او دين، او ايديلوجية. لكن قوى اليسار والديمقراطية تقدمت، وبادرت لتتصدر الثورة الشعبية فنالتها الاعتقالات. اكثر ما يخيف الان، هو ان يركب السياسيين التقليديين المركب الذي اعده لهم النظام السابق بالتعاون مع فرنسا ويبدؤون(بدؤوا) باطلاق الرصاص على الجماهير التي حملتهم الى السلطة. بالضبط كما حصل في ايران الخمينية، والعراق في ظل دولة حزب الدعوة الحالي. وكما حصل سابقا في بلدان عدة. وستتعاون كل الدول المجاورة، وكل الدول العربية لفرض بديلها، لابديل الجماهير، تمهيدا لعودة الديكتاتور، كي تحبط من عزيمة الجماهير المتحفزة في البلدان التي تحركت فيها مظاهرات مشابهة. وكما سرقت القوى الفاشية، والقوى الدينية الظلامية فرحة العراقيين بعد سقوط الصنم، فان نفس السيناريو قد تكرر ومن نفس القوى المشابهة: نهب، سلب، قتل، اطلاق الرصاص، تخويف، تخريب، حرق، عصابات...الخ..الخ. فهذا النظام الذي ابتدا من الاستقلال 1956 وحتى هروب بن علي لن يستسلم بسهولة مالم يتم تطويرالثورة على طربقة ثورة اكتوبر. والا فستسقط كما سقطت ثورات اخرى، او في الاقل ستسرق كما سرقت كل الثورات. ولابد من التذكير، ورغم الصورة السوداوية، والماساوية، والحذر، والقلق المشروعان، من انه ليس صدفة، ان تنطلق هذه الهبة في بلد الشاعر الذي صرخ في بداية القرن الماضي
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر

كما انطلقت قبلها ثورة 14 تموز في بلد الجواهري الذي قال باسم الشعب: "انا باق واعمار الطغاة قصار". حتى ولو استمرت اكثر من عشرين سنة في حالة بن علي، واكثر من ثلاثين سنة في حالة صدام حسين.
فلابد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر
ولكن حذارى من عودة الليل، ومن اعادة شد القيد. وعندها قد يصبح التوانسة على وطن اسوء، وليس على وطن اجمل كما هتف احد الشبان المتظاهرين في ساحات تونس الثائرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية: مراكز الاقتراع تفتح أبوابها و


.. مناظرة رئاسية اقتصرت على الهجوم المتبادل




.. تباين كبير بين ردود فعل مؤيدي بايدن وترامب


.. استطلاع يرجح أن دونالد ترامب هو الفائز في المناظرة الأولى




.. صدمة في أوساط الحزب الديمقراطي من أداء بايدن في المناظرة