الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصحة التعاضدية المتعددة الاختصاص للتربية الوطنية بالبيضاء:مؤسسة طبية أم مخفر لجلد المرضى؟

صالح اهضير

2011 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لن نتناول بالحديث في هذه الورقة ما يتعلق بغياب بعض التجهيزات الضرورية وكذا النقص الحاصل في بعض متطلبات العلاج في هذا المشفى التعاضدي بزنقة مردوخ،ولن نتطرق بالتالي لشؤون الأطر العاملة،فلذلك حديث آخر يطول؛وإنما سيقصرحديثنا حول جانب من العلاقات الإنسانية كالناحية التنظيمية والسلوكية في التعامل مع حشود المرضى،ومدى توفر الاجواء الملائمة للاستطباب..
ما أن تلج بوابة المصحة حتى تستقبلك وجوه عابسة تطالبك،دون النظر إليك،بالإدلاء بنسخ من بطاقة التعاضدية،التي يصح في الواقع تسميتها ببطاقة الاحتياج،مطابقة مع مقتضى الحال،وذلك بغية إعداد ملف خاص،على ضوئه تتم عملية الفحوصات أو الإيواء.
بداخل القاعة الكبرى،في الطابق الارضي،تنتظر دورك لمقابلة الطبيب الفاحص الذي سيحيلك على الطبيب المختص،غير ان انتظارك،من حسن الحظ وسوئه معا،لن يدوم طويلا،لأن عملية الفحص الاولي هذه تمر بطريقة"كوكوتمينوتية"..مجرد قياس للضغط وسؤال يتيم في الوقت ذاته عن موضع الالم بعد استرخاء طفيف فوق السرير،ولن يسمح لك أبدا بالدخول في التفاصيل لإعطاء معومات كافية وضرورية لتكوين نظرة فاحصة عميقة حول المرض،مما سيساعد بالتالي على توجيهك التوجيه الدقيق والصائب إلى التخصص الملائم؛على إثر ذلك ينتابك شعور بالتدمرفيزاد ضغطك الدموي ارتفاعا فتسقط المصداقية عن عملية هذا الفحص الاولي..
داخل قاعة الفحص الضيقة والغاصة بالممرضات،تودي واجب الفحص وتبحث عن المخرج فلا تجد له سبيلا ولا آذانا صاغية ،لأن الكل منشغل بآخرين من الزوار الجدد ينبغي أن يمروا من نفس المرحلة لإنهاء عملية الفحوصات في أقرب وقت ممكن،ولا عبرة بعد ذلك بالحكمة القائلة"في العجلة الندامة".وإذا وقعت في متاهة وتأخرت غصبا عنك عن الخروج من هذه القاعة العجيبة التي تفضي إلى قاعات أخرى أضيق منها،تلقيت على التو إشارة صارمة تأمرك بمغادرة المكان فورا.
في أحد طوابق مبنى المصحة،أكداس مكدسة من الزوار..أغلبهم من مناطق نائية،من ربوع المملكة،امتلات بهم صالات الانتظارعن آخرها،مما اضطر البعض إلى الجلوس في الممرات الضيقة فوق كراس بلاستيكية بيضاء،وآخرون جلسواالقرفصاء،وغيرهم اضطر إلى الوقوف،كما لو ان الجميع بداخل مخفرللأمن..
والمثير للانتباه هو مشهد ممرضات وبضعة ممرضين يذرعون المكان ذهابا وأيابا،يحملون ملفات حمراء أو أجهزة طبية أو يدفعون أمامهم عربات فوقها مرضى..معظمهم يمرون أمامك دون أدنى التفاتة لصراخ طفل وأنين حامل،وحشرجة شيخ يتلوى..
الجميع ينتظرون دورهم لإجراء فحص لدى الطبيب المختص الذي قد يأتي ولا يأتي،فإن هوأتى،ربما كان ذلك بعد ساعات طوال،وإن هولم يأت،كان عليك ان تستجمع شتاتك إلى الحصة الموالية بعد يومين أو ثلاثة مادامت الجدولة الزمنية للفحوص لكل طبيب تتم مرتين في الاسبوع..
عند حضور الطبيب ينادى على من اتى دوره من بوابة العيادة،دون ان يكلف المنادي نفسه عناء التنقل إلى قاعة الانتظار الموجودة هناك بعيدا في غور نهاية الممر،وقد لا ينتبه المعني للنداء فتضيع فرصة الفحص في ذلك اليوم.
تمر عملية الفحص هذه كسابقتها في المرة الاولى بطريقة:"برق ما تقشع!"،على حد تعبير اللسان العامي المغربي.وإذا انت حاولت استفسار الطبيب عن أحوالك المرضية وأطلت في السؤال،بدا غيرآبه،وربما نهرك قائلا:"ليس لدينا وقت كاف للحديث.."؛وإن أنت ألححت مدليا أمام أنظاره بتحليلات ووصفات طبية سابقة،دعاك للتفضل بزيارته في عيادته الخاصة لتعميق عملية الفحص..
أحيانا ما تضيع ملفات المرضى نتيجة إهمال أو سهوأو نسيان،في غياب عمل تنظيمي إداري محكم،فيضطر المريض مستاء إلى الادلاء بالوثائق المطلوبة مرة اخرى للحصول على ملف جديد؛لأن ضياع ملف هنا يعني الحرمان من الاستطباب أو استكمال مستلزماته..
هناك مرافق طبية تابعة لهذه المؤسسة الاستشفائية،منها مختبر التحليلات الطبية الموجود على بعد خطوات منها.يغص كل صبيحة من أيام العمل بالزوار،حيث تمر عملية أخد العينات الدموية بالسرعة المعهودة،لكنها لا تخلو من استفزاز وكشر للأنياب..
إن رجل التعليم هنا ياتي مكرها بعد أن ضاق ذرعا بالمرافق الصحية التابعة للدولة،حيث لا أطروأجهزة كافية،إن لم تكن معطلة،ولا دواء متوفر،ولا تعامل أخلاقي.وحينما يحل في نهاية المطاف ضيفا على الماوى العلاجي لتعاضديته،تصدمه نفس المعاملة،كما لو انه جاء يستجدي هؤلاء وأولئك،مطالبا بالاستطباب أوالإقامة المجانيين،والحال انه يدفع مقابل ذلك من عرق جبينه فاتورة باهضة كل شهر،مريضا كان او معافى.
إنها مفارقة عجيبة حقا!..فالمفروض بادئ ذي بدء أن يكون اسم هذه المؤسسة الاستشفائية التابعة لتعاضدية رجال ونساء التربية والتكوين،اسما على مسما،وإلا كيف يمكن تفسير مواجهة هؤلاء بالتحقير والاهانة والتماطل بعد أن أفنوا زهرة شبابهم في تكوين وتعليم وتخريج هذه الاطر الطبية ذاتها؟!..واين هو أثر ومفعول هذه التربية والتكوين؟؟
وصفوة القول ان على هذه المؤسسة الطبية ان تعيد النظر في تسيير شؤونها من حيث تنظيم و تخليق الحياة بداخلها،وذلك في تعاملها مع الزائرين من المرضى والمقيمين بها للاستشفاء حتى لا يزداد مرضهم مرضا فيستعصي العلاج وتضيع الفرص.وانتقادنا وعتابنا موجه هنا على الخصوص إلى من بيدهم مفاتيح الحل والعقد..على انه لا ينبغي ان نغفل أو ننسى أن في هذا المشفى التعاضدي ثلة ممن يعملون جاهدين،رقيبهم في ذلك ضميرهم،يخشون محاسبته وتأنيبه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح