الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم العربي بعد الإنتفاضة التونسية

وصفي احمد

2011 / 1 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


العالم العربي لعد الإنتفاضة التونسية
يمكن تصنيف الأنظمة العربية إلى ثلاثة أصناف , الأول يكثل دولة العشيرة التي تم تأسيسها من قبل الدوائر الإستعمارية البريطانية في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين , عندما كانت بريطانيا تعتبر الدولة الأعظم في تلك الحقبة الزمنية , مثل النظام السعودي و سائر دول الخليج العربي . و على الرغم من المبالغ الهائلة التي تجنيها هذه الأنظمة من مبيعات النفط لكنها تعاني من مشاكل اجتماعية كبيرة , كانتشار المخدرات و غيرها من الظواهر السلبية , بسبب حالة الإحباط التي تعانيها مجتمعاتها و خصوصا الشباب نتيجة الإستبداد و سيطرة العوائل الحاكمة على مقدرات البلاد خصوصا في المجالات الإقتصادية . و هذه ينطبق بشكل كبير على السعودية التي أيضا من تمييز طائفي لسيطرة الفكر السلفي فيها , وهو فكر يرفض الآخر حتى و إن كان ضمن دائرته المذهبية , ناهيك عمن يخالفه في التوجه , و في نفس الوقت أدت سيطرة هذا الفكر إلى أنتشار التطرف في المجتمع السعودي بشكل واسع حتى أنه تحول إلى مصدر قلق للسلطات السعودية و غيرها من دول المنطقة .
أما الصنف الثاني فيتمثل في بقايا الأنظمة الملكية التي تشكلت في أعقاب الحرب العالمية الأولى , مثل النظام الأردني و المغربي . و على الرغم من بعض الإصلاحات السياسية التي أدخلت على هذين النظامين بعيد إنتهاء الحرب الباردة مثل السماح بالتعددية الحزبية لكنها تظل شكلية أكثر منها حقيقية و الإقتصادية و بشكل خاص في جذب الاستثمارات الأجنبية التي فشلت في تحقيق الرفاه الاقتصادي للجماهير نتيجة لعدم بقاء الموارد المالية داخل البلاد بما لا يسمح في تراكم رؤوس الأموال اللازمة لإدامة عجلة التنمية لذلك فقد ظلت الطبقاة المسحوقة تعاني من فقر مدقع و بطالة مستشرية بالشكل الذي يساهم بزيادة التذمر الجماهيري و إن كان غير ظاهر بشكل كبير للعيان .
بينما يمثل النوع الثالث بقايا الأنظمة التي تشكلت بعد الإنقلابات العسكرية في عدد من الدول العربية أيام تصاعد المد القومي العروبي في خمسينيات القرن الماضي, كما هو الحال في سوريا و مصر و ليبيا و نظام زين العابدين بن علي المخلوع في تونس . و تمثل هذه الأنظمة نموذجا مستنسخا لنظام الحكم الستالين الذي ساد في الإتحاد السوفيتي السابق و دول أوربا الشرقية , بهذه الدرجة أو تلك , من حيث سيادة نموذج رأسمالية الدولة في المجالات الإقتصادية , في حين ساد القمع الشديد و تكميم الأفواه تجاه القوى السياسية المعارضة . و قد أدت هذه السياسات إلى إرتفاع مديات الفساد المالي خصوصا في صفوف الطبقة الحاكمة لعدم وجود القدرة على محاسبتها و إرتفاع حدة التذمر الجماهيري و التراجع الإجتماعي و الثقافي الذي ساد المجتمعات في هذه الدول مما أدي إلى اتشار الأفكار الإسلامية الإصولية التي ساعدت على نمو التطرف الأسلاموي بالشكل الذي كاد أن يزعزع الأستقرار فيها كما حصل في الجزائر و مصر في تسعينيات القرن الماضي و بدرجة أقل في تونس .
و على الرغم من التحسينات التي أدخلت على هذه الأنظمة في مجالات الحياة المختلفة سياسيا و إجتماعيا و إقتصاديا نتيجة للضغوط الداخلية و الخارجية , لكن هذه التحسينات تظل محدودة بسبب سيطرة الأحزاب الحاكمة و التضييق على المعارضة عن طريق منعها من مد جسور التواصل مع الجماهير و قدرة هذه الأحزاب الحاكمة على إدامة سيطرتها على مقدرات بلدانها لما تملكه من قدرات مالية سلبتها من موارد دولها تمكنها من شراء الذمم و تغطية نفقات حملاتها الإنتخابية و تفننها في تزوير الإنتخابات .
كل هذه العوامل و غيرها ساهمت في زيادة حدة التذمر الجماهيري في عموم هذه البلدان لكنها كانت الأقوى في تونس لعوامل عديدة أهمها وجود أعداد كبيرة من المثقفين التحررين مما ساهم في نضج الضروف الموضوعية للقيام بالانتفاضة التونسية التي حصلت قبل أيام و التي أجبرت رأس النظام على الفرار إلى خارج البلاد على الرغم من الإجراءات القمعية التي جوبهت بها الإنتفاضة لكنها لم تستطع حماية الدكتاتورية من الإنهيار لأن الأوضاع كانت قد وصلت إلى نقطة اللاعودة .
بالتأكيد فإن ما جرى في تونس ستمتد أثاره إلى بقية البلدان العربية خصوصا بالنسبة لليمن لما تعانيه الجماهير هناك من ضروف متردية خصوصا في المجالين الإقتصادي و الإجتماعي المتمثل في اتنشار تنظيمات القاعدة و التشدد الحوثي الذي أدت الأحوال الإقتصادية و السياسية إلى انتشاره بهذا الشكل . و هذا الأمر لابد و أن يرعب الأنظمة العربية التي باتت تفكر في منع وصول الإنتفاضة إلى أراضيها لذلك أخذت تفكر في إحداث بعض الإصلاحات الطفيفة في مختلف المجالات .
لكي تتحول الأوضاع التي حصلت في هذا البلد الأفريقي الفقير إلى بؤرة جذب للجماهير في مختلف بلدان المنطقة لابد من وصول الإنتفاضة إلى نهايتها المتمثلة في منع عودة البرجوازية للسيطرة من جديد على مقدرات البلاد , و هي تحاول الأن جاهدة لتحقيق ذلك من خلال الوعود المعسولة التي تطرحها لإجهاض الثورة مثل تحقيق نظام ديمقراطي على الطراز الأوربي و السعي إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لامتصاص البطالة المستشرية و غيرها من الإجراءات العقيمة . و لتحقيق هذا الهدف لابد من سيطرة القوى السياسية و الإجتماعية التي تمثل المحرومات و المحرومين التوانسة حتى يتسنى للمجتمع التونسي تحقيق أهدافه في الرفاه الاقتصادي و المساواة التامة بين الجماهير في توزيع الثروات بشكل خاص , عندها ستتطلع عيون مواطنات و مواطني بقية دول المنطقة بالشكل الذي يدفعها إلى خوض غمار المعركة مع أنظمتها المستبدة لإسقاطها و تحقيق البديل الأمثل لتحسين أوضاعها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟