الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تقود تونس الموجة الخامسة للديموقراطية فى المنطقة العربية؟.

مجدى خليل

2011 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


عندما كنا نكتب توقعاتنا بالنسبة لوضع المنطقة عام 2011 لم يخطر فى حسباتنا الوضع التونسى، كل المؤشرات كانت تقول أن مصر ولبنان وإيران والسودان والعراق واليمن مناطق ملتهبة ، وكلها تتمخض بأحداث جلل عام 2011. الكل يعلم أن نظام بن على هو نظام بوليسى يحكم بالحديد والنار، وتقارير المنظمات الحقوقية تشهد على قسوة هذا النظام، والكل كان يعلم بمدى الفساد العائلى فى تونس،ومدى جشع زوجته الحالية وأسرتها، ولكن فى المقابل فأن تونس تتمتع باكبر طبقة وسطى فى المنطقة العربية كلها، وبمتوسط دخل فرد معقول جدا بالنسبة لظروفها، وبمعدل تنمية محترم، وتعليم أرقى،وبإنتاج وانفتاح فكرى متميز، وأقتصاد سوق متطور ومنفتح، وحقوق اجتماعية متقدمة عشرات السنيين عن مجتمعها العربى والإسلامى. إن ما حدث فى تونس كان مفاجئا لى على الأقل، واعتقد أن الكثيرين يشاركوننى هذا الموقف. أن ما حدث فى تونس حمل شعارات الثورات الكبرى ( خبز وماء وحرية وكرامة)،ولكن فى تقديرى أنها فى الأساس انتفاضة على الفساد والإستبداد يمكن أن تلحق بالموجة الرابعة للديموقراطية أو بالثورات الملونة كما حدث فى صربيا وجورجيا واوكرانيا.
والمعروف أن دارسى التطور الديموقراطى فى العالم يقولون بأربعة موجات من الديموقراطية اجتاحت العالم، وفى أعقاب كل موجة تزداد عدد الديموقراطيات سواء الديموقراطيات المكتملة أو الناقصة، المهم إنه عقب كل موجة يحدث تغير إيجابى تجاه زيادة عدد الدول التى تثور على الاستبداد وحكم الفرد المطلق.
الموجة الاولى استمرت من عام 1828 حتى عام 1926. والثانية من عام 1943 وحتى عام 1964 والتى جاءت كنتيجة للتغيرات المصاحبة للحرب العالمية الثانية. الموجة الثالثة بدأت عام 1974 وهو عام أسقاط الحكم العسكرى فى البرتغال. والموجة الرابعة جاءت عقب تفكك الاتحاد السوفيتى السابق لتدخل فى منعطف آخر بعد أحداث 11 سبتمبر وتبنى الولايات المتحدة، بوضوح واحيانا قسريا، دعم التحول الديموقراطى والذى انتهى كما قلنا بالثورات الملونة، وكان من المأمول والمخطط له أمريكيا أن تلحق المنطقة العربية بهذه الموجة عبر غزو العراق وتقديمه كنموذج يتبعه تغييرات أخرى عبر الدومينو الديموقراطى العربى، ولكن التجربة الأمريكية فشلت فى العراق وتركت نموذجا مشوها أقرب إلى الثيئوقراطية الطائفية.المعروف أن الدول العربية تكاتفت لإجهاض التجربة العراقية وحولت أرض العراق إلى جمهورية الموت عبر تصدير الإرهابيين والقتلة والمخربيين، كما تركت اقلامها الرسمية تهجو الديموقراطية المستوردة وتتغزل فى خصوصية التجارب العربية التى حافظت على الاستقرار.
فهل لحقت تونس بالموجة الرابعة للديموقراطية عبر ثورة الياسمين التى تتماهى مع تجارب الثورات الملونة؟،أم أن التجربة التونسية ستفتتح الموجة الخامسة للديموقراطية والتى ستلحق دول المنطقة بقطار الديموقراطية حتى ولو كان متأخرا بعض الشئ؟.
الحقيقة ان الإجابة على هذه الأسئلة سيتوقف على النهاية التى ستنتهى بها التجربة التونسية، فهناك محاولات متعددة لاختطاف التجربة التونسية وتحويل مسارها وإجهاض ثمارها.
فهناك المحاولة الإسلامية للقفز على الثورة وقطع زهرة الياسمين وترك الأشواك للشعب، وقد دخلت قناة الجزيرة بزعامة القرضاوى بمدفعيتها الثقيلة فى أتجاه تحويل المسار لخلق دولة إسلامية فى تونس تنقض على تراث بورقيبة وعلى تجربة تونس الرائعة فى هذا الاتجاه.. وفى النهاية فأن طريق الجزيرة والقرضاوى وراشد الغنوشى لن يحقق للتونسيين لا الكرامة ولا الحرية ولا الخبز،بل سيجردهم من مكتسبات بورقيبة بدون أن يقدم لهم سوى أمتلاء الشوارع باللحى والمحجبات.
وهناك المحاولة العربية لإجهاض التجربة التونسية والسيطرة عليها بل وعودتها لنقطة الصفر مرة أخرى، وتتزعم هذا الاتجاه ليبيا ومصروالسعودية، وقد خرج وزير الخارجية المصرى، المكروه من شعبه، أحمد ابو الغيط ليقول بأن لكل بلد تجربته الخاصة وتونس تختلف عن مصر،أى عادوا ليكرروا الكلام الممجوج الذى كانوا يقولونه عن أمريكا وعن خصوصية الديموقراطية وكأن تونس بلد خواجات وليست دولة عربية ومسلمة!!، بل وصل الأمر أن السعودية تعلن أن بن على محروم عليه ممارسة السياسة ومع هذا تسمح له بإجراء مشاورات سياسية من مقره فى جدة ليس فقط مع القذافى بل مع رئيس الوزراء محمد الغنوشى، كما أعلن هو بنفسه أنه اطلعه على التطورات فى البلد!!!، فماذا يعنى هذا؟.
وهناك محاولة وجوه النظام السابق بإختزال الموضوع فى تغيير رأس النظام وأفراد عائلته مع بعض المحاكمات التجملية لبعض الفسدة من عائلة الرئيس السابق، ولكن مع أستمرار شكل وطبيعة النظام ، وهى محاولة للسطو على الثورة وتحويل الأمر إلى انقلاب قصر، وكأن المشكلة كانت فى الرئيس السابق وعائلته وليس فى الاستبدا والفساد كأمراض للحكم.
وهناك محاولة القوى المخربة الموالية للنظام السابق مع مليشيات وعصابات قادمة من الخارج، كما قالت لى أكاديمية صديقة تونسية انها مرسلة من ليبيا، لنشر الفوضى والنهب والسلب والرعب فى أرجاء تونس لإظهار أنتفضات الشعوب على حكامها وكأنها فوضى ستؤدى إلى خراب البلد.
وهناك احتمال أن يتدخل الجيش فى النهاية ليحسم الصراع بين المحاولات المختلفة ويحول تونس إلى شكل آخر من النظم العسكرية الواضحة أو المستترة.
أما السيناريو الأمل فهو الحفاظ على مكتسبات بورقيبة مع تفكيك مؤسسات الاستبداد وأركان النظام البوليسى الذى زرعه الرئيس السابق ومحاكمة كل الفاسدين، ونزع حق الشعب منهم بما فى ذلك مصادرة هذه الأموال المنهوبة ومحاولة استرجاع الأموال المهربة، وبناء دولة مؤسسات حقيقية قائمة على حكم القانون والحريات والشفافية وتبادل السلطة والتعددية الحزبية الحقيقية والعدالة الاجتماعية... وفى هذه الحالة نقول أن تونس لحقت بالموجة الرابعة للديموقراطية، وربما تكون نموذجا ملهما وتقود المنطقة كلها إلى الديموقراطية... ووقتها سنقول أن تونس استهلت الموجة الخامسة من الديموقراطية.
ويبقى السؤال لماذا حدث التغيير فى تونس رغم كل التوقعات كانت تشير إلى مصر؟.... هذا ما سوف نتناوله فى المقال القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق.
موسي سوف الجين ( 2011 / 1 / 21 - 17:00 )
لم افتقدك كثيرا فقد كنت متابعا لحضورك التلفزيوني القوي عقب النكبة السوداء التي تعرض لها الاقباط الذين ذبحوا وفق قواعد الشريعة السمحاء داخل كنيسة القديسين رغم ان الديماغوجيا السمجة التي اعتدنا اكاذبيها المملة قد اختارت وثنا من تمر وهو الموساد لكي تطعمه للضحايا واقربائهم وهي تدرك انهم لن يأكلوه.اشاركك القلق علي مصير الثورة التونسية خاصة من اولئك الذين تفيض مساماتهم وخلاياهم بغبار القرن السابع وهذيانه وسيوفه.وعندها سيكون الانجاز البورقيبي العظيم قد دفن نهائيا تحت النقاب والحجاب واللحية المهددة لسلام العالم وهذا ماتتمناه وتسعي اليه الجزيرة السلفية وشيخها الابدي الذي اصبح (تروتسكي)الثورة وباقي المذيعين البررة وضيوفهم (الكرام) .انتظر المزيد من كتاباتك الرائعة ...تحياتي


2 - قراءه واعيه ومدركه للواقع
محمد حسين يونس ( 2011 / 1 / 21 - 17:28 )
خساره يا استاذ مجدى أن يتحول الزيتونه لازهر وتساق التونسيه العصريه بكرباج البشير.. خساره ان يعود تعدد الزوجات وتطبيق الشريعه في الميراث وعدم احترام شهاده الوزيره لانها امراه ..ولكن هذا الشعب الاكثر تحضرا في المنطقه بعد اسرائيل ولبنان.. لن يستسلم لرنات الريالات الذهبيه انه شعب يعرف كيف يكسب قوته باسلوب متحضر من عائد عمل وليس ريع النفط ..ارجو ان يصمد

اخر الافلام

.. 10. June 2024


.. الانـتـخـابـات الأوروبـيـة: مـن سـيـحـكـم فـرنـسـا؟ • فرانس




.. -صفعة- عمرو دياب تتصدر المشهد وليدي غاغا تنفي شائعة حملها..


.. هل تكون مقامرة ماكرون.. جائزة لبوتين؟| #التاسعة




.. صفعة عمرو دياب.. بين القضاء وتوقعات -ليلي عبد اللطيف-!| #منص