الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن الحق في الاحتجاج

وديع السرغيني

2011 / 1 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


دفاعا عن الحق في الاحتجاج
وهو موضوع الندوة التي نظمها فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطنجة يوم الجمعة الفارط بتأطير من رئيسة الجمعية "خديجة الرياضي".
وكان لا بد أن ندلي بملاحظاتنا حول سير النقاش الذي رافق الندوة بحكم العادة التي تكرست من خلال هذا الشكل من الندوات، التي إن صح القول، يمكن تسميتها بالخطب العصماء، التي لا دور ولا مهمة لها سوى الدعاية والنشر للمواثيق والعهود الدولية المقدسة التي لا يجب الكفر بها.
فبعد إلقاء الخطبة التي دامت زهاء الساعة من الزمن، اجتهد منظمو اللقاء بتحديد دقيقتين للمداخلة بشكل مسبق، وبدون علم بعدد المتدخلين، وهو تدبير فريد من نوعه يبدي عن عدم رغبة المنظمين، في التداول حول قضايا مصيرية تهم جميع قواعد الحركة الاحتجاجية وليس الجمعية وفقط.
وقد تبين ذلك بشكل جلي حين أبدى بعض أتباع وأنصار الجمعية عن تشبثهم بحصر النقاش في دقيقتين بالرغم من عدم تقدمهم لطلب التدخل والنقاش، وهو سلوك إقصائي حقير، ينم عن رؤية ترفض النقد والاختلاف من داخل جمعية تدعي الدفاع عن حرية التعبير والرأي والتفكير..الخ
لقد تزامن النقاش مع فرحة الجماهير وجميع المناضلين الديمقراطيين التقدميين، بسقوط الدكتاتور "بن علي"، وكانت الشعارات مدوية داخل القاعة نصرة للثورة التونسية الظافرة.. وبالرغم من هذا الحماس، تشبثت "المحاضرة" رئيسة الجمعية بمواقفها المُدينة للعنف الجماهيري، على خلفية مواقفها الحيادية التي سجلتها ردًا على الصراعات الاجتماعية الأخيرة التي عرفتها مجموعة من المدن وأساسا "العيون" الصحراوية.
وبالرغم من التوضيحات التي أثارتها العديد من المداخلات، والتي أكدت على طبيعة الدولة وأدوار أجهزتها المختلفة التي صُنعت أساسا للدفاع عن مصالح الحاكمين والمالكين في هذا البلد وفي جميع البلدان التي تتخللها طبقات اجتماعية متنافرة المصالح، تشبثت رئيسة الجمعية بمواقفها الرامية إلى تزوير الحقائق ونشر المغالطات والأوهام والشعوذة.. تطلعا لدولة يسودها "الحق والقانون" وتسودها "العدالة الاجتماعية" و"استقلال القضاء".. وستظل "الجمعية" في ظل هذه الأوضاع محافظة على أدوارها في محاربة "الشطط في استعمال السلطة" وفي إدانة العنف من أية جهة كانت دفاعا عن "الحق في الحياة وفي السلامة الجسدية"..الخ بالرغم من التناقضات التي يعرفها مجتمعنا الطبقي، وبالرغم من الحدة التي تعرفها صراعات دفاعا عن الحق في الشغل والسكن ومناهضة للغلاء والنهب والقمع والاستبداد.
لقد عرفت الحركات الاحتجاجية طيلة سنوات حكم النظام القائم تدخلات عنيفة من طرف أجهزته القمعية وصلت لحد إطلاق الرصاص الحي في أكثر من مناسبة، وما زالت الحركات المناهضة للغلاء، والحركات الطلابية والشبيبية، وحركات المدافعين عن الحق في الشغل والسكن والأرض.. تعاني من همجية التدخلات القمعية الرهيبة، وعليه فلا يمكن مناضل ديمقراطي شريف أن يمنع عن هذه الحركات ومناصريها، الحق في المقاومة والدفاع عن النفس، في إطار المطالبة بحقوق مشروعة لا مجال للتكالب عليها.
لقد أثبتت الصراعات في جميع البلدان، وبما فيها البقاع التي تحكمها أعرق الديمقراطيات البرجوازية بأن عهد المواثيق والعهود ولٌى بدون رجعة، أمام تفاقم الأزمة الرأسمالية، واتساع صفوف العاطلين عن العمل والمحرومين من السكن، وأمام التراجعات الواضحة عن العديد من المكاسب الاجتماعية.. بأن هذه النماذج "الديمقراطية" لا تتوانى عن استعمال القمع لمنع الاحتجاجات والإضرابات.. ولم نسمع إثر هذا وردٌا عليه، أصواتا تمنع الحق في الدفاع عن النفس وعن الحق في الاحتجاج والتظاهر والإضراب.. شاهدنا المتاريس في جميع شوارع أوربا، وشاهدنا لجن اليقظة حماية للمضربين المعتصمين، بل وشاهدنا العدة والعتاد، تأهبا للتدخلات القمعية والبوليسية في مظاهرات فاتح ماي، وفي المظاهرات المناهضة للعولمة، وفي نضالات الحركة الطلابية باليونان، إيطاليا، بريطانيا وفرنسا..الخ دون الحاجة لزعيق وتعليقات النبهاء الحقوقيين هناك.!
إنه التميز "الحقوقي المغربي"و"النضج والتعقل".. الذي لا مبرر له، في ظل هذه الظروف التي تحتاج لأخذ المبادرة، ولقيادة الاحتجاجات وتطيرها ضدًا على اكتشافات "موازين القوة" التي ستظل أبدا مختلة لمصلحة النظام، حسب ادعاءات التيارات الانتهازية المنبطحة، والتي تلكم أحدهم باسمها، دون مراعاة للدرس البطولي الذي قدمه الشعب التونسي لجميع المراهنين على تغيير الدستور ودمقرطته، والحال أن الجماهير التونسية أطاحت بأرقى الدساتير وأكثرها "ديمقراطية" و"علمانية" في العالمين العربي والإسلامي.
صراخ في الهواء وفقط، إذ كان على "الجمعية" بأن تبادر لفتح النقاش، انسجاما مع الموقع الذي وضعت نفسها فيه بكونها "المستهدفة" من دون غيرها من الإطارات والحركات، بموجة المنع والقمع لوقفاتها الاحتجاجية، حول الرد المطلوب أمام حالة المنع هذه، ليس بعبارات "نتشبث" و"سنعمل على فضح" و"سنقدم شكاوينا إلى"..الخ
لقد عرفت الحركة الاحتجاجية قمعا لا مثيل له في السنوات الأخيرة، بحيث منعت بصفة كلية الإضرابات والاعتصامات العمالية، منعت الوقفات الاحتجاجية العمالية بالساحات العمومية وبباب الولاية، ومنعت وقفات التنسيقيات المناهضة للغلاء، والمناصرة لنضالات الشعب الفلسطيني.. ومنعت كذلك احتجاجات الطلاب وقدم العديد من قادتهم للمحاكمة طيلة الثلاثة سنوات الأخيرة.. وبالتالي فما تعرفه مبادرات "الجمعية" هو جزء بسيط مما تعرفه الحركة الاحتجاجية بالمدينة وبجميع المدن والقرى ككل.
فدعوتنا لن تختلف عن دعواتنا السابقة، وهي التشبث الميداني والعملي بخط الاحتجاج، دفاعا عن حقوق الكادحين الاقتصادية والاجتماعية، ضدا على الغلاء والبطالة والخوصصة والنهب والقمع والاستبداد.. وهو ما يستوجب منا التشبث بنظرتنا الوحدوية التي لا ترى في الجمعية سوى طرفا ضمن أطراف أخرى لها حضورها ومكانتها التي لا تحتاج للدفاع عن حقوقها لصيغ الاستجداء والاستعطاف التي نسمعها في الوقفات من طرف عناصر تدعي انتماءها للصفوف "الديمقراطية الحرة".
16 يناير 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية