الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا

سليمان يوسف يوسف

2004 / 10 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في خطوة هي الأولى من نوعها، في تاريخ الحياة السياسية السورية، أقدم المهندس، فهان كيراكوس، وهو مسيحي أرمني سوري، على ترشيح نفسه لرئاسة الدولة السورية، ذلك عبر العديد من مواقع الانترنيت، منها نشرة (ايلاف الالكترونية)، أكثر المواقع العربية قراءة في العالم، وعبر نشرة (كلنا شركاء) التي تصل الى أكثر من خمسة عشر ألف يومياً، والتي يشرف عليها الباحث أيمن عبد النور .
لا شك انها خطوة مخالفة للدستور السوري، الذي يشترط على أن يكون دين رئيس الدولة (الإسلام).
كما انها خطوة مبكرة، على موعد نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد، ومن غير المتوقع، أصلاً، أن يفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا واجراء انتخابات حرة ديمقراطية، على الأقل في نهاية الولاية الأولى للرئيس بشار الأسد، فمن المعروف في سوريا تجري عملية (استفتاء- بنعم أو لا) في اختيار رئيس الجمهورية.
لقد حظيت خطوة المواطن السوري، فهان كيراكوس، في ترشحه، لرئاسة الدولة السورية، باهتمام بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية، في حين لم تنال أي اهتمام في الوسط السياسي السوري، لا من قبل الحكم، ولا من قبل المعارضات السورية الخجولة، باستثناء بعض النخب الليبرالية السورية، في التجمع الليبرالي السوري الذي أعلن عنه مؤخراً. فقد بدت خطوة السيد فهان، وكأنها صرخة في وادي، وربما اعتبرها البعض نوع من الهذيان السياسي ، إذ لم يصدر أي موقف من الدولة السورية المعنية بالموضوع، طبعاً من غير المتوقع أن يتجاوب الحكم مع هذه الخطوة، والأسباب معروفة.
لكن أن تصمت (المعارضات) السورية، وتصم أذنيها على هكذا قضية وخطوة، وهي تصب في جوهر الاصلاحات السياسية والديمقراطية التي تطالب بها، هو أمر يثير الشكوك في مصداقية التوجهات الديمقراطية لهذه المعارضات الهزيلة، ومدى احترمها لحقوق جميع السوريين في تداول السلطة، دون تمييز على أساس الدين والقومية. وما يزيد الشكوك في التوجهات الديمقراطية للمعارضات السورية، التي بدأت تتقمص أشكال لجان وجمعيات ومنظمات أهلية مدافعة عن حقوق الإنسان والحريات، هو خلو البرامج السياسية لمعظم هذه المعارضات، الماركسية والقومية والإسلامية، من المطالبة بتغيير المادة الثالثة من الدستور السوري، التي تنص على أن يكون دين رئيس الدولة(الإسلام)، إذ تتركز مطالبها على تغيير (المادة الثامنة) من الدستور التي تقر على أن حزب (البعث العربي الاشتراكي) هو قائد الدولة والمجتمع، مما يؤكد على أن المعارضات السورية، لن تكون أفضل من النظام، من حيث حرصها على تحقيق الديمقراطية واحترام الحقوق المدنية للإنسان السوري، فهي تعارض النظام، في طريقة حكمه وليس في طبيعة فكره، السياسي والايديولجي .
قد ترى، المعارضات السورية، وخاصة الاسلامية منها، في الغاء (المادة الثالثة) من الدستور السوري لفسح المجال أمام غير المسلم للترشح لرئاسة الجمهورية، هي لزوم ما لا يلزم، بمعنى حتى لو ألغيت هذه المادة من الدستور، وبأفضل حالات الديمقراطية في سوريا، من غير المعقول أن يصبح مواطناً سورياً من الأقلية المسيحية رئيساً للبلاد. نحن على يقين تام بأن في ظل ما يشهده المجتمع السوري من انقسامات عمودية، وبسبب الموروث التاريخي المتخلف، الثقافي والاجتماعي، ، والمفاهيم البائدة السائدة، يستحيل أن يصل مسيحياً لكرسي الرئاسة في سوريا، لكن بالمقابل يستحيل أن يكون هناك شراكة حقيقة في الوطن وأن تتحقق الديمقراطية والعدالة والمساواة في المجتمع، طالما هناك قوانين ودساتير تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو القومية أو الانتماء السياسي، وتصنفهم الى درجات وطبقات ، وما لم يتحرر المجتمع من مفهوم الأقلية والأكثرية. فأي تمييز قانوني بين المواطنين، يلغي من البداية امكانية قيام ديمقراطية صحيحة، ويعد انتهاكاً لحقوق الإنسان وانتقاصاً من حقوق المواطنة، كما أن التمييز القانوني بين المواطنين يقوض فرص التكافؤ بينهم ويتعارض مع مفاهيم وأسس العيش المشترك. إذ ما من شك، إن حصر رئاسة الجمهورية بالمسلمين والتمسك بالإسلام، كمصدر أساسي للتشريع في سوريا، ينطوي على سياسية رفض الآخر، واستبعاد الأغلبية للأقلية وتهيمشها، ومن شانه يترك آثار سلبية على الوحدة الوطنية، ويمنع قيام ديمقراطية صحيحة في المجتمع. فبناء الدولة العصرية وتجسيد مفهوم الدولة الوطنية في سوريا يتطلب وضع ميثاق (دستور) وطني جديد، يستند الى قواعد ومبادئ الديمقراطية الليبرالية العلمانية ، دستوراً وطنياً متحرراً من كل الايديولوجيات القومية والعقائد الدينية.
من خلال معرفتي الجيدة بالسيد (فهان كيراكوس)، المنفى عن مدينته،القامشلي، الى مدينة الرقة، كما أشار في كتاب ترشحه لرئاسة الدولة، لا يطمح بأن يكون رئيساً للجمهورية السورية، وإن كان هذا من حق كل مواطن سوري، بغض النظر عن انتمائه الديني أو القومي أو السياسي، ولا شك هو (فهان) يدرك أن الوصول الى كرسي الرئاسة في سوريا بالنسبة له يعد أمراً مستحيلاً ، ضمن الظروف والمعطيات السياسية الراهنة ،لأنه يدرك جيداً حجم الممنوعات الدستورية والحواجز الثقافية والاجتماعية والدينية، التي ستقف سداً منيعاً في وجهه، ربما أكثر ما يطمح اليه هو أن يعود الى عمله من منفاه الى مدينته ليكون بالقرب من عائلته وأطفاله الصغار. لكن بخطوته هذه أراد السيد (فهان كيراكوس) أن يثير جملة من القضايا الهامة والمهملة، التي تتعلق بقضية الديمقراطية وحقوق المواطنة وحقوق الإنسان وتداول السلطة في سوريا. فهي من دون شك خطوة متميزة، خطاها السيد كيراكوس، باتجاه اختراق الطقوس السياسية المقدسة في سوريا، والتي تمنع وتعيق قيام نظام ديمقراطي ليبرالي علماني في سوريا، وتنتقص من حقوق شرائح واسعة من الشعب السوري، وهي قفزة سياسية جريئة، باتجاه تجاوز الممنوعات والمحرمات في السياسية السورية، لهذا أعتقد أن السيد، فهان كيراكوس، قد دخل (التاريخ السياسي) السوري، من بوابته الخلفية الممنوع فتحها.


سليمان يوسف يوسف... كاتب سوري آشوري..... مهتم بحقوق الأقليات.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة