الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الاقتصاد بالاستقرار تونس و إقليم كوردستان نموذجاً

نزار بيرو

2011 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



الاقتصاد القوي يشكل إحدى الركائز الأساسية في استقرار أي بلد، لكن يختلف البلدان باختلاف نوع النظام السياسي في كل بلد.. و القاعدة الأخيرة تكون أكثر ملائمة مع الدول ذات الأنظمة الديمقراطية، أما في الأنظمة الدكتاتورية يكون الاقتصاد القوي عاملاً مساعداً مع وسائل الضغط الأخرى في إيجاد استقرار متذبذب و نسبي وغير مستقر و قابل للانفجار في أية لحظة، وهذا الذي حدث في تونس مؤخراً.

لأجراء مقارنة بين دولة مثل تونس و إقليم كوردستان، لا بد الوقوف أمام حقائق يعرفها الجميع و وقائع تحدث يومياً و نسمعها ويعيشها أهالي الإقليم كما كان يعيشها التونسيين قبل ثورة الياسمين.. ولكن باختلاف بسيط وذلك شيء طبيعي لأنه ليس هناك تطابق بين أي واقع و واقع آخر.. ولكن هناك تشابه وتطابق جزئي بين الحالتين.. و لمعرفة ذلك و للاستفادة من ما حدث في تونس و واقعنا في الإقليم لا بد الكشف عن الحالتين و استنتاج الدروس من ما حدث.

كان تونس يعتبر نموذجاً ناجحاً لأحدى الاقتصاديات الناجحة و المستقرة في المنطقة ، دولة حديثة وفرت المستلزمات اللازمة من طرق وبناء و وعي بين أفراد الشعب لأهم مصادرها و العمود الفقري لاقتصادها وهي السياحة..طبعاً بوجود النفط و الفوسفات أيضا.. ولكن تلك الصورة المشرقة و الشوارع الواسعة و البيوت البيضاء اللون والواحات الخضراء و السواحل و المياه الزرقاء كان لا يعد إلا قناعاً كاذباً لواقع مُرْ, وما كانت إلا صُور مُشرقة مَحَتْ و طغَتْ على صور مناطقَ أخرى منسية..و فيها الملايين من الشباب المُتعلم و الحاملين لشهادات جامعية، ولكن عاطلين عن العمل نتيجة لسياسة النظام و العائلة الحاكمة الذي أهمل كل شيء عدى ذلك الجانب الذي ملكهُ لأنفسهم و لزبانيتهم من المقربين.. حَكروا هؤلاء الجانب السياحي وما يتعلق به من بنايات و منتجعات وشركات طيران و دعاية و قطاع الاتصالات.. و الصناعات الاستهلاكية مع وجود الفساد و المحسوبية للدخول كشركاء مع مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية .. كل ذلك و لما يقارب النصف قرن، هم و أقاربهم يحتكروا كل شيء.. و بنوا ساتراً و جداراً عالياً بينهم و بين شعبهم الذي تضَوَرهُ الجوع.

في إقليم كوردستان و هو ما يهمنا و يتوقف عليه مستقبل أجيالنا، يختلف الوضع قليلاً و طرق الثراء و جمع الأموال لا يتطلب سنوات عديدة أو ما يقارب النصف قرن كما في حالة تونس لجمع المليارات.. و ذلك لوجود السيولة التي يوفرها حصة الإقليم من مبيعات النفط... و كذلك نوعية الاستثمارات و عائدية تلك الاستثمارات والتي كما يقال تعود إلى الأحزاب بدلاً من الأفراد أو عائلة معينة.. و ان كان من يديرونها هم من عوائل معينة، أو ما ينوب عنهم في تلك المواقع.

هناك مثلا شركات لتسويق و استيراد كل ما يستهلكه المواطن بالإضافة إلى تسويق الترفيه من ملاعب ومدن ملاهي و هوتيلات و بيوت جاهزة تملكها ما نسبته الواحد والخمسين في المئة إحدى الأحزاب المنفذة في دهوك، بالإضافة إلى امتلاك بعض أقسامها لشركات مثل معمل تعليب دهوك و معامل تعبئة للمياه بالقرب من العمادية في دهوك.. والعمل جاري وعلى قدم وساق لتحويل و تمليك آلاف الدونمات من الغابات و الأراضي الزراعية على جانب الطريق الذي تربط دهوك بسرسنك و العمادية و تحويلها إلى منتجعات سياحية ، حتى كان هناك خلاف بين المالك الرئيسي و هو إحدى العشائر المعروفة في دهوك ، مع تلك الجهات، لعدم تنازل الأخير عن تلك الأراضي.

والحال هي نفسها في أربيل ابتداءً من تحويل معمل النسيج الصوفي و الذي كان يداوم فيها في يوم من الأيام الآلاف من العمال و الموظفين و المهندسين،
تحول المعمل إلى القطاع الخاص و من معمل كان تنتج أجود أنواع الأقمشة إلى معمل للمشروبات الغازية . كذلك الأعلام و الدعاية وشركات استغلال (الترانسفير ) شركات الاتصالات مثل آسيا سيل و كورك و الذي اُنتُخِبَ الشخص الأول في الشركة الأخيرة كأحد قيادي الديمقراطي الكوردستاني في مؤتمرهم الأخير. بالإضافة إلى المئات من شركات البناء و البُنى التحتية و التي تتداخل فيها المصالح الحزبية و الشخصية.

والحال هي نفسها ان لم يكن أسوء في السليمانية و المناطق الأخرى من الإقليم. و لكن وفي الفترة الأخيرة أصبح هناك قطاع مهم تدخل باب المنافسة و المصالح الحزبية و الشخصية و هو قطاع النفط و تكريره، والذي يعتبر إحدى القطاعات الرئيسية
كمصدر للدخل.. و كسلاح للضغط.. ووسيلة لتحقيق ما يبحث عنه و يناضل من اجله الكورد.. و هو حق تقرير المصير.

وبعد ان أصبح الاقتصاد كقوة بديلة لتحقيق المرائب عن الوسائل التقليدية التي كانت سائدة في ما مضى والتي أثبتت فشلها بانهيار الإتحاد السوفيتي السابق،
فيجب علينا ان نكون أصحاب سياسة اقتصادية رزينة و مدروسة كي لا يحدث لنا ما حدث لغيرنا... و أنا لم أتي لأكشف الوجه الأخر، للوجه المشرق للإقليم
وهو مكشوف ولا يحتاج إلى مكاشفة، إلا لهذا الغرض.

الاكتفاء الذاتي في الإقليم ليس له نسبة، بل ليس له وجود أصلا في قاموس حالنا الحاضر، ان ما نسبته المئة في المئة من احتياجاتنا الاستهلاكية، حاجيات دخيلة و مستوردة، كرامة الإنسان و هو العمل، هي مفقودة و غير متاحة للآلاف من الأكاديميين و الخريجين الذين يتخرجون من المعاهد و جامعات الإقليم كل عام.

من المؤسف ان هؤلاء الذين يتفاوضون مع الشركات التي تريد ان تستثمر في الإقليم، بدلَ التباحث حول شروط مثل ان تستعين تلك الشركات و توظف كوادر محلية من أهالي الإقليم ، تجري التباحث حول العمولة و الامتيازات التي سوف يحصلوا عليها هؤلاء، عند توقيعهم لتلك العقود.

نتفهم أهمية العلاقات التجارية بين الإقليم و دول الجوار و العالم و حتى عقود النفط و إيجاد مصالح و استثمارات خارجية داخل الإقليم واستغلال ذلك مستقبلاً
كإحدى الوسائل الذي يمكن ان تحقق بها حقوق الشعب الكوردي..
و نتفهم أيضا مسئولية الأحزاب الجماهيرية تجاه أعضائها و مؤيديها و مواطني الإقليم في الظروف الطارئة و الغير اعتيادية، من ان يمتلك الحزب مصادر دخل أو حتى أموال لدفع الرواتب و تسيير الخدمات و أمور المواطنين في حالات الغلاء الذي يكون نتاج تلك الظروف الغير اعتيادية..
و لكن الخوف و كل الخوف، ان تتحول تلك المصالح و الممتلكات الحزبية إلى مصالح وممتلكات شخصية و ينتج عنها صرا عات بين رموز السلطة، أو حتى استغلالها من قبلهم و اعتماداً على مبدأ الربح و الخسارة للاستهتار و المساومة و متجارتها بالثوابت و القضايا القومية و المصيرية.

نزار بيرو
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي