الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا تحفر للحريري وحزب الله معاً

قاسم محمد يوسف

2011 / 1 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


يُشكل لبنان بحريته وسيادته وإستقلاله من النظرة السياسية السورية تهديداً حقيقياً للأمن القومي السوري على قاعدة أن أمن لبنان من أمن سوريا في ظل قبضة حديدية يضربها النظام وبعض الأقليات "العلوية" لتطويق فئات المجتمع السوري بأسره وبالتالي فإن خروج سوريا من لبنان عام 2005 أبان إغتيال الرئيس رفيق الحريري شكل ضربة قوية جداً لهذا النظام ومثل تهديداً إستراتيجياً مباشراً إقتضى من القيادة السورية تغيراً موضعياً في سياستها الإقتصادية الداخلية ومنح هامش أكبر من حرية التعبير والتلطي خلف شعارات المقاومة للعدو الإسرائيلي وخلق حالة وهمية من التصدي والممانعة ضمن المجتمع العربي والسوري حتى لامست تعاطفاً شعبياً كبيراً وأدخلت عنصراً بديلاً إلى المعادلة الجديدة ساعدت إلى حد كبير في صمود النظام رغم الخسارة الكبرى التي مُنيت بها في لبنان, إضافة إلى ضغط غربي هائل ما لبس أن تقلص بسرعة كبيرة بعد تدخل تل أبيب مباشرة للدفاع عن النظام في دمشق خوفاً من إسقاطه على إعتبار أن أي نظام ديمقراطي جديد سيقوم حتماً على العداء المباشر لإسرائيل الأمر الذي سيكلف تل أبيب ثمناً باهظاً عبر فتح جبهة صراع جديدة طالما حرسها نظام الأسد على مدى عقود من الزمن.

اليوم وبعد العودة التدريجية للعلاقات بين بيروت ودمشق وبعد الحج اليومي للقيادات اللبنانية إلى العاصمة السورية للوقوف عند رأيها وربما قرارها في ما خص الشأن اللبناني الداخلي. وأيضاً دخول دمشق ضمن المسعى العربي لتهدئة الأوضاع المحمومة وبلورة إتفاق شامل بين الأقطاب السياسية المتناحرة لحل الأزمة المزمنة في لبنان, فإن القيادة السورية إنتظرت ساعة الصفر في المفاوضات القائمة بينها وبين المملكة العربية السعودية لنسف الإتفاق بعد سلسلة إجراءات "مشبوهة" تمثلت بداية بتصريح الرئيس الحريري لصحيفة الشرق الأوسط وإعترافه بوجود بعض شهود الزور, مروراً بإصدار مذكرات التوقيف السورية بحق قيادات أمنية وسياسية وإعلامية تابعة لفريق الحريري, وصولاً إلى الموافقة المبدئية التى أبداها الرئيس سعد الحريري على المسعي السوري السعودي ضمن سلة متكاملة تحفظ الأمن والإسقرار وتحرك عجلة الدولة من جديد, هذه المناورة السورية لإغتيال المسعى القائم (رغم أن التوافق أنجز منذ مدة بعيدة وهذا ما أكده الرئيس الحريري عبر تصريحيه لصحيفة الحياة) هدفت إلى كسب المزيد من الوقت بإنتظار وصول السفير الأمريكي الجديد إلى دمشق من جهة وإقتراب صدور القرار الظني من جهة أخرى تمهيداً لإسقاط المبادرة القائمة والإنتقال إلى المرحلة التالية من التحرك السوري لإستعادة السيطرة فعلياً على الوضع اللبناني برمته عبر إسقاط الحكومة القائمة والشروع في تأليف حكومة جديدة تُحاكي في شكلها ومضمونها حكومة الرئيس عمر كرامي الأخيرة تضمن دمشق على أساسها عودة الوضع إلى السيطرة السورية الكاملة, وإن تعّذر التكليف فإلى الشارع وربما أعمال عنف متقدمة تؤدي إلى إنفلات الوضع الأمني ودخول الفتنة حيّز التنفيذ تمهيداً لتفويض دولي يمنح دمشق الشرعية لضبط الوضع اللبناني من جديد.

ما حصل في كليمنصو من إجتماع لكتلة اللقاء الديمقراطي وبعدها المؤتمر الصحافي للنائب وليد جنبلاط شكل برأي الكثيرين منعطفاً خطراً في السياسة السورية تجاه لبنان وأكدت دخول هذه السياسة في مرحلتها الثانية التي تحاكي إلى حد بعيد ما جرى عام 1988 حيث أن دمشق عمدت إلى الضغط والترهيب المباشر على نواب الأمة بغية تأمين النصاب القانوني لإنتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية اللبنانية من جهة, وإرسال رسالة لمن يعنيهم الأمر مفادها أن سوريا تمتلك اليد العليا في العملية الإنتخابية, إلا أنها لم تنجح حينها, وكانت تدرك ذلك, على إعتبار أن رئيس الجمهورية اللبنانية هو نتاج توازنات داخلية وخارجية حساسة تتخطى قدرة دمشق الفعلية, إلا أن هذه المناورة العبقرية من قبل القيادة السورية مكنتها من زيادة حصتها ونفوذها في لبنان على حساب إضعاف حلفاءها, تارة بدفع حركة أمل لدخول صراع دموي مع الوجود الفلسطيني, وتارة أخرى عبر تصفية مواقع حزب الله "المزعجة للمصالح الإسرائلية" ضمن المواجهات العسكرية في الجنوب اللبناني, ما أدى بطبيعة الحال إلى حصولها على إذن وتفويض أمريكي بمساعدة إسرائلية وغربية يقضي بتواجدها المباشر في قسم كبير من لبنان.

وليد جنبلاط يدرك جيداّ حساسية الموقف وقد بدا متجهم الوجه جاحظ العينين تنتابه رجفاتٌ صوتية متشنجة في مشهد ترهيبي لا يُحسد عليه, فقد أُبلغ الرجل وبشكل مباشر أن المعركة تسير في إتجاهين متوازين تماماً إحداهما يتخذ طابعاً سلمياً عبر حكومة تُشرف سوريا مباشرة على صناعة خيوطها بعيداًً عن سعد الحريري بغية إدخال لبنان مجدداً إلى الفلك السوري بشكل هادئ وبصورة ديمقراطية ودستورية, وإما إنفلات أمني واسع النطاق لن يوفر أحد لا سيما مؤسسات الدولة والمناطق المسيحية والدرزية والعاصمة بيروت تمهيداً لتفويض دولي جديد يُحضّر في مطابخ السياسة بين تل أبيب وواشنطن ويقضي بتسليم سوريا الملف اللبناني برمته مقابل ضبطها لحركة حزب الله في المرحلة المقبلة وإخضاع التحالف بينها وبين إيران لتعديلات جوهرية تتناسب مع التوازنات الإستراتيجية الجديدة في المنطقة, وما بين هذا وذاك يبقى أن جنبلاط لامس قهراً لا بُد منه لشريحة كبيرة من اللبنانيين عبر إقصاء سعد الحريري وحلفاءه عن المعادلة السياسية اللبنانية ناصحاً حزب الله بعدم الخوض في مغامرة مستحيلة قد تُشكل حفرة تُسقط الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم
منصف الحق ( 2011 / 1 / 23 - 06:51 )
نظام بلطجية وسارقي قوت الشعب لكن لايعني هذا قوة لهم في الاختيار


2 - هواية اسمها الانترنيت
علي السوري ( 2011 / 1 / 23 - 09:30 )
قبل أن أكتب هذا التعليق، واحتياطاً، فتحتُ الموقع الفرعي لكاتب المقالة لأفاجأ بأنّ لديه تسع مقالات فقط في الحوار المتمدن. وقد استنتجت، بالتالي، بأنّ الكاتب من هواة الانترنيت ومن الذين يرغبون بظهور أسمائهم على شاشته. وعدا عن بعض الأخطاء القواعدية ( مثلاً، لبس بدلاً عن لبث )، فإنّ المقال فيه أخطاء معلوماتية : مثلاً، يقول أنّ النظام السوري فرض الرئيس اللبناني الأسبق سليمان فرنجية عام 1988 .. بينما الصحيح أنّ هذا الرئيس أنتخب بشكل دستوري في عام 1970 ؛ وفي عهده بدأت الحرب الأهلية عام 1975 . أما في عام 1988 ، فقد كان هناك فراغ دستوري في السلطة بعد أنتهاء ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميّل، ومن ثمّ تكليف العماد ميشيل عون برئاسة الحكومة خلافاً للدستور اللبناني.

اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا