الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسيحيون العراقيون...هم المكون العراقي الاولى بالحماية

اسماعيل علوان التميمي

2011 / 1 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


في مقالة سابقة لنا نشرت في الحوار المتمدن وفي موقع كتابات وموقع العراق السياسي بعنوان ( المسيحيون العراقيون رموز للفضيلة وجسور للنهضة ) ثم سارعت عشرات المواقع الالكترونية في العالم إلى نشرها ، تحدثنا فيها عن طبيعة الشخصية المسيحية العراقية وما تتمتع به من خصائص أخلاقية وسلوكية ووطنية وإنسانية نبيلة ، وجدت من الضروري أن أكمل ما بدأت به وهو الدعوة لتوفير الحماية الأمنية الكاملة لكل العراقيين ولا سيما المكون المسيحي باعتباره المكون الأولى بالحماية وللأسباب التالية .
1- إن المسيحيين العراقيين كما ذكرنا في مقالتنا المشار إليها عموما هم أناس طيبون مسالمون ومتسامحون لا يؤمنون بالعنف مطلقا كأسلوب في إثبات وجودهم ، وبالتالي فهم غير قادرين على إنتاج العنف حتى لو كان هذا العنف دفاعا عن النفس ، لأنهم لم يغذوا أبنائهم على أهم وسيلة لإنتاج العنف وهو الحقد على الآخر. إذن الحقد هو العامل الرئيسي لإنتاج العنف ضد الآخر، وبما إن الشخصية المسيحية العراقية تكاد تخلوا في الأعم الأغلب من الأحقاد فيتعذر على هذه الشخصية إنتاج العنف وان كان لحماية وجودها . لذلك نجد المسيحيين العراقيين يضطرون النزوح إلى داخل العراق أو الهجرة إلى خارجه عندما يتهدد أمنهم أو تتعرض حياتهم إلى الخطر، دون أن يمارسوا حتى حقهم الطبيعي والقانوني في الدفاع عن النفس .
2- عدم وجود إرادة موحدة للمسيحيين العراقيين لكونهم موزعين على العديد من الكنائس والطوائف ، وهذا أدى فيما أدى إلى عدم وجود قيادة مسيحية سياسية أو مرجعية دينية مسيحية واحدة تحظى بالتفاف المسيحيين حولها وبالتالي أدى هذا الواقع إلى عدم وجود قرار موحد للمسيحيين ولا سيما في حالة تعرضهم للخطر الداهم كما يحصل لهم الآن في العراق .بينما نجد المكونات العراقية الأخرى لها مرجعياتها السياسية إضافة لمرجعياتها الدينية وبالتالي نجد قرارا موحدا ومؤثرا لهذه المكونات وخاصة عندما تتعرض للخطر . لا شك إن هذا الواقع المتمثل بعدم وجود قرار موحد للمسيحيين اضعف من قدرة هذا المكون حتى في إمكانيته في عرض المجازر والماسي التي يتعرض لها وبالتالي عدم القدرة على حشد التعاطف المحلي والدولي على الأقل بما يتناسب مع حجم الماسي التي يتعرضون لها في العراق .
3- إذا ما استثنينا التواجد المسيحي في سهل نينوى نجد إن المسيحيين العراقيين موزعين مكانيا في العراق بشكل يكاد يكون شبه عشوائي في مدن العراق الرئيسية بغداد البصرة وإقليم كردستان ، فهم يعيشون في أحياء سكنية الأغلبية الساحقة فيها لمكونات عراقية أخرى . وهذا العامل ولا شك يؤثر في قدرة هذا المكون على توفير الحماية الذاتية لنفسه ، لاسيما في الحالات التي تتراجع فيها قدرة الدولة في حماية مواطنيها كما يحصل ألان في العراق .
4- كل المكونات العراقية الكبيرة تتمتع بدعم خارجي من دول الجوار سواء القريب أو البعيد بحكم صفتها القومية أو المذهبية ، وكذلك من قبل الدول العظمى ويزداد هذا الدعم طرديا مع الخطر الذي يتعرض له هذا المكون سواء كان هذا الخطر من قبل الحكومة أو من قبل المكونات الأخرى . فالعراقيون الشيعة حصلوا على دعم كبير من إيران عندما تعرضوا لقمع كبير منظم من قبل نظام صدام . والعراقيون من العرب السنة حصلوا على دعم كبير من الدول العربية بعد سقوط نظام صدام لأسباب قومية ومذهبية معا . والتركمان يتمتعون بدعم مستمر وثابت من تركيا .العراقيون الأكراد يتمتعون بدعم الأكراد المتواجدين في تركيا وسوريا وإيران حيث كان الأكراد في إيران وتركيا شبه ملاذات آمنة للأكراد العراقيين ينزحون إليهم عندما يشتد القمع عليهم من قبل النظام الصدامي القمعي في بغداد، إضافة إلى الدعم الدولي الكبير الذي حصل عليه الأكراد حيث وفرت لهم الأسرة الدولية ممثلة بمجلس الأمن الدولي من خلال ما سمي بخط العرض 36 ملاذا أمنا حيث منعت قرارات مجلس الأمن عبور قوات صدام هذا الخط لملاحقة الأكراد العراقيين . إلا المكون المسيحي فانه لا يتمتع بأي دعم خارجي مؤثر رغم إن هذا المكون تعرض إلى نكبات كبيرة أكثرها دموية ما جرى لبلدة سيميل عام 1933 وما جرى لبلدة صوريا وعشرات القرى المسيحية عام 1969تحت عنوان (ملاحقة المتمردين الأكراد) ، وما يجري الآن من استهداف منظم للمسيحيين العراقيين من قبل تنظيم القاعدة في العراق ، تقف الدولة العراقية للأسف شبه عاجزة عن منعه .
5- كل المكونات العراقية الكبيرة تمتلك القدرة على الردع إلا المكون المسيحي فالعراقيون الأكراد اثبتوا قدرة كبيرة على الردع عندما تعرضوا إلى القمع الذي مارسته ضدهم اغلب الحكومات العراقية المتعاقبة وخاصة حكومة صدام ، العراقيون من العرب الشيعة اظهروا قدرة كبيرة على الردع ضد محاولات صدام قمعهم وخاصة في الانتفاضة الشعبانية عام 1991.العراقيون من العرب السنة بقيادة أبو ريشة في الانبار اظهروا قدرة كبيرة على الردع وخاصة ضد الجرائم التي ارتكبها بحقهم تنظيم القاعدة واستطاعوا إلى حد بعيد تطهير محافظة الانبار من سطوة هذا التنظيم ، وكذلك المكون التركماني اثبت انه يمتلك القدرة على الردع عندما يتعرض أمنه للخطر.
لكل ما تقدم من أسباب فان مأساة المسيحيين في العراق هي مأساة مركبة وخطيرة تستدعي إقرار مبدأ المسيحيون العراقيون هم الأولى بالحماية أو مبدأ الأقليات العراقية هي الأولى بالحماية إذا أضفنا لهم الايزيديين والصابئة المندائيين لذات الأسباب وان كانوا إلى حد ما اقل عرضة للخطر من المسيحيين ، ويجب على كل القوى السياسية القابضة على السلطة في العراق وليس الحكومة العراقية فحسب إقرار هذا المبدأ وان يأخذ طريقه للتطبيق ووضع خطط أمنية دقيقة وتفصيلية لحماية المسيحيين العراقيين وكل الأقليات الأخرى إذا أردنا أن يبق العراق عراقا فلا عراق أبدا إذا خلا من احد مكوناته ، فكيف الحال إذا كان هذا المكون هو المكون الأصلي ؟
صحيح إن امن العراق هو واحد لا يتجزأ والصحيح أيضا إن تنظيم القاعدة الإرهابي يستهدف المكونات العراقية بأسرها ولا يستثني أحدا غير أنصاره ومؤيديه من التكفيريين من بعض العراقيين للأسف وبعض الأعراب الذين دخلوا ألينا محملين بفتاوى إعرابية تكفيرية نفطية عابرة للقارات لقتلنا جميعا وحرقنا جميعا وبلا استثناء ، فهم يضربون في الموصل وكركوك ويضربون في كربلاء والنجف وصلاح الدين في يوم واحد ، إلا إن المنطق وقواعد العدالة وقيم الشرف والفضيلة والأخلاق العالية ودواعي الوطنية والإنسانية والأعراف الدولية وقواعد القانون الدولي وروح الأديان السماوية تقتضي أن نبدأ بحماية ألأكثر حاجة للحماية وألاكثر عرضة للخطر والأقل قدرة على رده وهم المسيحيون العراقيون سكان بلاد مابين النهرين الأصليين عبر التاريخ وبلا منازع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل موضوعي ودقيق
يوحنا بيدهويد ( 2011 / 1 / 25 - 02:58 )
الاخ اسماعيل علوان التميمي
تحليل دقيق وموضوعي بارك الله في جهودك
اخي العزيز
بقى ملاحظة مهمة اخرى نود ان نشير اليها هنا هي ان المسيحيين العراقيين كانوا دوما مخلصيين للوطن ايِّ كان الحاكم ونوع حكمه، ولم يبخلوا بدمائهم من اجل العراق في كافة الحروب التي دخلها ، حتى حروب فلسطين الثلاثة، كما انهم لم يخونوا وطنهم او اتكلوا على الغريب، لم يكنوا قط ادات امريكا او الغرب في احتلال العراق او تحرير ( كيفما تشاء) قبل تسع سنوات ،واقعيين جدا، يحبون العيش بسلام ويحبون المرح والسعادة والفرح، لهذا ترى اعراسهم لا تنهتي حتى في زمن المصائب والكنبات.
يوحنا بيداويد


2 - جريمة سيميل منكرة
آلان كاردوخ ( 2011 / 1 / 25 - 08:57 )
السيد الكريم
حقيقة ان الاخوة المسيحيين حالهم كحال جميع العراقيين باستثناء انه ليس لديهم قوة رادعة او مكان رادع كونهم موزعون في جميع المناطق العراقية ولايوجد لهم تجمعات كبيرة يمكن ان يشكلوا قوة رادعة وذلك التمركز في مكان محدد من العراق ومن جهة اخرى فانهم دائما مع الحكومات والانظمة المتعاقبة ومجزرة سيميل التي اشرت اليها بالرغم من انها جريمة منكرة فان اسبابها معروفة بحكم انهم تعاوتوا مع الانكليز وقتل العديد من ابناء العشائر الكردية في سيميل والقرى الكردية المجاورة لها وخاصة ابناء سيميل المسيحيين الذين كانوا في مقدمة الصفوف الامامية فغي قتل الاكراد وبعدها ساعدهم الانكليز في التجهيز على الاكراد وكما هو معروف فان العادات والتقاليد وخاصة الاخذ بالثارمن اولوية العشائر , وكون سميل كانت على حافة الجبال وتمركز قوة انكليزية في المدينة هاجم الاكراد المدينة تحت جنح الليل وقتلوا الكثيرين وهم لم يفرقوا بين المدنيين وبين الذين كانوا مع القوة الانكليزية على اية حال الجريمة نكراء والان كردستان هو الملاذ الامن للاخوة المسيحيين


3 - الشكر لك وللناطقين بالحق
صباح ابراهيم ( 2011 / 1 / 25 - 20:18 )
شكرا للاخ كاتب المقال على تعاطفه وموقفه الوطني الشريف من المسيحيين ، لانه الحق بعينه دون محاباة .

اخر الافلام

.. معلومات عن حلوى الماكرون الفرنسية قد لا تعرفها.. وأكثر النكه


.. الوزيران سموتريتش وبن غفير يهددان بإسقاط الحكومة إذا قبل نتن




.. مبادرات طوعية لإنقاذ أطفال السودان من الآثار النفسية للحرب


.. خبراء: إدانة ترمب لا تمنعه من الترشح للرئاسة الأميركية




.. يقدم في الأعراس والعزومات.. إليكم طريقة عمل حلوى الماكرون ال