الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جزيرة قطر والبحث عن الدور

نادية عيلبوني

2011 / 1 / 25
القضية الفلسطينية


اعتادت قناة الجزيرة منذ نشأتها على يد السلطات القطرية ،على اتباع خطاب شعبوي يحاكي إلى حد بعيد ، تفكير كل المحرومين من نعمة المعرفة والثقافة. وللأمانة، فإن قناة الجزيرة ، تتبع حرفية متميزة ،في إعادة صياغة فكر المؤامرة السائد ،والفكر السلفي القائم على الإرهاب، وإعادة تصديره من جديد إلى العامة.
ما نشرته الجزيرة من وثائق ادعت أنها حصلت عليها بطرقها السرية، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، أو حتى مناقشة فحواه ، دون التفتيش عن الدوافع والأسباب التي تجعل من قطر ومنذ زمن ليس بالقصير ،تكيد للسلطة الفلسطينية في رام الله ،كما لا يمكننا فهمه بعيدا عن شبق قطر ومحاولاتها إيجاد دور يتناسب مع ثروتها النفطية من غاز وكاز وبنزين .
قطر التي تعتبر نفسها صاحبة أكبر ثروة ، تجد نفسها أحق بالدور الريادي للمنطقة العربية من الدول الأكبر حجما والأهم من الناحية الجيو استراتيجية ، وهي لهذا تريد منافسة الدول الأكبر ، ولو على حساب وحدة شعوب المنطقة، وعلى حساب سلمها الأهلي ووحدة مجتمعاتها ، لذا فهي تنظر بعين الحسد إلى الدول الأكبر ودورها في كل القضايا التي تهم المنطقة ، وعلى رأسها طبعا ،ما اعتاد العرب على اعتباره قضيتهم المركزية، ألا وهي "القضية الفلسطينية".
قطر تجد أنها أحق من مصر الفقيرة والتي لا تمتلك الثروة، ولكنها تملك عوضا عنها الدور الإقليمي والعربي في المنطقة.
كما تجد نفسها أيضا أحق من السعودية وحكامها وأدوراهم في المنطقة.
ولكن هل هذا هو كل شيء؟
بالتأكيد لا، فدور الجزيرة بالحقيقة تخطى محاولاتها إيجاد دور ريادي لها في القضية الفلسطينية ،وباتت لا تتورع عن الكيد لمن تعتبرهم دولا منافسة ،فهي لا توجه حقدها وكيدها إلى السلطة الفلسطينية وحدها من خلال إعلان انحيازها إلى طرف فلسطيني على حساب الآخر، دون أي اعتبار للنتائج الهدامة على الفلسطينيين وقضيتهم ، بل تعداه إلى الكيد إلى مصر ذاتها ليس كحكومة فقط ، بل كشعب أيضا ، وقد ظهر ذلك في عدة مواقف أهمها ،محاولة اللعب بالسلم الأهلي والوحدة الوطنية للشعب المصري ،من خلال حملات التحريض المواصلة، التي تبثها عبر قناة الجزيرة على الأقباط في مصر، وقد وصل هذا التحريض ذروته في تلك المقابلة التي استضافت فيها قناة الجزيرة ، الدكتور محمد سليم العوا ، الذي قام وبمشاركة أحمد منصور بكيل سيل من ااتهامات المغرضة والكاذبة للتحريض على جزء من النسيج الوطني لمصر بالادعاء أن الأقباط يتلقون سفن السلاح مباشرة من إسرائيل عبر البحر وأنهم يقومون بتخزينها في أديرتهم استعدادا للقضاء على المسلمين وإقامة دولة قبطية في مصر. وكلنا يعرف ما حدث بعد ذلك التحريض، وما تبعه من هجوم إرهابي مروع راح ضحيته عشرات الأقباط ،وهم يؤدون شعائرهم الدينية في كنيسة الإسكندرية ليلة رأس السنة.
ليس هذا فحسب، بل أن الدور القطري التخريبي المتميز في إشعال الفتن في كافة أماكن النزاع في المنطقة ، يبرز أكثر وضوحا ، في محاولات قطر إشعال فتيل حرب أهلية في لبنان ، من خلال التدخل المباشر الذي يتجلى في ذلك الانحياز الكلي لصالح حزب الله في مواجهة الأحزاب اللبنانية الأخرى..البحث عن دور والخروج من حالة الدولة الصغيرة بالنسبة لقطر ولو على حساب خراب المنطقة، صار هو الصورة التي تميز السياسة القطرية في المنطقة.
ما أثارته الجزيرة مؤخرا من الادعاء بحيازتها لوثائق تدين الفريق المفاوض والرئيس عباس نفسه، وتتهمه بالتفريط بالحقوق الفلسطينية ، لا يمكننا تصديقه،كما لا يمكننا القول أن ما بثته قطر على قناتها من وثائق لإدانة السلطة الفلسطينية ورئيسها ، لا ينتمي بأي حال ، إلى عشق السلطات القطرية للشفافية، كما لا ينتمي إلى ادعائها الحرص على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
عذرا ، ربما يكون من الصعب علينا أيضا ، وبالمستوى ذاته القول أن أمير قطر تحول فجأة ، إلى الديمقراطية ،وصار يمثل أحد رموزها في المنطقة العربية ، إلى الحد الذي صار يضيق معه بكل الحكام الديكتاتوريين في المنطقة ، وأنه يسعى إلى فضحهم ، وإسقاطهم ،لخاطر عيون شعوبنا، وخصوصا، أن جميعنا يعرف كيف وصل الأمير إلى السلطة في قطر، ومثل هذه الحقيقة لا يمكن أن تنسينا حقيقة أخرى ، ألا وهي ، أن الر ئيس الفلسطيني ، هو ليس رئيسا أبديا للشعب الفلسطيني ، وأن فلسطين ليست إمارة قطرية وأن النظام الأساسي الفلسطيني لا يوجد فيه توريثا للسلطة ، وهو يعتمد بالأساس في انتخاب الرئيس على حق الاقتراع المباشر الذي أتى بالرئيس عباس إلى سدة الرئاسة، وأن هذا النظام هو القادر وحده على استبداله من خلال انتخابات مباشرة شبيهة بالتي أتت به إلى السلطة.
لا يمكن لقطر وغيرها تمرير مثل هذه المسرحيات على الشعب الفلسطيني، ولا يمكنها بالمقدار ذاته اعتبار الفلسطينيين قصرا بسبب وجودهم تحت للاحتلال ، ولا يمكن إقناع أحد يمتلك الحد الأدتى من الفطنة ، أن قطر تطرح وثائقها علينا من باب عشقها للشفافية . ولعل القبول بتلك الفرضية، يحتاج إلى دلائل غير متوفرة لدى قطر، ويحتاج منا إلى مسح ذاكرتنا كليا ، فلا نعود نتذكر ، أن قطر لم تغلق المكتب الإسرائيلي التجاري على أراضيها ، إلا بعد وقت طويل من مطالبتها فلسطينيا وعربيا بذلك، وبعد أن مارست إسرائيل جرائمها ومجازرها بحق الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية. ومسح الذاكرة هذا من المفترض أن يمحو من أذهاننا ،صورة قطر وهي تحاول استرضاء إسرائيل، من خلال زيارات وزير خارجيتها المتكررة لإسرائيل ، ويفترض نسياننا مشهد تعنت إسرائيل برفضها إعادة العلاقة مع قطر على الرغم من كل التذلل القطري لإعادة هذه العلاقات ، وعلى الرغم من كل الإغراءات التي قدمها القطريون لإسرائيل في محاولتهم طلب الغفران. والأهم من كل هذا وذاك ، فإن قطر مطالبة لكي تكون عند حسن ظننا بها، أن تنسينا أن ثلث قطر هي بمثابة قواعد أمريكية انطلقت منها القوات الأمريكية لشن الحرب على العراق. وأن هذه القواعد لا تزال موجودة على أراضيها تمارس مهمة التجسس على كل دول المنطقة وشعوبها.
الحديث عن القدس والتنازلات التي قدمها الفريق الفلسطيني المفاوض ، والقول أن هذا الفريق تخلى عن أجزاء واسعة من القدس الشرقية ، هو ادعاء مضحك إلى الحد الذي ربما ينسينا كلية ، أن مساحة القدس الشرقية كلها لا تتجاوز الكيلو متر المربع الواحد.
والأهم من كل هذا وذاك ، هو، إذا كان الفريق الفلسطيني قد فرط بكل هذه الحقوق واستجاب تماما للشروط الإسرائيلية للتسوية، إذن ، ما الذي تبقى من العوائق التي تمنع إقامة معاهدة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل منطقي
ماجدي ماجد ( 2011 / 1 / 25 - 08:34 )
بصراحه شديدة، انتي انسانه متمكنة بالتحليل السياسي .. وعندك نظرة تحليلية دقيقة. رغم اني ضد السلطة الفلسطينية للاسف لانها تتعامل مع اسرائيل وكانه دولة صديقة وباخلاص.


2 - تصحيح من الكاتبة
نادية عيلبوني ( 2011 / 1 / 25 - 09:38 )
وقع خطأ أثناء الكتابة في الفقرة ما قبل الأخيرة فقد ذكرت وثائق الجزيرة أن الفريق المفاوض تنازل عن أجزاء واسعة من البلدة القديمة في القدس الذي تبلغ مساحته كيلو مربع واحد ، وليس من القدس الشرقية كما هو وارد. الخطأ ناتج عن السرعة في الكتابة فوجب التنويه .


3 - الويل لقطر الشؤم
مجدى حلمي عزيز ( 2011 / 1 / 25 - 10:11 )
احييك سيدتي
حتي هذه اللحظة لم يفهم العرب الدور الشرير الذي تلعبه قطر وحاكمها المجرم فهذا الشخص هو
الشيطان مجسما يلعب باوراقه المتوافرة لديه بمنتهي الحنكة والبراعة
فهو يعرف اعداءه ويعمل على تدميرهم
فهو ضد العرب المعتدلين وضد الغرب وضد المسيحيين ومع الارهاب والتطرف والقاعدة والتدمير
والهلاك ويعمل بكل جهده لتحقيق ذلك مستخدما المال وقناة الجزيرة
ويداهن العرب وامريكا والغرب ويتملقهم
واعتقد تمام الاقتناع ان له يد هو واعوانه في مذبحة الاسكندرية ومذابح العراق
وللاسف هو مجرم اسوا من بلادن لانه لايظهر بصورته الحقيقية
ارجوك تابعي هذا الملف ولاتتركية برؤيتك الثاقبة وفهمك العميق
حتي يعرف القاصي والداني من هي قطر ومن هو حاكمها


4 - قطر ليس دولة شريرة
ماجدي ماجد ( 2011 / 1 / 25 - 12:45 )
الحقيقة ان قطر وقيادة قطر ليس اشرار. ولكن مشكلتهم يلعبون مع الكبار ويريدون مكانا عاليا في القمم .. هذه مشكلة قطر
لكن احيانا لتحقيق تلك الامال والتي توصف بجنون العظمة فانهم يدوسون على كثير من الثوابت والاخلاقيات المعمول بها


5 - يجب ان لاننسى
مروان حمود ( 2011 / 1 / 31 - 17:35 )
العزيزة نادية لماذا الاستغراب, هل نسيتي ان زواج المتعة المنعقد على سنة البئر ونفطه المعقود بين قطر والصهيونية قد انجب توأم هما موزة والجزيرة وهما يؤديان واجبهما باتجاه الام الحقيقية
واللبيب من الاشارة يفهم
سلام من الدانوب

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار