الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديكتاتورية الاجتثاث واقصائية الحل

الفيتوري بن يونس

2011 / 1 / 25
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


منذ فترة ليست بالقريبة وتحديدا مع صدور ما عرف بقانون اجتثاث البعث في العراق وفكرة الكتابة عن تعارض هذه الفكرة مع ابسط مقومات الديمقراطية تراودني ، إلا أن عدم اتساق جل ما يجري في العراق مع منطق الديمقراطية جعلني اصرف النظر ولو مؤقتا عن الخوض في هذا الموضوع عل الأمور تعود إلى منطقها يوما ويجد هذا القانون نفسه ذات يوم في ذمة التاريخ .
إلا أن ما ينادي به البعض في تونس بعد انتصار ثورتها الشعبية – ما أطلقت عليه القناة الفرنسية ثورة الياسمين واراه انتقاصا منها ليس من باب كره الياسمين – من المطالبة بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي ظل يحكم تونس منذ استقلالها جعل فكرة الكتابة في الموضوع اشد إلحاحا لدي لما يمثله الاجتثاث أو الحل من خلط بين شخوص المنتمين للحزب وبين المبادئ التي يقوم عليها من جهة وبين الحزب ومؤسسات الدولة من جهة أخرى .
صحيح أن الحزبين شأنهما شأن بقية الأحزاب أو الأسر الحاكمة مارست هذا الخلط فأصبح رئيس الحزب أو أمينه العام هو الحزب والحزب هو الدولة وبالتالي ذابت الحدود وتجسد كل شيء في شخص الحاكم .
إلا أن ذلك وفي مجال المحاسبة أو حتى الانتقام – المفترض استبعاده في الممارسة الديمقراطية – لا يعطي الآخرين الحق في هذا الخلط وبالتالي معاملة الحزب في شخص رئيسه ، بل أن منطق الديمقراطية يفرض محاسبة هذا الرئيس وبقية الأعضاء كمسئولين عما ارتكبوه من أخطاء وفقا للقانون سواء كانت تلك الأخطاء وقعت أثناء ممارستهم مهامهم كمسئولين في الدولة أو وقعت منهم كأفراد سواء استغلالا لاسم الحزب أو بمعزل عنه ، اللهم إلا إذا كانت هذا الأخطاء وقعت بسبب مخالفة مبادئ الحزب للدستور وهو غير المتصور في حالة حزب يحكم باسم الدستور نظريا على الأقل ، وحتى ذلك لا يعطي الحق في أكثر من إعطاء الحزب مهلة لتسوية وضعه وفقا للدستور أما جرى في العراق وما ينادى به في تونس من اجتثاث وحل فذلك لعمري قمة الديكتاتورية وعين الانتقام .
فحزب البعث العربي الاشتراكي ومن خلال إلمامي بمبادئه واطلاعي على بعض أدبياته لم أجد في هذه المبادئ وتلك الأدبيات ما يدعو إلى اجتثاثه بل على العكس تماما رأيتها تجسيدا لأحلام قطاع واسع من الشعوب العربية بدليل انتشار مبادئه وتأثيره الفكري حتى في المغرب العربي ، أما ما ارتكب من قبل رموزه من فساد وقمع و إذلال فليست مبادئ الحزب مسئولة عنه ، والأمر ذاته يصدق على حزب التجمع الدستوري في تونس .
نعم أنا مع فصل الحزب أي حزب عن الدولة ، حتى ولو وصل إلى هرم السلطة لان رئيسه أو أمينه العام سيتحول من رئيس لحزب إلى موظف بدرجة رئيس أو رئيس حكومة أو وزيرا أولا لدى الشعب الذي يدفع له مرتبا لقاء ذلك ، ولكنني وعلى طول الخط ضد اجتثاث أو حل أي حزب لا لشيء إلا لأن رأسه أو رموزه أساءوا للشعب ، لان هذه الإساءة وجهت إلى الحزب ومبادئه و أهدافه أولا وبالتالي فالحزب نفسه ضحية تحتاج إلى الإنصاف وليس جانيا يستحق القصاص.
وختاما أقول إن منطق الاجتثاث والحل لا يعدو أن يكون ممارسة لأعتى أن أنواع الديكتاتورية واخطر أنواع الإقصاء ولو من باب ممارسة الديمقراطية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال