الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجوه الغائبة (2)

نصارعبدالله

2011 / 1 / 25
سيرة ذاتية


الوجوه الغائبة (2) د/ نصار عبدالله
كنت أعتزم أن أكتب سلسلة من المقالات عن الأصدقاء الذين غيبهم عنى عام 2010، وبالتالى فلن أراهم هذا العام كما اعتدت أن أراهم كلما أتيت إلى القاهرة لكى أشهد معرض الكتاب فى شهر يناير من كل عام ، وقد كتبت بالفعل أول مقالات هذه السلسلة وهو ذلك الذى نشر منذ نحو أسيوعين بعنوان : "الوجوه الغائبة" والذى تكلمت فيه عن الصديقين العزيزين عفيفى مطر وفاروق عبدالقادر، غير أن الحدثين الجللين اللذين دهمانا فى شهر يناير وأعنى بهما جريمة كنيسة القديسين وانتفاضة تونس، كانا كلاهما يستوجبان التوقف عندهما فتوقفت، .....هأنذا أواصل فى هذا الأسبوع حديثى عن الأوجه الغائبة
****
3ـ عدلى رزق الله : رغم أن صلتى بعدلى رزق الله كانت قد دامت ستوات عديدة منذ أن تعرفت عليه بعد عودته من باريس فى مطلع الثمانينات فى القرن الماضى ، رغم ذلك فلم يعرف أى منا أننا أبناء محافظة واحدة إلا على سبيل المصادفة الخالصة عندما أخبرنى يوما فى منصف التسعينات أنه يغتزم إقامة معرض متنقل لرسوم الأطفال فى محافظات الصعيد بدءا من المحافظة التى ينتمى إليها وهى أسيوط . عندما عرف عدلى أننى من أبناء مركز البدارى وعرفت أنا أنه من أبناء مركز أبنوب، وكلاهما : أبنوب والبدارى ضلعان فى مثلث واحد يتكون من المراكز التى تقع شرق النيل ، عندما عرف عدلى ذلك انطلق، يحكى عن ذكريات طفولته فى أبنوب ...يقول عدلى : " كانت أمى تنهرنى عندما أخرج للعب بالفانلة فى شوارع القرية ... تقول لى يا د ما تمشيش ..مؤخرتك عريانة زى عيال المسلمين !! تسمعها خالتى أم محمد فتهتف فيها مؤنبة : " يعطينا ما أعطاكم يا أم عدلى !!! تلطم أمى على صدرها معتذرة ...يخيــّــبـنى ، وربنا والمسيح الحى ما أقصدشى ... سامحينى يام محمد ... تقل لها خالتى أم محمد : ولا يهمك ياختى، يا غالية يابنت الغالية ..أنا بضحك معاكى !!!... ويضبف عدلى : لم نكن أغنياء ..فقد كنا نجن وخالتى أم محمد نقع على الحافة بين فئة الفقراء وفئة المستورين ...غير أن حرصنا على أن نبدو من المستورين كان أكثر...يضيف عدلى: فى ذلك الوقت لم يكن هناك ذلك الحاجز الذى نشأ فيما بعد بين المسلمين والأقباط والذى يزداد فى كل يوم جهامة وقتامة ، وكان من الممكن جدا أن تعرض أمى بدرجة الفقر الذى يعانى منه جيراننا المسلمون على مسمع من خالتى أم محمد دون أن تغضب خالتى غضبا حقييا بل توجه لها لوما هو أقرب إلى المزاح ، فى مثل هذا الجو الحميم نشأت ، وأنا أشعر أن المسلمين هم بقية أهلى ووطنى، وحتى عندما كنت من أوائل الخريجين فى كلية الفنون الجميلة ولم أعين معيدا ، كنت واثقا من أن السبب ليس هو كونى قبطيا فقد كام هناك عدد آخر من المتفوقين مثلى ، وكانوا جميعهم من المسلمين ولم يعينوا أيضا ...إننى لا أدرى ما الذى حدث لمصر ولماذا يحاول البعض أن يحول أهلى ووطنى إلى أعدائى ؟؟ لكنى أنا على الأقل لن أسمح بذلك لأننى لا أريد أن أصبح يتيما ممن تبقى لى من الأهل .
***
زرت عدلى مرات عديدة فى مرسمه فى المسافر خانة ، وعايشت تجربته التى قررمن خلالها أن يكررر تجربة المبدع الذى يتعيش من إبداعه وحده وهى التجربة التى اقترنت بأسماء قليلة فى عالم الإبداع التشكيلى ، وبأسماء أقل فى عالم الإبداع الأدبى. لم تكن هذه التجربة تدر عليه دخلا كبيرا لكنها كانت تلبى له مطالبه الأساسية فى الحياة ، كما أنها كانت توفر له ما هو أهم وهو استقلال الفنان عن أية وظيفة أو أية مؤسسه وهذا وحده كان من أهم ما يعنيه .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت