الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في الأيام العشرة للقاص راضي المترفي

كاظم الشويلي

2011 / 1 / 25
الادب والفن


كاظم الشويلي قراءة نقدية في الأيام العشرة للقاص راضي المترفي

إلى أرواح الشهداء الذين حاولوا الهروب نحو الحرية فنالت منهم المقاصل ، بهذا الإهداء الحزين و الكلمات المختزلة قدم القاص المبدع راضي المترفي قصته القصيرة الموسومة ( عشرة أيام تكفي ) هدية لشريحة كبيرة من أرواح الشهداء الخالدين في جنات النعيم الذين سبقونا لملاقاة الله بوجه حسن ...

يشرع المترفي بوصف لحظات الفراق والرحيل والحالة النفسية للشخصيات الرئيسية ، حيث نشاهد ان المترفي استطاع ان يرسم لنا حالات الخوف لشخصية المرأة الضعيفة وهي تواجه مجموعة عوامل ، فقد رسم لنا في هذا المقطع الأول من قصته القصيرة الرائعة ، عامل الخوف والرهبة والفراق ، نطالع :

( تحرك القطار وهي واقفة تلوح بيدها لوجهه الذي التصق بالنافذة الزجاجية وبدأت ملامحه بالتلاشي وتمسح بيدها الثانية دمعة انحدرت على خدها الذي ازدادت حمرته بسبب الاحتقان جراء الضغط النفسي لرحيله .. اخذ شبح القطار بالتلاشي فأنزلت يدها وجلست وحيدة على رصيف المحطة باحثة في حاجيات حقيبتها عن شيء يعيد لها رباطة جأشها فلم تجد غير حبة أسبرين تناولتها من غير أحساس بالدوار او الصداع ... ) .
وبهذا الوصف الدقيق والسرد المتأني ، تعرفنا على شخصية مضطهدة مسلوبة الإرادة ، جاءت لتوديع زوجها بالدعاء والدموع ... وكما شاهدنا في البدء ان المترفي ركز على عامل الفراق والألم ، نلاحظه انه قد سلط الضوء في المشهد الثاني من قصته على طموحات وآمال الشهيد ، وهو يحاول الهجرة ربما بدافع (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا ...) ولعله أراد ان ينجو بمبأدى مقدسة في ضميره ، نعم ان القاص أشار الى ان البطل رحل للبحث عن الإنسانية ، نقرأ السرد الرائع للمترفي :
( أرخى رأسه المتعب على مسند المقعد ونام كمن لم ينام عمره كله .. حلم انه استعاد آدميته وانه يتحرك بأمان في بلد لا تعمل شرطته السرية اكثر من اربعة وعشرين ساعة في اليوم ووجد فرصة العمل التي كان يحلم بها منذ أكمل تعليمه . )
وهاهي عدسة المترفي تنتقل مرة أخرى بين شخصيات القصة ، وكأنه يكتب سيناريو لفيلم يوثق فيه قصة تراجيدية لمأساة عراقية ، هاهو يرسم العامل الأخر من العوامل الضاغطة على هذه المرأة الضعيفة ، انه عامل الرهبة من السلطة ، وكأن المترفي يريد أخبارنا ، ان العائلة العراقية في الزمن البائد كالدار المخلوع بابها ، نطالع :
( دخلت غرفة نومها وألقت بجسدها على السرير وسط العتمة واسلمت نفسها للنوم بعد ان لعبت الوساوس برأسها وقت لا تعرف مداه ولم تصحو من النوم الا على طرقات عنيفة متسارعة على باب البيت .. لملمت نفسها وتحركت ببطء نحو الباب المخلوع فوجدت ثلة من الرفاق والشرطة السرية موجهين ماسورات بنادقهم نحوها وخاطبها صوت خشن اجش قاسي النبرات :عليك ان تحضري غدا الى مديرية الامن وتبرري سبب غيابكم عن البيت ثلاثة ايام متواصلة والا ....فأنكم خير من يعرف ما يحصل ثم بصق على الباب وادار لها ظهره فتبعه الآخرون ...
صحا من النوم فوجد القطار قد وصل النقطة الحدودية وشرطة الحدود يفتشون حقائب المسافرين ويدققون في اوراقهم وعندما وصله الدور انزل حقيبته واخرج اوراقه .. فتح الشرطي الحقيبة فوجد بداخلها كتابين وكيس مليء بالتراب اضافة للملابس ثم نظر لها وامره بالترجل ومعه الحقيبة فسأل عن السبب ؟ .
رد الشرطي : الاجابة عند ضابط التحقيق . )
وهكذا تستمر عدسة المترفي وهي تلتقط مشاهد الأحداث التي واجهت الزوج الهارب نحو الحرية والمرأة التي تحاول مناصرة زوجها والوقوف معه رغم كل مضايقات مديرية الأمن وفراق الزوج والحنين اليه والتطلع نحو غد جديد ، لكن يبدو ان الرياح تسير بما لا تشتهي السفن ، وقد حاول البطل الانفلات من الواقع المأساوي ، لكنه سقط بين أيديهم الملوثة بدماء الأبرياء ، نقرأ المقطع الأخير من قصة المترفي بعد ان حققت مديرية اللا امن في العهد البائد مع زوجة الشهيد ( واخبروها ان محكمة الثورة أصدرت حكما بحق زوجها وأعطوها نسخة من ذلك القرار الرهيب .
قرأت فحوى القرار الذي كان نصه :
( نظرا لتجسسه للأعداء ومحاولة تهريب وبيع تراب الوطن لجهة أجنبية قررت محكمة الثورة ... إعدامه شنقا حتى الموت ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة ) .
سألت بدهشة : متى وكيف ؟ . جاء الجواب قبل عشرة أيام . سألت ثانية : هل يحق لي توكيل محامي للدفاع عنه ؟ . جاء الجواب بالنفي وعليك استلام جثته من المشرحة . ) !!

وبهذه اللحظة التنويرية التراجيدية وهذا السرد المتألق يختتم القاص المبدع راضي المترفي قصته الحزينة والتي تؤرخ لشهداء العراق الذين سقطوا فداء لتراب هذا الوطن المعطاء ، تحية للقاص راضي المترفي وهو يقدم لنا عملا أدبيا هادفا على شكل قصة قصيرة ، يحيي فيه ذكريات شهدائنا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس