الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيُصفق الجميع لسوريا حتى تحمّر أيديهم

قاسم محمد يوسف

2011 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الحروب اللبنانية المتنوعة منذ عقود فرضت حيزاً أساسياً للتعاطي مع الوضع اللبناني حسب التسويات الممكنة مع مراعاة التوازنات الطائفية ضمن ما يُعرف بالديمقراطية التوافقية بين المكونات الوطنية كافة, وقد يعتبر إتفاق الطائف رغم سيئاته أفضل الحلول الممكنة والقائمة للأزمة اللبنانية المستمرة على قاعدة أن تقويم الإعوجاج في مسار الأمور على المستوى الوطني أفضل بكثير من مشاريع التغيير نحو صيغة جديدة تكاد تكون معدومة في الوقت الراهن لتؤسس لمنطق الدولة والمؤسسات وتضع الطائفية السياسية على سكة الإلغاء من النفوس والنصوص.

يقوم منطق الديمقراطية التوافقية في لبنان على إحترام التوازنات الداخلية للعملية السياسية التي أفرزتها الإنتخابات التشريعية على إعتبارات طائفية وبالتالي فإن الشرعية التي تنبثق عن إنتخابات برلمانية تحدد المسار العام لقدرة التمثيل الشعبي القائم في أي محاولة سياسية تحفظ منطق التوازنات الحساسة.

ما حدث في لبنان من هرطقة ديمقراطية تمترست خلف الدستور أصابت الجسد التوافقي بجراح بالغة الخطورة وساهمت إلى حد بعيد في خلط الأوراق الطائفية والمذهبية المقيتة وإعادة الفتنة إلى الواجهة من جديد إلا أن الصورة تحمل في ثناياها وجوهاً متعددة للحيثية القائمة خلف الكواليس وضمن المطابخ السياسية السورية والإقليمية والدولية على قاعدة تقاطع المصالح المشتركة, قإسقاط الرئيس سعد الحريري بهذه الطريقة وتنصيب الرئيس نجيب ميقاتي في الربع الساعة الأخير طرح أسئلة متعددة عن دور سوري فرنسي بمباركة أمريكية وأقله عدم إعتراض سعودي لإقصاء الرئيس الحريري في الوقت الراهن وتكليف الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة في خطوة إستباقية تمنع إنزلاق الوضع في لبنان إلى التوتر الأمني والعسكري من قبل حزب الله تمهيداً لإدخاله ضمن الفلك الإيراني المباشر وبالتالي فإن اللون السياسي الواحد ضمن السلطة القادمة وإبتعاد فريق الرابع عشر من أذار عن أي مشاركة في الحكم يسحب ورقة التحرك العسكري والسيطرة الأمنية من يد حزب الله وحلفاءه على أن يتم إصدار القرار الظني قبل الإجتماع الأول في الحكومة المقبلة في خطوة إستباقية وبالتالي يبنى على الشيئ مقتضاه.

إن الغرب وعلى رأسه فرنسا والولايات المتحدة أدخل تغييراً جذرياً على طريقة التعاطي في المسألة الإيرانية ما شكل إنعطافة سياسية هائلة تجاه العاصمة السورية دمشق بإعتبار أن إيران تسير في إتجاهين متلاصقين لا يقل أحدهما أهمية عن الأخر فالملف النووي الإيراني بات يُشكل أزمة عالمية يسعى المجتمع الدولي إلى تفكيك أواصرها وفرملة سرعتها ضمن خطة عمل مشتركة لم ترسو حتى الساعة على بنود محددة للمواجهة الحتمية, إلا أن الإتجاه الملاصق الذي إعتمدته طهران عبر فرض نفوذها السياسي على المنطقة برمتها قلب الطاولة على الجميع وشكل رافعة كبرى لملفها النووي ولقدرتها التفاوضية من موقع القوة والقدرة, ما حتّم على الغرب إعادة حساباته تجاه سوريا مُعتبراً أن التوسع الإيراني الكبير في منطقة الشرق الأوسط يعادل في شكله ومضمونه خطورة إقتناء القنبلة النووية.

تعتبر سوريا اللاعب الأكبر والأبرز على الساحة اللبنانية والإقليمية, ويُجمع المراقبون على توصيف سياستها الناعمة والرشيقة تجاه الوضع اللبناني بالسياسة العبقرية, فهي تدرك جيداً أن المنصة اللبنانية الداعية للحرية والسيادة والإستقلال تشكل تهديداً صارخاً للأمن القومي السوري وبالتالي فإن أي تغيير في التوازنات الداخلية اللبنانية لا يتماشى مع النظرة السورية لمسار الأمور يُشكل إستفزازاً قومياً لها على صعيد نفوذها ضمن المعادلة اللبنانية ويتطلب تغييراً حاسماً في طريقة التعاطي مع الواقع القائم, ولكن وفي الجهة المقابلة ترى دمشق أن التوسع الإيراني الهائل في المنطقة وتعاظم نفوذها من المحيط إلى الخليج, لا سيما في فلسطين والعراق ولبنان, يُشكل تهديداً وحصاراً أكبر, ما يفرض تحركاً سريعاً ومدروساً على الساحة اللبنانية الداخلية, وتأتي الخطوات المتلاحقة من إسقاط الحكومة إلى تكليف الرئيس ميقاتي في سياق التحضير للمعركة ونصب الأفخاخ, على أن يدخل حزب الله حيّز الإستهداف بعد صدور القرار الإتهامي المرتقب, وحينها سيصفق الجميع لسوريا حتى تحمّر أيديهم ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |