الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يصعب تطبيق النموذج التونسي في الشرق الاوسط ؟

دياري صالح مجيد

2011 / 1 / 26
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


ثورة الياسمين التي ساهمت في تفجيرها بشكل كبير القوى الشعبية و المواقع الالكترونية المختلفة , ينظر لها اليوم بعين الاحترام والترقب من قبل طرفين متناقضين في المصالح والتوجهات , فالشعوب المقهورة في شرقنا الاوسط تنظر الى تلك الثورة نظرة الاحترام والتقدير لكل ابناء الشعب التونسي ممن رفضوا استمرار الاذلال تحت وصاية حكم جائر مستبد اثرى على حساب الشعب , في مقابل نظرة ملئها الترقب والاستعداد من الان الى قادمات الايام لما يمكن ان تسهم به مدخلات شعبية متضامنة مع النموذج التونسي في امكانية تصعيد حدة الانكسار الذي يشعر به الفرد في هذه الدول للوصول به الى مرحلة الانفجار عبر المطالبة بالتغيير تيمنا بثورة الياسمين تلك . خاصة وان تلك المخاوف بدات تتصاعد اليوم مع اقتراب بعض دول المنطقة من الانتخابات التي سيجري البعض منها في وقت ليس بالبعيد عن اصداء الثورة التونسية , فهل يا ترى ستنتشر بذور الثورة تلك لتُحصد ثمارها في الدول الشرق اوسطية ؟ .

على الرغم من ان تونس تنتمي جغرافيا الى العالم العربي الا انها ثقافيا واجتماعيا تمتاز بخصوصية ما لا يمكن للمرء ان يعزلها عن ارث الماضي الشائك . هذا فضلا عن اهمية موقعها من اوربا وتاثرها بالافكار التحررية اكثر مما هو عليه الحال في دول الشرق الاوسط العتيدة في خضوعها لحكام لا مفر من الاستمرار في الغضوع لاستبدادهم ولديمقراطياتهم الزائفة , طالما ان الادوار التي تلعب من قبل الدولة في هذا الشرق تركز على ثنائية الحكم والعسكر في مقابل التراجع الخطير لدور القوى اليسارية والمثقفة في امكانية التاثير على فئة واسعة من المجتمع واقناعها بجدوى التغيير وامكانيته .

لا اريد ان اكون كثير التشاؤم هنا لاحكم على اي تجربة بالفشل في هذا الشرق اوسط , لكن من يتصور ان الامور يمكن لها ان تنتشر بهذ السهولة من تونس الى دول مثل مصر و السعودية او ايران , فهو انما يعمل على تبسيط الامور اكثر مما ينبغي لها . وهو ما يقود بالنتيجة الى الوقوع في كارثة التحليل الخاطيء البعيد كل البعد عن الواقع . فالكل يعرف بان دول المنطقة هذه لا تؤمن بالديمقراطية ولا تستحب مبادئها التي يمكن لها ان تنصر الشعوب على الحكام وتهيء لاستبدال العروش بغير حكامها الحاليين , وخير دليل على ذلك ان جميع اللاعبين المؤثرين في الشان العراقي من قوى الجوار الجغرافي الشرق اوسطية تتنازع فيما بينها على اديولوجيات ومشاريع مختلفة , لكنها بالمقابل تجتمع على مصلحة جوهرية عبر عنها العديد من القادة بشكل مباشر او غير مباشر وهي افشال المشروع الديمقراطي في العراق الذي عادة ماينظر له على انه احدى ادوات التدخل الامريكي في العراق ومنه الى المنطقة .

اليوم ينظر نظرة مشابهة نوعا ما لما جرى في تونس , واقصد بذلك النظرة الرسمية المعبرة عن رؤية صناع القرار السياسي لما جرى هناك , حيث بدات العديد من النظم الربط بين التجربة التونسية والدور الخارجي في محاولة لاقناع الشعوب بان هذا التغيير انما كان بيدف اغراض لا تخدم مصلحة الشعب التونسي , وعمل البعض الاخر على محاولة الدفع بالتنظيمات المليشياوية والجهادية في سبيل التاثير سلبا على مخرجات هذه الثورة محليا واقليميا .

يبقى امام المتتبع للاحداث هناك تساؤلات تتعلق بدور الطبقة العاملة وبدور المؤسسة العسكرية التي لم يكن لها ذات التاثير على السياسة التي تدار مفرداتها في شرقنا الاوسط من قبل اجهزة ومؤسسات تهيمن على الحكم وبالتالي هي يد الحكام الطولى هنا على الشعوب . لذلك نختصر اجابتنا على التساؤل الذي طرح في عنوان المقالة بالاشارة الى ماذكر من خصائص تميز ثورة الياسمين في تونس التي قيل في حقها " ان ثورة الياسمين استثناء في العالم العربي فهي تمتاز بوجود طبقة وسطى قوية تم بنائها اعتمادا على اقتصاد غير قائم على النفط . ثورة لدى ابنائها مستوى عال من التعليم ومزيد من التساوي في الحريات بين الرجال والنساء . فضلا عن انها ثورة شعب لديه جيش امتاز ببقائه خارج اطار السياسة " .

اذا ما ارادت الشعوب في شرقنا الاوسط العمل على تغيير النظم السياسية فيها بما يخدم مصالح الغالبية التي تمتاز بالفقر وانعدام الفرصة في التعليم وبتسلط قوى الامن والعسكر على رقاب الجميع باعتبارهم اداة السياسي في تركيع الناس , فان مثل هذا التغيير المنشود لن يكون له دور من دون ابناء الطبقة الوسطى وبناتها العاملون دوما على تطوير الافكار والانغماس في التعليم وتطوير منظمات القوى العاملة بما يعطي لها الدور الحقيقي في التحول الى قوة مواجهة ضد النظم الحاكمة , والا فان ثورة الياسمين لن تجد لها مكانا في شرقنا الاوسطي الذي لم يشهد منذ عقود اي ثورة حقيقة على النظم السياسية فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تيان مين ميدان التحرير القاهري
محمد عبدالعليم ( 2011 / 1 / 26 - 11:11 )
اتفق مع الكاتب حتى قبل مظاهرات مصر ولكني توجهت لميدان التحرير لالتقي لاول واخر مرة في حياتي وجها لوجة مع بقايا مثقفي الطبقة الوسطى المصرية وكنت ادرك انها لم ولن تؤثر فيما يحدث فخلال طريقي نحو الميدان لم يكن احدا يدرك او يهتم بما يحدث وبالفعل لم يكن الامر يعنيهم سافرت لميدان التحرير كما رحلة حياتي وحيدا لكي ارى حفرية الطبقة الوحيدة اللتي كان من الممكن ان تصنع ديمقراطية حقيقية في مصر ان قلبي يتمزق على خيبة املهم ليس في النظام البوليسي بل في موقف باقي ابناء الوطن كانوا مليئين بالامل يبتسمون ويدعمون بعضهم اشعر بالذنب على من اصيبوا بطلقات الرصاص اللذين حملت احدهم بمساعدة اخرين كان فتى في ال23 يعمل وليس عاطلا تري هل مات احد ؟ ولكني كنت ادرك ان ما حدث سيحدث كانت فقط صرخة في فلاة


2 - مطماطة،تطاون،جربة،قفصة،القصرين،خمير
سعيد تطاوني ( 2011 / 1 / 26 - 17:43 )
وتؤكد وبالقطع -على الرغم من ان تونس تنتمي جغرافيا الى العالم العربي - وانا اتساءل عن الحدود الجغرافية لهذا العالم العربي؟
ان تونس ياصاحبي دولة افريقية جغرافيا وامازيغية ثقافيا ومعربة قسرا باسم الاسلام فتدارك الموقف لتغفر لك الجغرافيا


3 - رد على التعليق رقم 2
دياري صالح مجيد ( 2011 / 1 / 26 - 18:43 )
الاخ الكريم اشكرك على اية حال على قراءة المقال واود القول لك بان قراءتك لاي كتاب بسيط في الجغرافيا سيساعدك في تصحيح معلوماتك الجغرافية عن تونس والعالم العربي . كنت اتمنى لو يكون نقاشك وتعليقك اكثر عمقا كما هو الحال مع صاحب التعليق الاول .
تمنياتي لك بالتوفيق


4 - رد على التعليق رقم 2
دياري صالح مجيد ( 2011 / 1 / 26 - 18:43 )
الاخ الكريم اشكرك على اية حال على قراءة المقال واود القول لك بان قراءتك لاي كتاب بسيط في الجغرافيا سيساعدك في تصحيح معلوماتك الجغرافية عن تونس والعالم العربي . كنت اتمنى لو يكون نقاشك وتعليقك اكثر عمقا كما هو الحال مع صاحب التعليق الاول .
تمنياتي لك بالتوفيق


5 - الطبقة الوسطى ؟؟
قادر اياد جواد ( 2011 / 1 / 26 - 21:39 )
اتفق مع الكاتب الى حد بعيد بان الطبقة الوسطى هي التي ساهمت و بالدرجة الاساس باطاحة الدكتاتورية في تونس. حيث ان هذه الطبقة شبه معدومة في الشرق الاوسط حيث يقمعها العسكر ويسيطر عليها ويخدرها رجال الدين وخاصة في العراق. ولكن يجب علينا ان لا ننسى ان الثورة الفرنسية قد فجرها الجياع والمضلومين قبل ان تاخذ ابعادها الثورية والفكرية المعروفة في الوقت الحاضر


6 - اسلحة الطغاة
عبد الرحمن كريم ( 2011 / 1 / 26 - 21:53 )
مع اني اتفق مع الدكتور دياري حول العوامل الاجتماعية والاقتصادية والحضارية التي ذكرها الا اني اود ذكر بعض الحقائق عن السياسات المتبعة من قبل الساسة في البلدان الشرق الاوسطية وحتى غيرهم في سبيل ووقف المد الياسميني على مناطق نفوذهم ، واهمها هو بث روح اليأس من النتائج التي سوف تحققها الثورة التونسية واغلب تأويلاتهم تذهب الى ان الناس بثورتهم قد خدعوا انفسهم ومن يحكم مستقبلا سوف يكون كسابقه بل اسوء، وهذا الدعيات المنشورة والمتداولة في الاوسطا الساسة هي كثيرة بل واصبحت اشد تنظيما حتى من قبل القوى التي تعارض انظمة الحكم :
ولعل السبب يعود الى
1. ان هذه الثورة كانت عفوية هبة جماهيرية لم يكن للساسة من دور في اشعالها او قيادتها، وان معظمهم شباب والساسة اشد الكئانات الحية كرها بالشباب.
2. ان الساسة ومن باب الحسد يكرهون اي شيء يتحقق بشجاعة وبطولة لانهم يمتهنون الحصول على مآربهم بالدناءة والجبن . لذا فهم يسعون الى تسفيه مستقبل التي قد يحققها الثورة التونسية.
3. في شرق الاوسط كانت ولا زالت محاولات عفوية ومنظمة لاجل نيل حريتها وثورات وحركات شعبية وجماهيرية ...الخ، لكنها ومع الاسف لم


7 - yEQkXLbKDcdBSkm
George ( 2012 / 2 / 19 - 10:10 )
Thank you so much for this acrtile, it saved me time!

اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة