الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس مجاني

حبيب النايف

2011 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


درس مجاني
الشعوب الحية لا تستكين ولا تخضع للذل مهما تجبر الطغاة واستعملوا أساليب البطش والتعذيب وتفننوا في إيجاد الطرق المتنوعة لشراء الذمم وجمع التأييد الكاذب لبقائهم وكأنهم الممثلين الحقيقيين لشعوبهم لان اليوم الذي تنطلق فيه شرارة التغيير لا يمكن إيقافها وإنها سوف تحرق كل من يريد إخمادها من الطغاة .
لقد أوضحت الانتفاضة البيضاء في تونس على حيوية الشعوب وقدرتها على صنع الثورة وقول كلمتها الفصل لتحدث التغيير الشامل الذي تريد بعد إن عجزت الحكومات الديكتاتورية من الوقوف بوجه تلك الشعوب والتأثير عليها رغم ما تمتلك من القوة ووسائل الإبادة التي تعتقد بأنها قادرة على حماية أنظمتهم المتهالكة بهذه الأجهزة القمعية والبوليسية والتي ستكون في يوم ما وبال عليها وعائق يشل حركتها لأنها أصبحت معزولة عن الشعب تفكر بأية طريقة للخلاص من غضب الجماهير والالتجاء إلى أية مكان تحتمي فيه بعد ان عجزت من توفير ابسط متطلبات الحياة لمواطنيها بالرغم من الوعود الكاذبة والتطمينات التي كانت تطلقها وهذا ما لاحظناه في وضع الدكتاتور زين العابدين بن علي عندما ضاقت به السبل وبقى بطائرته يحوم بالسماء لم يجد من يمد له يد المساعدة بعد ان تخلى عنه اقرب الأصدقاء لتضمه فيما بعد الديكتاتورية الشبيه لنظامه وسوف نرى اليوم الذي تنهار فيه ملكيتهم بعد ان سئمت شعوبهم من بطشهم وتسلطهم على الرقاب على مدى العقود الماضية ..
إن الأنظمة العربية تعيش عزلتها الآن بعد ان جثت على صدور شعوبها بالقوة فإنها قد انهارت داخليا وشعرت بان الخطر بات يداهمها لان الغفوة التي كانت تلف شعوبهم قد انزاحت واستفاقوا منها مما جعلهم يتحركون حتى لو كان حراكهم غير مؤثر في الوقت الحاضر لكنه سيكون في فترة لاحقة طوفان يجرف تلك الجث الخاوية التي أخذت الوساوس تنخرها نتيجة الخوف على مصيرها المجهول ليأتي اليوم الذي سوف تركلها شعوبها بعيدا بعد سرقة ثرواتهم وتحويلها إلى أرصدة وعقارات واستثمارات في شركات كبرى وشعوبها تعاني من الفقر والجوع وتحلم برغيف خبر يسد رمقها .
لقد اشتعلت الشرارة وانطلقت الجماهير وكسر حاجز الخوف وتبخر حلم الزعماء الذين كانوا يعتقدون بأنهم قادرون على الإمساك بزمام الأمور و ترويض الشعوب وتخديرهم بكلمات فارغة وشعارات جامدة وأخذت الإمبراطوريات المهزوزة تتساقط كأحجار الدومينو لأنها غير قادرة على الوقوف بوجة الحق وان تصمد أمام اندفاع الجماهير العفوي الذي اخذ ينتشر بسرعة البرق ليشمل الكثير من المناطق المتفرقة في وطننا العربي رمز الاستبداد وسلطة الفرد الواحد .
ان الذين يجمعون الثروات على حساب شعوبهم متصورين إنهم قد حصنوا أنفسهم وكونوا المجاميع الأمنية القمعية التي أحاطوا أنفسهم بها وأغدقوا عليهم الأموال ليحولوهم إلى كلاب أمينة تحمي عروشهم وتوفر لهم السعادة الزائفة والراحة المعجونة بالقلق باتوا يشعرون بأنهم يتربعون على عرش من قش لا تحميه تلك الهراوات المدهونة بالحقد والمنقوعة بالخوف حيث لازالت أعمالهم بالرغم من التعتيم الذي أحاطوها به والتزين الذي تطريه عليهم أبواقهم المبحوحة والانتصارات الوهمية التي لم يوجد فيها خصم لان من يعتقدوا بأنهم قد روضوه هي شعوبهم المسكينة لكنهم لم يتصوروا اليوم التي تتحول هذه الطاقات الكامنة إلى صرخة مدوية تهز مضاجعهم وتدفع بهم إلى مزبلة التاريخ
إن ما حدث في تونس درس مجاني لكل الطغاة العرب الذين أساءوا استعمال السلطة وسخروها لمصالحهم واضطهاد شعوبهم وسرقة كافة الثروات التي بحوزتهم وجعل تلك الشعوب تعاني الفقر والحرمان متصورين انهم قد سيطروا بشكل كامل عليهم مستغلين فسحة الديمقراطية المزيفة التي أوصلتهم للسلطة وإنها التذكرة التي يعتبرونها الأمان لهم والضمانة التي تجعلهم يسيرون إلى ما لانهاية بالسلطة وكأنهم قد حجزوها لهم مدى الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس