الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرق في تونس والرعد في القاهرة والسويس

اسماعيل علوان التميمي

2011 / 1 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا شك ولا نقاش ولا جدل حول ما تمثله مصر لمنطقتنا شعبا وأرضا وحضارة وفكرا وريادية في كل الحقب التاريخية التي مرت بها منطقتنا ، فهي دوما قاطرة النهضة وشعلة الحرية وسور الأمة تتقدم الأمة بتقدمها وتتراجع بتراجعها ، هي ماكنة العصر وصانعة الإبداع ومنجبة الجهابذة في الفقه والسياسة والاقتصاد والقانون والتاريخ والعلوم والحروب والفنون والعمارة والآداب واللغة والموسيقى .هي كبيرة العرب وملتقى كلمتهم وبيت حكمتهم وملاذ محنتهم .
أول دولة عربية حديثة تدشن النظام الديمقراطي البرلماني هي مصر عام 1923 وبعدها العراق عام 1925 الضباط المصريون اسقطوا الملك والدستور والنظام البرلماني في مصر عام 1952 تبعهم الضباط العراقيون فاسقطوا الملك والدستور والنظام البرلماني في العراق عام 1958 .
العراقيون دفعوا الثمن مربعا منذ ذلك اليوم الذي قتلوا فيه ملوكهم ودخلوا في أتون صراعات سياسية عطلت نهضتهم وصادرت حرياتهم والتهمت شبابهم وأهدرت نفطهم وأموالهم ودمائهم من قبل أنظمة عسكرية دكتاتورية شوفينية فاشلة وحروب ( داخلية وخارجية ، الخليج الأولى والثانية والثالثة و... )حروب متعاقبة بدأت بقتل الملك والعائلة المالكة بأسرها ملكا ونساء وأطفالا ولم تنته إلا بتحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية نتج عنه احتلال العراق وإسقاط النظام الدكتاتوري فيه وما تلاه من فتن وحروب بين أهل الدار ودماء ومفخخات وانتحاريين عرب مفخخين وانتحاريات مفخخات استباحت دماء العراقيين بوحشية لا مثيل لها .
المصريون كذلك إلى حد ما دخلوا ثلاثة حروب التهمت الشباب المصري والاقتصاد المصري وحرية الإنسان المصري ونهضته ورغيف خبزه وكان من الممكن أن تكون عشرة حروب لولا الحكمة والشجاعة والوعي السياسي المبكر لطبيعة المعادلة الدولية الحاكمة للصراعات الدولية التي تحلى بها الرئيس الراحل أنور السادات حين وضع للحرب نهاية مشرفة ، لم يكن آنذاك مجرد التفكير بنهايتها ممكنا ، وباشر السادات بمشروعه لإصلاح الاقتصاد المصري كمقدمة للإصلاح السياسي الشامل ، إلا إن الجهاديين التكفيريين المصريين سارعوا إلى اغتيال السادات ووأدوا مشروعه الإصلاحي مبكرا واغتالوا فرصة ذهبية كان يمكن إن تسفر عن نظام سياسي مصري ديمقراطي رصين ومستقر يكون نموذجا للمنطقة .
الرئيس حسني مبارك الذي خلف السادات في زعامة مصر قبل ثلاثين عاما لم يكن يملك مؤهلات سياسية أو حتى تجربة سياسية متراكمة حيث كان قبل إن يعينه الرئيس السادات نائبا له قائدا للقوة الجوية المصرية ولم يكن حتى لحظة اغتيال الرئيس السادات يضطلع بأي دور سياسي ذي أهمية . ومع ذلك تمكن وبالتعاون مع قيادات التكنوقراط التي قام بتهيئتها الرئيس السادات قبل اغتياله من انجاز إصلاحات اقتصادية مهمة في ثمانينات القرن الماضي كان السادات قد وضع خططها في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات .إلا انه ومنذ تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم تراجعت إلى حد بعيد قدرة الرئيس مبارك على انجاز أية إصلاحات اقتصادية مهمة نتيجة عجز المنظومة السياسية عن تحمل أية إصلاحات جديدة لكون الإصلاحات الاقتصادية تحتاج دائما إلى إصلاحات سياسية تحتضنها .والمنظومة السياسية المصرية الحالية وصاحبها اصبحت الان متهرئة بكل المقاييس ولا نظن إنها قابلة للإصلاح إلا إذا تبنى الرئيس مبارك نفسه مطالب المعارضة وشكل حكومة إنقاذ وطني ولجنة وطنية لكتابة دستور جديد لمصر وأعلن هو وولده الوريث بعدم نيتهم في الترشح في الانتخابات القادمة .
البرق ما يزال يضيء سماء تونس وزوابعه الرعدية تسمع وتشاهد على الهواء مباشرة ألان في القاهرة والسويس والجزائر وصنعاء وعمان منذرة بتغيرات سياسية هائلة قريبة الوقوع على اقل تقدير في البلدان العربية التي تحكمها دكتاتوريات غير نفطية عفا عليها الزمن قبل ان يحل موسم الدكتاتوريات النفطية في القادم من الزمن . في مصر بعد تونس المصريون في القاهرة والسويس خرجوا من بيوتهم لإحداث التغيير السياسي الجذري المطلوب وهم يرددون شعار (مبارك مبارك ، السعودية بانتظارك ) ، إلى الآن بلغ عدد الشهداء ستة والجرحى بالعشرات والمعتقلين بالآلاف ، الشعب المصري خرج ولن يعود إلى بيته قبل انجاز ما خرج من اجله ، وهو حياة أفضل ونظام سياسي أفضل للشعب المصري فالشعوب التي تتمتع بأنظمة سياسية أفضل وحياة أفضل هي ليست أفضل من الشعب المصري وليس أكثر استحقاقا منه ولا أكثر حيوية منه ، شعبنا في مصر شعب حي وصاحب أولى حضارات الدنيا وعندما يخرج فانه لن يعود بدون تحقيق ما خرج من اجله ، عندما ينهض ويمضي لا يتوقف عند منتصف الطريق ولن تتمكن أية قوة في الأرض مهما تجبرت وتمرست في فنون القمع والعنف من إيقاف نهضته . رياح التغيير هبت في تونس ولن تتوقف إلا بعد اقتلاع كل الدكتاتوريات المعمرة في المنطقة سواء كانت هذه الدكتاتوريات نفطية أو غير نفطية وعلى هذه الدكتاتوريات إن تتأكد بان أنظمتها اصبحت اكسباير وان الزمن قد تغير والعالم أصبح قرية فعلا وموسم رحيل هذه الأنظمة قد بدا وعليها أن تحترم إرادة شعوبها وتنحني لها وان عهد تصفيق الشعوب لحاكميها قد ولى وعلى هذه الأنظمة أن تنحني هي لشعوبها وتسارع إلى بناء منظومات سياسية ديمقراطية حديثة تسمح بالتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وتمنع التوريث وإلا فان عصر الشعوب قد بزغ في تونس ولن يغيب بعدها أبدا فعهد الطواغيت قد انتهى والبيئة التي احتضنتهم قد جفت وان زمن الرحيل قد بدا في تونس ، وان غدا لناظره قريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تربت يداك
احمد كنعان ( 2011 / 2 / 10 - 20:26 )
عمي العزيز
اردت ان اسأل هل كان من الممكن ان تكون هناك ثورة في مصر لو لم تكون هناك ثورة قبلها في تونس؟
وما هو ضمان عدم تسلل طواغيت جدد بهذه الثورات كما الثورات التي قبلها؟
وما هي القشة التي قصمت ظهور (البعران) التي حكمتنا طيلة عقود؟
والخلاصة
هي لماذا كل شئ لدينا طارئ؟
حتى الثورات الشعبية؟
وماهو ضمان عدم عودة الشعوب الى غيبوبة ثانية ربما تطول هذه المرة؟
ومتى يكون هناك عقل جماهيري جمعي يمنع منذ البداية تسلل (البعران) ويعيش نعيما دائما؟
مقالكم رائع يا اروع عم


ابنكم
د0احمد كنعان


2 - ثورة تونس كشفت ان الطواغيت العرب نمور من ورق
اسماعيل علوان التميمي ( 2011 / 2 / 13 - 13:20 )
جواب السؤال الاول
نعم لان كل عوامل الثورة مكتملة لدى الشعب المصري اما انطلاقة الثورة التونسية وهروب بن علي فانها شجعت وعجلت من ثورة الشباب المصري لانها كشفت ان الطواغيت العرب نمور من ورق (بوخة)
جواب السؤال الثاني
الضمان هم شباب ميدان التحرير ومدى امكانية صناعة دستور مصري دائم يؤسس لدولة مؤسسات وتداول سلمي للسلطة لا يسمح بصناعة طواغيت جدد
جواب السؤال الثالث
القشة هي عزيزي تونس
جواب السؤال الرابع
كل شيء طاريء لدينا لان طبعنا البدوي مازال يهيمن علينا فالبدوى ابن يومه ولا يفكر بغده
العقل الجمعي ظهر في اروع صوره في تونس ومصر نامل له ان يكشف عن نفسه في بقية العواصم العربية قريبا وان لا يمنح بقية الطغاة فرصة التقاط الانفاس

اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟