الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نار التغيير. الثورة التونسية تبرز مسار جديد

حنا زيادة

2011 / 1 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


نار التغيير
الثورة التونسية تبرز مسار جديد
بقلم حنا زيادة
ترجمة مكارم ابراهيم


قامت قناة الجزيزة وبشكل يومي بتغطية احداث الثورة السلمية التونسية خلال شهر كانون الثاني الحالي واستطاع المشاهد العربي ان يرى تحول المعجزة الى حقيقة على شاشة التلفاز. ومن خلال البث الحي المباشر استطاع المشاهد العربي ان يرى الشباب التونسي المتظاهر وهو يطيح بواحد من اكثر الزعماء ديكتاتورية في العالم العربي الذي استطاع الاحتفاظ بالسلطة على مدى ثلاث وعشرون عاما.


وعندما اعلن خبر هروب الرئيس بن علي من تونس خرج العديد من المواطنين العرب بمظاهرات تاييد في حين ان البعض الاخر بدا يشعل النار في جسده وهذه النار انتشر الى الدول المجاورة كما ينتشر النار في الحصاد الجاف حيث بدأ الفقراء اليائسيين الجزائريين والمصريين واليمنيين باشعال النار في اجسادهم. لقد كانو يأملون بان نار اجسادهم ستقدح شعلة وتشعل ثورة شعبية ضد حكوماتهم الفاسدة مثلما فعل الشاب التونسي محمد البوعزيزي في تونس عندما اشعل في جسده احتجاجا على حكومته التي لم تقدم للشاب الاكاديمي غير البطالة والفقر والقمع.

ومن السابق لأوانه ان نجزم بان الشباب التونسي سيحقق مالم تستطيع تحقيقه اية حركة شعبية عربية خلال المئة سنة الماضية اي بمعنى اخر تاسيس ديمقراطية شعبية بدون تدخل العسكر او تدخلات اجنبية.ولكن يمكن ان نجزم ان الثورة التونسية احدثت تغيرات في العالم العربي لم تقوم بها اية ثورة اخرى منذ الثورة الاسلامية في ايران. فمنذ استطاع الاسلاميون الاستيلاء على السلطة عام 1979 تمكت التيارات الاسلامية ان تقرر تطلعات الشعوب العربية. ومنذ ثلاثين عاما كان امام الشعوب العربية احدى هذه الخيارات الثلاثة: اما ان تقبل باستمرار مايسمى حكم عسكري علماني وراثي فاسد مثل حكومة الديكتاتور بن علي أو التغيير الى نظام يسيطر عليه الاصوليون أو القبول بالفوضى والحروب الاهلية.

لقد علمنا الشعب التونسي بان هناك طريق وخيار رابع .الا وهوانه يمكن من خلال القوى السلمية الديمقراطية ان نؤسس مجتمع عربي ديمقراطي. فحتى هذه اللحظة استطاع الاسلاميون ان يعطوا الشعب الحق في ان يدخلوهم الى السلطة وليس العكس اي اخراجهم من السلطة مثل ماحدث في غزة. او استطاع الاسلاميون إعطاء التغيطة للجيش للاستيلاء على السلطة كما هو الحال في السودان. اما اذا لم يستطع الاسلاميون الاستيلاء على السلطة فانهم يدفعون بمجتمعاتهم الى طريق الارهاب والحروب الاهلية ضد الحكومة العسكرية التي تعرقل طموحاتهم في الاستيلاء على السلطة كما هو الحال في الجزائر ومصر.

إن التاثير التونسي اصبح الان واضحا على العالم العربي. ومؤخرا في مظاهرا ت مصر وفي اليمن حيث الرئيس صالح النسخة الثانية لابن علي اضطر لالغاء التعديل الدستوري كان ليضمن ولاية رئاسية له مدى الحياة.

المتظاهرون التونسيون اعطوا العرب ثلاث دروس مهمة. الاول هو ان الزعماء العرب لن يشعروا بعد اليوم بالامان وضمان السلطة. والدرس الثاني هو ان اليسار مازال موجودا كعامل سياسي رغم الملاحقات والقمع من قبل الاسلاميين و الحكومات العسكرية. تونس أثبتت بان قوى اليسار والحركات النقابية ومنظمات المجتمع المدني تشكل الحركة السياسية التي تقف من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية في الدول العربية.

اما الدرس الثالث فهو ان على العرب ان لاينتظرو اي تاييد من الحكومات الغربية في نضالهم ضد الحكومات الاستبدادية. ففي اكثر الايام محنة عندما كان بن علي يستخدم كل وسائل القمع ضد المتظاهرين فان الشئ الوحيد الذي سمعه التونسيون كانت دعوات دبلوماسية هادئة من الحكومات الغربية للديكتاتور بن علي (لضبط النفس!! )

وفي هذه اللحظة التاريخية حينما يكسر افضل شباب العرب علما قيود الخوف من اجل المطالبة ب”الخبز والعمل والحرية” وليس كما هي العادة بالهتاف بان “الاسلام هو الحل” او الهتاف ب”الموت لاسرائيل” ينفضح هنا رياء زعماء الحكومات الغربية. وكان ذلك واضحا من خلال سلوك الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي الذي رعت بلاده بن على الى اخر لحظة. العرب باتوا يعلمون بان الشعارات الغربية عن الديمقراطية والاصلاحات في العالم العربي هي مجرد كلمات فارغة بل ترتبط مع مساندتهم العملية للزعماء الديكتاتوريون او مايسمون” المؤيدون للغرب”.

سيستغرب العرب بان الغرب تطوع بارسال شبابه المجندين الى الموت من اجل اسقاط ديكتاتور وبناء الديمقراطية في العراق البلد الغني بالنفط. لكنه رفض ان يرفع صوته تاييدا لتغيير حقيقي و ديمقراطي في بلد يعتبر اكثر بلد عربي متطور اجتماعيا. الفرق هو حسب قول التونسيون ان العراق يملك زيتا اسودا (النفط) اما تونس فانها تملك زيتا اخضر.

تونس كفشت بان عاملين مهمين يعيقان تطور الديمقراطية في العالم العربي. الاول هو التضخم الرهيب للاجهزة الامنية والثاني هو سياسة الغرب المغلوطة الذي يرى مستقبل الشرق الاوسط امام خيارين: اما حكومات اسلامية اصولية مناهضة للغرب او حكومات ديكتاتورية مؤيدة للغرب وترفض ان تستوعب بان الحكومات الفاسدة التي تساندها الحكومات الغربية كجزء من “الحرب ضد الارهاب والتطرف” هم السبب الرئيسي للارهاب والتطرف الاسلامي والحقد على الغرب من اليمن الى المغرب.

نامل ان يتعلم الغرب ايضا درسا من المعجزة التونسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - االحريه
فارس النقيب ( 2011 / 1 / 27 - 19:17 )
هل يستحق من يملك تلك العقلية الاستبدادية ان نصدقه فى أقواله التى تخالف أفعاله ؟ هل يستحق من ينصح بوتين بمخالفة الدستور ان نصدق انه يحترم الدستور ؟ هل يستحق من ينصح بنسيان الديمقراطية بأنه آمن يوما بها وان حزبه وطنى وديمقراطى ؟ هل يستحق من ينصح بتنصيب ديكتاتورعلى شعب العراق ( حتى ولو كان عادلا ) أن نصدق انه ليس فرعون ؟
وفاء اسماعيل

اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور