الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديدن المناضلين

سعدون محسن ضمد

2011 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أسابيع تحدث لي أحد الناشطين بحقوق الإنسان عن سجن (غير رسمي) يوجد في المنطقة الخضراء ويديره، خارج إطار وزارة العدل، قيادي بارز في أحد الأحزاب الحاكمة. كان هدف الناشط من وراء حديثه دفعي لتناول السجن إعلامياً، وبعد مجموعة اتصالات تأكدت من صعوبة معالجة الموضوع، فهناك من المسؤولين من يعلم به ويرفض التصريح بشأنه وهناك من ينكر وجوده، وهكذا إلى أن تناولته صحيفة (لوس انجليس تايمز) الأميركية. وهنا خرج الموضوع من كونه (دعاية مضادة) أو (إشاعة مغرضة) إلى كونه خبراً عالمياً.
الملفت للنظر أن وزارة العدل التي نفت وجود مثل هذا السجن أكدت، خلال نفيها، بعض المعلومات التي نقلها الناشط، ومنها ارتباط السجن بجهاز مكافحة الإرهاب وقيادة عمليات بغداد، ما جعلني أميل لتصديق بقية المعلومات التي أوردها لي والتي يتعلق بعضها بكون السجن يرتبط أيضاً بلواء 56، وكونه مسجلاً لدى وزارة العدل لكن سلطتها عليه لا تتعدى موظفي الاستعلامات المعينين من قبلها، وأن هؤلاء الموظفين لا يعلمون شيئا عن طبيعة السجن ومن يجري اعتقالهم فيه وطبيعة التحقيق الذي يجري داخله. وأن التحقيق يتم خارج السجن وفي أماكن مجهولة يتم اقتياد المعتقلين إليها. كما ذكر الناشط أن أعداد المعتقلين في السجن كثيراً ما يتراوح بين (270 إلى 300) معتقل في حين أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز الـ(76) معتقلاً فقط، كما أكد الناشط أن أحد المعتقلين تعرض لجروح وكسور خطيرة أثناء عملية اعتقاله لكنه لم يتلق العناية الصحية اللازمة مما تسبب بوفاته.
المهم في هذا الخبر هو دلالته، في حال كان صادقاً، على أن معارضي الأمس وقادتنا اليوم متهمون بممارسة نفس أساليب النظام البائد التي كانوا يعارضونها ويعتبرونها ممارسات غير قانونية وغير إنسانية ويؤلبون الأوساط الدولية والإنسانية ضدها. إذ لا يخفى على أحد أن صدام كان يبرر انتهاكاته لحقوق الإنسان وللقانون بمبرر الحفاظ على أمن البلد وحماية (مشروع الأمة العربية) من تهديدات من كان يعتبرهم جواسيس وعملاء للأجنبي، وكان هو وبطانته (المجرمة) يعتقدون أن هذه المبررات كافية لانتهاك القانون وضرب القيم الأخلاقية والإنسانية عرض الحائط..
أخاف كثيراً اليوم من أن يتجه سياسيونا، الذين يستخدمون نفس تبريرات صدام، لممارسة نفس جرائمه، وأخاف أيضاً أن الزمن سيمضي ولن تنتهي التبريرات ولا الجرائم، ويعود إلينا زمن صدام الأسود، لكن بزي ديمقراطي بائس ومهلهل.
يجب أن يكون واضحاً أن الدولة التي تُبنى على خرق القانون لا يمكن لها أن ترعاه في يوم ما. وإذا سمحنا بوجود سجن واحد غير مسجل أو غير مراقب أو غير قانوني فقد قمنا بإضفاء الشرعية الكاملة على جرائم صدام، وإذا مات مظلوم واحد بسبب التعذيب في أحد معتقلاتنا فقد وضعنا وصمة عار بجبين نضالنا ضد استبداد صدام ودكتاتوريته.
التاريخ ـ مع الأسف ـ يخبرنا بأن الأعم الأغلب من المناضلين فزعوا لممارسة نفس أساليب الطغاة الذين كانوا يعارضونهم ما أن استلموا مقاليد الحكم بعدهم، التاريخ يخبرنا بأن هذا ديدن أكثر المناضلين مع الأسف الشديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهل؟
مازن البلداوي ( 2011 / 1 / 28 - 09:37 )
اخي سعدون
لماذا الخوف؟ولو فرضنا ان خوفك تحقق؟ وماذا بعد ذلك؟
انا احد الذين مروا بمثل تلك السجون السرية ايام النظام المقبور،وفرحتنا بزواله لم تكتمل بعد لكثرة المنغصات
اخي،هنالك مشكلة كبرى لايركز عليها الأعلام ولا هي تحت المعالجة الحقّة،نحن في عوز ثقافي لمفهوم الكلمة،مفهوم الوطنية ومفهوم كلمات مثل(نحن،هم،بلادنا،شعبنا،الدين،الفكر،النضال،البناء،التقدم،الألتزام،الوعي،التعليم،......) ليس هنالك فهم جمعي مشترك يصلح كقاعدة للأنطلاق،بل مفاهيم مختلف تشظّي المجتمع تجعله يرزح تحت مقولة......وكل حزب بما لديهم فرحون
ماتراه اسودا يراه غيرك ابيضا،لأن زاوية النظر مختلفة
لذا ستبقى هذه الأمور شاخصة مالم تتوحد الرؤية وبموجب مفهوم وطني جمعي بدون تأثير لي مفهوم آخر،وطني مجرد
تحياتي


2 - من هو المناضل يا سعدون وماهو ديدنه ؟
عامر الدلوي ( 2011 / 1 / 28 - 20:04 )
مرحبا يا زميل
النضال عملية مستمرة ولا تقترن أبدا ً بالسلطة والجلوس على كراسيها
هذا المثال الناصع أمامك
بعد إنتصار ثورة كوبا أصبح شي جيفارا وزيرا وبعد إستقرار أوضاع البلد ترك المنصب وذهب باحثا عن مكان آخر يشعل فيه نيران الثورة غير آبه بالموت وهو يردد جملته الخالدة إن الكرسي هو صدأ المناضل ولم يقم بفتح السجون وتعذيب الناس
أستغربت كثيرا ً وأنت تهب صفة مناضلوا الأمس لأناس لا يستحقون هذا الشرف
فثق يا زميل إنني طيلة خمسة وثلاثين عاما ً من نضال دؤوب هنا في داخل البلد ضد نظام الدكتاتور الأهوج لم تتسخ أذني بأسم أي أحد من هؤلاء ولم أسمع بهم إلا بعد أن جاؤوا مع الأسياد وكل ما عرفته عنهم بعد التغيير إنهم كانوا معتاشين على موائد دول اللجوء ومزوري شهادات من الدرجة الأولى
إن النضال الحقيقي هو مقاسمة الناس همومها والعيش بين ظهرانيها وتبني همومها حتى لو قاد ذلك إلى الموت
من منهم كان هنا في كل التحركات الشعبية ضد النظام المقبور
جاؤونا حفاة عراة وصاروا اليوم أصحاب مليارات فلا بد إذن من سجون سرية ولا بد من السير على خطى السلف السيء للحفاظ على أوضاعهم الجديدة
دمت بخير


3 - آسف على التاخر بالتعليق
سعدون محسن ضمد ( 2011 / 2 / 3 - 10:37 )
الصديق مازن البلداوي، تحية محبة، ونعم مع الأسف الشديد تشخيصك دقيق فالتشضي راسخ في وعي المواطن العراقي وما يبدوا عليه أنه بلد متماسك في الحقيقة هو مقسم داخل وعي الجماعة إلى أقسام، في هذا الموضوع تحديدا أنا لا اجد العلاج ممكن على الأقل في الأفق المنظور، فليس من الممكن إيجاد قاعدة وعي مشتركة بين العراقيين، الموضوع صعب جداً يا صديقي.. تحيتي لك ودمت بعافية.

الزميل العزيز عامر الدلوي، تحية قلبية لك ومشتاقلك كثيرا..
لكن يا صديقي ليس من السهل أن نخرج حزب الدعوة والمجلس الأعلى والحزب الإسلامي والمؤتمر ووو من معادلة النضال، ليس من السهل، لكن يبدوا أن هناك صنفان من المناضلين، حقيقيين وهم الذين تلتقطهم المشانق ورصاصات البنادق، لأنهم دائما بالصفوف الأولى، وانتهازيين، وهؤلاء يبقون دائما في الخلف ويحسنون انتهاز الفرص واستثمار النضال.. وعندما لا يبقى في الساحة غير الصنف الثاني لا يكون أمامنا غير اتقاء السجون السرية..
تحياتي لك ودمت بفرح

اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو