الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!

الطيب آيت حمودة

2011 / 1 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بدأت ملامح ثورة علية ترتسم بإسقاط وجوه من الحكومة الإنتقالية ، وبدأ شبح سرقة ثورة يختفي تدرجيا من فكر التونسيين ، ولو ببقاء رأس الحكومة الذي هو ذات الشخص المغضوب عليه .
ولعل هذه النقلة ستعيد للبلاد والعباد توازنهم ، أو أن القوم لا يهدأون ، ولا يتوقفون عن الإحتجاج حتى يسقط رئيس الحكومة ، فالزاحفون من ولايات الوسط والجنوب المعتصمون ، لا يتوقفون إلا بتحقيق الهدف الأسمى الذي من أجله تركوا ديارهم ومصالحهم وعرضوا أنفسهم للهراوات والعازات المسيلة للدموع .
من جانبي فلن أتوقف ، ولن يهدا لي بال حتى يسقط آخر معقل للنظام السابق وتكوين مجلس تأسيسي شعبي يتولى مقاليد البلاد مؤقتا ، ليشارك الجميع في رسم آمال الشعب في التحرر والإنعتاق وإعداد دستور يتطابق ومأمل الجميع .
*ثورة تونس الصغيرة بحجمها وشعبها ، الكبيرة بثورتها أحدثت لنفسها هالة من الكبر والعظمة ، في نفوس الأشقاء ، والأصدقاء ، وحتى الأعداء في بضع أسابيع ، وهو ما لم يقدر على خلقه لها نظام تأسيد على مقدرات البلاد ما يقارب ربع قرن ، لهذا فهي جديرة بأن تكون ثورة العظمة وصاحبة السبق والريادة .، وجوانب عظمتها مستمدة من أمور هي :
1) أنها ثورة عفوية من ا لشعب وبدون رأس حربة حزبية ، فهي ثورة المظلومين والمقهورين الذين يتطلعون إلى غد أفضل وأرقي .
2) حيادية الجيش التونسي ، وإدراكه لمهامه الدستورية أعطى زخما للثورة ، وهي سمة تحسب له ، مقارنة لما يجري عند الآخرين الذين جعلوه مطية لتحقيق أهداف سياسية طموحة أو الحفاظ على مغانم دنيوية محققة .
3) التدرج في المطالب المرفوعة ، يظهر مدى قدرة التونسيين على استغلال الظرف المناسب لتحقيق الحد الأقصى من المطالب ، وسايروا منطقا سائدا عند زعيمهم بورقيبة الذي كان له شعارا ( خذ وطالب ).
4)حجم الخسائر البشرية والمادية قليل مقارنة بثورات مثيلة سابقة ، وما يثلج الصدر هو تجاوب جميع الأطياف الفكرية والسياسية والثقافية و الإجتماعية مع الثورة ، فلم تظهر المعارضة إلا بصفة باهتة ، فحتى الشرطة المخطئة طالبت الصفح ، وشاركت في المسيرات .
5) انتقال إشعاعها الثوري التحرري إلى بلدان مشرقية ، فتماهت الشعوب معها في حراك احتجاجي في اليمن ومصر والسودان والجزائر وليبيا والأردن ،وما يقع هذه الأيام الأخيرة بمصر واليمن ينبيء بتكرار بجربة تونس على أوسع نطاق .
6) تصريحات الأمريكان والفرنسيين ، والإتحاد الأوروبي بالوقوف مع الشعوب في مسيرتها المطلبية ، (ولو هو من النفاق بمكان) ، أفقد الأنظمة الإستبدادية توازنها ، فإما أن تخضع سريعا لإرادة شعوبها في التغيير ، أو يبتلعها أتون الثورة المدمر .
7) الاستبداديون والظلمة من الحكام ، أدركوا ما ينتظرهم أخيرا ، قتل وشنق على المباشر ، أو انتحار محتوم، أو هروب بلا وجود مستقبلين لهم ، وما يلحقها من تجميد للأرصدة وحجز للمتلكات المنهوبة ، ومطاردة من الأنتربول ... فحكامنا هذه الأيام لا ينامون ..... فإن ناموا فكوابس ثورة تونس تلاحقهم وتنغص عنهم حياتهم اليومية وتلجم أفواههم ، حتى وسائل أعلامهم لا تتعرض لما يقع في مصر واليمن من عظيم الخبر خوفا من انتقال أمرها إليهم .
8)سياسة تخفيض الأسعار ( رشوة مبطنة ) ، وتحسين الخدمات الإجتماعية ، والليونة التي تبديها بعض الحكومات في التعامل مع مواطنيها هي كلها شواهد دالة على إدراك الأنظمة لأخطائها ومحاولة إصلاح ما أفسدته وهي مرغمة .
9) الترسانات العسكرية والأمنية في دولنا ، والمقدرات المالية المقتطعة لها في السر والعلن ، تظهر أنها موجهة قصدا لحماية الأنظمة ضد شعوبها ، فهي أذرع فولاذية عصية لجلد الشعوب وكبتها واضطهادها وتخويفها لا لتحريرها واستقلالها .
10)الأنظمة الغربية تكيل بمكيالين ، فهي مع الأنظمة الإستبدادية سرا بما تقدمه لها من دعم لوجيستي وعسكري نظير تنازلات لصالحها في مجال نهب الثروات الطبيعية في بلداننا ، وعندما تلحظ بأن الثورة في طريقها إلى التتويج والنجاح تعلن تأييدها لها ، وهو ما وقع مع فرنسا والولايات المتحدة تجاه ثورة تونس ، وهو ما صححته فيما يبدوا تجاه ما يقع في اليمن ومصر في الأيام الأخيرة .
11)المملكةالمغربية هي البلد الوحيد الذي لم تؤثر فيه ثورة تونس حسب ما يبدوا ، إما لأن شعبها لا يعاني ما يعانيه الأشقاء ، أو لأن الأيام تخفي ثورة هادرة تكنس ما فيها من نظام مخزني فاسد يدعمه حسب الإستقلال الذي هو صنو لحزب جبهة التحرير الجزائري ، وحزب الإستقلال التونسي ، اللذان رضعا النفاق معا منذ منصف القرن الماضي .

خلاصة القول أن ثورة تونس بشعبها أحدثا رجة عميقة في نفوس الأنظمة الإستبدادية في العالمين العربي والإسلامي ، وانفتحت أعين الشعوب على أن إرادتهم من إرادة الله ، وأصبحت تونس و نشيدها ( إذا الشعب يوما أراد الحياة ) على كل لسان من المحيط إلى الخليج ، لهذا يمكن عدها من الثورات الرائدة المؤهلة بجدارة بالتتويج والتوشيح بعبارة ( صاحبة الجلالة )، ولا شك بأن نجاحها سيكون حافزا قويا للشعوب المظلومة في انتهاج نفس الأسلوب ، وكثيرا ما قيل بأن النجاح في أمر سيبحث الشوق للمتابعة وتكرار الفعل لجني نفس الثمار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟