الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب مبارك مفرغ من محتواه

فؤاد ابو لبدة

2011 / 1 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بعد مرور خمسة أيام كان أعنفها يوم الجمعة او كما أطلق عليه من تسمية يوم الغضب والانتقال من الحراك الاجتماعي الي التحرك المجتمعي حيث دوت أصوات الجماهير مدوية في جميع أنحاء مصر وسط تضارب كبير وتعتيم شديد فيما يتعلق بعدد شهداء الحرية والتحرير قدرت وفقا لمصادر غير رسمية بعشرين مواطنا مصريا وقرابة التسع مائة جريح , اطل علينا الرئيس حسني مبارك بخطابه القصير والمتلفز بعد أن تأكد من سيطرة الجيش وانتشاره في المؤسسات الحيوية من مبني الخارجية والإذاعة والتلفزيون إلي مجلس النواب والانتشار والسيطرة التامة علي الطرق المؤدية إلي القصر الجمهوري بعد أن فرض نظام منع التجول الليلي علي بعض المحافظات المصرية , وبعد اتصالا تلفوني مع الرئيس الأمريكي استمر لمدة 40 دقيقة حصل فيها علي تأييد و موقف أميركي غامض تارة يثني علي موقف الجماهير وإنها بحاجة لمزيد من الحريات والديمقراطية وتارة آخري يثني علي موقف الحكومة المصرية وقدرتها علي تجاوز الأزمات وتارة بالتلويح بالنظر في قطع المعونة الأمريكية لمصر .
أن هذا الخطاب التسويفي جاء متأخرا وفارغا من اي محتوي جذري والهدف منه هو تخدير الجماهير المنتفضة وكسب الوقت وتناول إجراء تغييرات سريعة اقتصادية واجتماعية ووعودا بحل مشكلة البطالة المستفحلة والخريجين الجامعيين ودعم الأسر الفقيرة ولم يتطرق الخطاب لطبيعة التغييرات السياسية وخاطب الجماهير بوصفه القائد العام للقوات المسلحة أكثر مما خاطبهم كرئيس الحزب الوطني الحاكم مطالبا الحكومة بتقديم استقالتها والإعلان عن حكومة جديدة في غضون أربعة وعشرون ساعة , وبهذا يكون الخطاب قد حصر المطالب الجماهيرية بأنها مجرد إصلاحات إدارية ومالية وفساد ارتكبته الحكومة المقالة دون أن يحمل الحزب الوطني الحاكم الذي لعب دورا بارزا في تزوير نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل نحو ثلاثة شهور أي مسؤولية وهذا التكتيك السياسي من وراء هذه الخطوة هدفها فرض الهدوء وإسكات الصوت المنتفض تحت ذريعة الانتظار لما ستحققه الحكومة الجديدة ولم يتطرق الخطاب لقضية تتخوف منها الجماهير المصرية الا وهي قضية التوريث للحكم والتي باتت تؤرق الجماهير المصرية .
تعتبر الحكومة جزءا من السلطة بوصفها هي الأداة التنفيذية وتتحمل مسؤولية كبيرة في تنفيذ السياسات المرسومة والية تنفيذها او التعسف في استخدام القوانين او بالاستغلال البشع للسلطات الممنوحة ومجرد إقالتها وتعيين غيرها هو بحث في قشور القضية وعدم الخوض في جوهرها ويكون مثل هكذا حلول كما النعامة التي تغرس رأسها في الأرض , الشعب المصري وباقي الشعوب العربية مشكلتها ليس بالأداة التنفيذية فقط , بل تتعدي ذلك بكثير المشكلة تكمن في النظام نفسه وتمسكه بالدساتير الجامدة والقوانين التي صيغت قبل عشرات السنوات ولا تراعي طبيعة التطور في مجتمعاتها , فما زالت الدساتير العربية سواء كانت المكتوبة منها او العرفية تمنح الرئيس الحق في الرئاسة حتى الممات وكأنها منحة إلهية منحها الرب للحكام وتمنحه السلطات في التغيير الشامل والكامل والتعديل الوزاري والتنصيب والتعيين الفردي والجماعي والإقالة والانفراد باتفاقيات دولية مصيرية دون الرجوع للشعب ليقول كلمته بالاستفتاء عليها , وما زال الشعب المصري يعاني من عدم استقلالية القضاء والتدخل السافر في شؤونه وتسييس القضاء في الكثير من القضايا وقانون الطوارئ الذي يحكم البلاد منذ قرابة ثلاثة عقود بمثابة الحبل الذي يلتف علي رقاب المواطنين يشتد عليهم كلما أفاقوا علي نهار جديد ينظرون فيه لشمس الحرية , ومحاكم امن الدولة التي لا تخضع للقوانين العادية بل هي قوانين خاصة ويشتد فيها الحكم او يخفف وفقا للانتماء السياسي للمتهم ومدي نشاطه السياسي وتأثيره داخل المجتمع ولا تحدد أحكامه وفقا للتهمة المنسوبة إليه , كما ان الأجهزة الأمنية في مصر هي أجهزة بوليسية وتبين لنا جليا الدور الذي لعبته هذه الأجهزة إثناء محاولتها من الجماهير الغاضبة من الزحف الي ميدان التحرير والاستخدام المفرط للقوة أثناء فضها لجموع المتظاهرين ليصل الحد إلي الإفراط في كمية القنابل الغازية المسيلة للدموع والضرب المبرح بالهراوات لأعضاء الأجهزة الأمنية المتنكرين باللباس المدني وسط الجماهير وكذلك الشاب الذي قتل أمام الكاميرات في محافظة شمال سيناء دون ان يشكل خطرا علي امن القوة البوليسية . وكذلك الانتقاص من الحقوق المدنية للمواطنين بقطع وسائل الاتصال لشبكات الاتصال المحمولة وشبكات التواصل الاجتماعي علي الانترنت .
علي الجماهير المصرية التنبه لتلك المناورة السياسية والتي الهدف منها الالتفاف علي حقوقهم المشروعة في التغيير الحقيقي وعليهم الاستمرار في الاعتصامات السلمية والإضرابات حتى تحقيق مطالبهم الكاملة بتغيير الدستور وإلغاء قانون الطوارئ وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة تحت إشراف مؤسسات المجتمع المدني وليس الحزب الوطني الذي اعتاد علي نظام النتائج المسبقة او ما يسمي نظام الثلاث تسعات 99,9% وتكون هذه الانتخابات بحضور دولي لضمان شفافيتها ونزاهتها وليختار الشعب ممثليه الذي يلبون طموحات وأمال وأحلام وتطلعات الجماهير وليكون النموذج التونسي ماثلا أمامهم حينما رفضوا إيقاف التظاهرات الي ان تم تعديل الحكومة الانتقالية وفقا لما يتناسب وخدمة الجماهير , ولا يسعنا هنا الا ان نبرق بالآلاف الباقات من الورود الحمراء للتشكيل الأمني في مدينة الإسكندرية الذي رفض الامتثال لاوامر قادته بإطلاق الغاز المسيل للدموع علي المواطنين وقاموا بتسليم السلاح والانضمام لصفوف الجماهير ونبرق بالتحية لأهالي شهداء الحرية والتقدم والشفاء العاجل لجرحي الكرامة والعزة والإفراج العاجل للأسري وكما كان يناير شهر التغيير والثورة علي الظلم وشهر الياسمين في تونس تتمني ان يكون هو أيضا شهر الفل في مصر ونتمني ان تكون باقي أصناف الورود في باقي الأقطار العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل