الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب لا يقبله سوى الخونة ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، الثورة يجب أن تستمر

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 1 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


حتى الخانعين من المعارضين ، أصحاب المطالب المتواضعة ، المهادنة ، الذين نصبوا على تجمعهم الخانع لافته تحمل لقب كبير هو : التغيير ، الذين أفتضح أمرهم في اليومين الماضيين ، حيث عرف الشعب المصري حقيقة التغيير الذي يبغونه ، و هو التغيير من خلال بقاء رأس النظام ، و من خلال التعاون معه ، حتى هؤلاء الخانعين لم يلب خطاب ذلك الخبيث المدعو حسني مبارك ، مغتصب الحكم في مصر ، مطالبهم المتواضعة التي أعلنوها مع قدوم زعيمهم الدكتور محمد البرادعي .
ماذا أعطى مبارك الخبيث للشعب المصري الثائر ، هذا لو فرضنا إننا كنا ننتظر منه شيء سوى سقوطه ، و محاكمته ؟
من الناحية التحليلية يمكن أن أقسم محتوى خطاب مبارك الخبيث ، الذي طلع به علينا الليلة الماضية ، إلى قسمين : عملي ، يمكن لمسه ، و أخر نظري في حكم الغيب .
القسم العملي ، أعني به القرارات الفعلية التي يمكن لمسها على أرض الواقع ، لو تحققت ، و هنا لا يوجد أي شيء سوى تغيير الحكومة ، مع تجاهل تام للمطالب التي كانت تصدر عن المعارضة المؤمنة بالتغيير من خلال النظام الحاكم القائم قبل ثورة الغضب ، و هي المعارضة التي لم نشاركها في حزب كل مصر رأيها للحظة ، لإيماننا الدائم ، و غير المتزعزع ، في ضرورة إقتلاع ذلك النظام بثورة شعبية سلمية ، كما هو مذكور في الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر .
حتى مطالب ذلك القسم من المعارضة ، الذي كان على إستعداد للتعاون مع نظام آل مبارك لم تلق أدنى إستجابة في خطاب الطاغية الأخير - الأخير كشخص في سلسلة آل مبارك الحاكمة بإذن الله ، و بمشيئة الله أيضا الأخير له كخطاب و هو رئيس - مثل المطالبة بإلغاء قانون الطوارئ ، وإطلاق سراح كل المعتقلين ، و المسجونين ، السياسيين ، من كافة الفئات ، و التيارات ، فوراً ، و حل مجلسي الشعب ، و الشورى ، الحاليين ، مع إقامة إنتخابات نزيهة للمجلسين ، و كتابة دستور جديد ، أو حتى تعديل الدستور الحالي ، ليسمح بتعددية حزبية حقيقية ، و تعددية في الإنتخابات الرئاسية ، كذلك لازال مبارك الخبيث على صمته المريب بشأن التوريث ، فحتى هو في أضعف أحواله خلال الثلاثين عاما التي حكمنا فيها ، لازال يرفض الإعلان علنا عن نفي فكرة التوريث ، كذلك رفض إتخاذ أي قرار عملي بشأن الفساد ، و زاوج المال مع السلطة السياسية الحاكمة ، و هذا يؤكد للشعب المصري أن المسألة ليست زاوج بين السلطة السياسية ، و المال ، بل أن الإثنين واحد ، و أن معظم كبار رجال الأعمال المصريين ، ليسوا إلا واجهات مزيفة تدير في الحقيقة أموال أسرة مبارك .
إذا من الناحية العملية ، لم يلتفت مبارك الخبيث حتى للقسم الخانع ، الذليل ، المستسلم ، من المعارضة ، الملقب بحركة التغيير ، و لم يحاول حتى شق صفوف المعارضة بالإستجابة لذلك القسم ، و إستمالته إليه ، فلازال يعتقد أنه ما زال على جبروته ، و قوته .
و حتى لو حاول الطاغية الخبيث مفاجئتنا بتعيين البرادعي رئيسا للوزراء ، فلن يكون ذلك إلا إستهزاء من مبارك بهؤلاء المعارضين الخانعين ، الذين يؤمنون بالتغيير من خلال بقاء رأس النظام ، كما سيكون حرق للوجه الوحيد المحترم في تلك المجموعة ، و أعني الدكتور محمد البرادعي ، الذي لازلت أحترم شخصه ، أشد الإحترام ، و إن إختلفت معه سياسيا ، أشد الإختلاف .
أما القسم النظري من الخطاب ، فلا أعني به سوى الوعود الخلابة ، عن مكافحة الفقر ، و البطالة ، و السيادة للشعب ، و حرية الرأي و التعبير ، و ما إلى ذلك من وعود .
ذلك القسم النظري ، أو تلك الوعود الفضفاضة ، التي لا يوجد في القسم العملي من الخطاب ما يضمن تنفيذها ، و لا يوجد في تاريخ مبارك ، و لا في موصفات شخصيته ، ما يدل على إنها سترى النور ، لا أعتقد أن هناك مصري وطني مخلص عاقل يمكن أن يصدق أنها ستتحقق .
مبارك الخبيث أراد في عشر دقائق تقريباً ، أن يخدع الشعب المصري ، و يأخذ منه الشيء الوحيد الفعال الذي تبقى له ، و هو الثورة ، مقابل لا شيء .
لقد إنتظرنا تنحيه ، و إستسلامه للعدالة المدنية المصرية ، و لم ننتظر سوى ذلك ، و هذا لم يتحقق ، إذاً الثورة يجب أن تستمر ، حتى يتحقق الشرطان الوحيدان ، اللذان خرجنا لهما ، و دفع إخوان ، و أخوات ، لنا نفوسهم ، و دمائهم لتحقيقهما .
الشرطان اللذان ، لا تفاوض بشأنهما ، و لا تنازل عنهما ، و هما :
أولا : سقوط النظام الحاكم الحالي .
ثانيا : محاكمة كافة مجرمي ذلك العهد الإجرامي ، من الطاغية الخبيث ، نزولاً إلى أدناهم مرتبة ، و شأناً ، بقانون مصري مدني عادل ، و بواسطة قضاء مدني مصري نزيه .
نزول الجيش المصري للشارع المصري ، لا يتعارض مع إستمرار ثورة الشعب المصري ، لأننا كشعب ، و مع إحترامنا للجيش ، و هو الإحترام الذي لحظه الجيش ، بل و حبنا له ، و هو الحب الذي لمسه الجيش ، لا نرى أدنى تعارض بين الثورة ضد نظام فاسد ، دموي ، و بين إحترامنا ، و حبنا ، لجيش مصر الباسل .
الجيش نزل لحماية المنشأت ، و نحن نرى في ذلك أمر طيب ، و نرحب بذلك ، لأننا لا نريد التخريب ، و لا نريد الحرائق ، و لا نريد السلب ، و النهب .
نحن لا نريد تشويه الثورة ، و الجيش بإكتفائه بمهمة التأمين ، يجعلنا نتفرغ لمهتنا الوطنية المقدسة الأولى : إقتلاع نظام آل مبارك من جذوره .
يا مبارك ، أن خطابك لا يقبل به سوى الخونة ، و لا يصدقه سوى البلهاء ، و السذج .
لا يقبل به سوى الخونة الذين على إستعداد لبيع دماء الشهداء ، و الجرحى ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، و السذج ، الذين لا تكفي ثلاثة عقود من الإفقار ، و الإذلال ، لإيقاظ عقولهم ، و إلهاب نفوسهم ، فتخدعهم بعض الوعود الزئبقية ، من طاغية إعتاد الكذب ، و إهانة الشعب المصري أمام الغرباء ، و لا يعرف إلا الصلف ، و الغطرسة ، و القوة ، في تعامله مع المصريين .
الثورة يجب أن تستمر ، سلمية ، و نظيفة .
إلى الثورة ، فالمهمة لم تكتمل ، فلازال الطاغية يحكم ، و النظام الذي أسسه مازال قائم يتنفس .
إما شعب مصر ، و إما أنت يا خبيث ، فمصر لا يمكن أن تجمعنا .
إستعيدوا مصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ