الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الفرهود.. واللعنة العراقية

مهند الحسيني

2011 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


جميعنا ربما تابع حوادث الحرق والسلب والنهب التي حصلت في مصر وقبلها في تونس الخضراء وربما يوم غد في دولة عربية اخرى ،وأكاد اجزم بان اغلب العراقيين قال في قرارة نفسه (( اللهم لا شماتة)) للإحساس المرير الذي شعروا به حين طالتهم سهام الاهانات العربية وهم عاجزين عن ردها .

وأنا أشاهد يوم أمس عبر الفضائيات الإخبارية ما حدث في مصر حين تحولت الانتفاضة للأسف الى انتكاسة حين تحول مسارها الجماهيري من التغيير السلمي الى حرق المباني الحكومية والممتلكات الأهلية وسرقة المحال التجارية ، جاء في ذهني ومخيلتي ما تناقلته وسائل الاعلام العربية وهي تقرع وتشنع على العراقيين ايام سقوط طاغية العراق وبأوصاف ما انزل الله بها من سلطان ( علي بابا) و ( رعاع) ووووو الى أخره من هذه الأوصاف .. وسبحان الله ما حصل لنا يحصل لهم وبنفس الصورة وربما ابشع على اعتبار ان نظامهم وصنمهم لم يسقط بعد ، وربما ان لعنة العراق ستلاحقهم وتطالهم عاجلا ام آجلا .
و للأسف إخوتنا في العروبة اغفلوا عامدين عن حقيقة وهي ان ( الفرهدة) ليست صفة عراقية خالصة (كما عبرت عنها الآلة الإعلامية العربية) بقدر ما هي نزعة بشرية صرفة موجودة في داخل كل فرد وإنسان وان تغير شكله او جنسه او انتماءه ولا سيما في دول جوع فيها الحاكم شعبه وأذله مما يجعلهم يخشون مستقبلهم المجهول لانهم يشعرون ان وضعهم غير مستقر ولابد لهم من ان يؤمنوه وبأي شكل من الأشكال .
نعم .. ثقافة الفرهود التي شنعوا بها علينا هي حاضرة في نفوس كل من تهكم واستهزأ بالعراقيين بزعم انهم ورثة ( علي بابا) متناسين أنهم اولاد عمومتنا وجميعنا ننحدر من ثقافة تعتبر ان ممارسة السلب والنهب إنما هي من شيم الرجال ومظهر من مظاهر الشجاعة ، وان تحضرنا وتمدنا فإننا بالتالي لازلنا خاضعين لقانون الصحراء والأعراب وهذا واضح بعد أي انفلات امني يحصل هنا او هناك .
وأنا هنا لا اقصد ان الشماتة بقدر ما أريد ان اذكر امة الأعراب الذين جعلوا منا نكتة يتندرون بها في أماسيهم وصباحاتهم حين زعموا ان الشعب العراقي لا يلائمه الا طاغية شرس ليحكمهم ويربيهم ، وليخبرونا بعدها هل ان العراقي وحده من يحتاج لطاغية أم ان الأمر ينطبق عليهم أيضا؟ ! .
وهاهم إخوتنا اليوم يمرون بربع ما مررنا به ورأيناهم كيف احرقوا ونهبوا ممتلكات دولتهم مع فارق ان الجيش ومؤسسات الدولة لازالت قائمة وموجودة ، في الوقت الذي حصلت فيه مثل هذه الممارسات في العراق كان بعد غياب سلطة القانون وحين اختفت كل معالم الدولة ومؤسساتها الأمنية وأفرادها الذين خلعوا عنهم زيهم الرسمي وهرب منهم من هرب وسرق من سرق وخرب من خرب تنفيذا لتعليمات مسبقة صدرت من طاغية العراق على أمل ان يعود للسلطة ويكرمهم بأوسمة العز والفخار .

والسؤال هو :

ترى لماذا هذه الانتقائية في التعامل ولماذا صمت الإعلام العربي عن هذه الظاهرة وعن تحليلها وعن وضع هذه الصور في مقدمة (روبورتاجاتهم) وفواصلهم الإعلانية كما هو الحال في صورة العراقي الذي كان يدفع بعربة محملة بالأغراض المنهوبة؟؟!!
هل هناك فرق بالنسبة لهم بين (الحوسمجي) الناطق بالفرنسية أو المفرهد الفرعوني وما بين الناطق باللهجة الجلفية الدارجة ؟!
أم انها كانت مجرد محاولة وضيعة ورخيصة للحط من الفرد العراقي كنوع من تشويه سمعة عراقي ما بعد صدام والمقصود من ذلك الانتقاص من شريحة معينة ؟؟!!
وحقيقة أعجب لأمة تكيل بعشرة مكاييل وتتحلى بكل هذا القدر الواسع والكبير من الديماغوجية التي يحسدها عليهم حتى (غوبلز )!!.
ومن باب الموضوعية والأمانة اكرر قولي ان ثقافة ( الفرهود) موجودة في كل زمان ومكان وهي ليس حكرا على فئة دون أخرى ،مع تفاوت مستواها بين شعب وأخر ومثلما حدث في نيويورك وما حصل في ولاية لويزيانا إثناء إعصار كاترينا وأيضا في حوادث السلب والنهب في سانتياغو وباقي المدن التشيلية بعد سلسلة الزلازل التي ضربت تشيلي مؤخرا.

كلمة اخيرة حول ما يحدث وبعيدا عن ثقافة الفرهود البدوي

أعتقد أن ما يحصل من هياج جماهيري ما هو إلا بركان الغليان العربي الذي سيطيح انفجاره وتطاير حممه بكل العروش العربية الورقية،وما جعل هذا البركان الخامد ينشط وتدب فيه جذوة النيران هو عصر التكنولوجيا المعلوماتية لاسيما الانترنت وبكل آلياته وأهمها محيط شبكة الـ (facebook) التي بالفعل أصبحت الكابوس الأزلي لطغاة العرب بدليل ان اغلب هذه الوسائل المعلوماتية هي اول من أوقفها النظام المصري حين أصبحت الانتفاضة الجماهيرية أمر واقع .
وشخصيا أتمنى ان لا تكون هذه الهبات والانتفاضات مجرد زوبعة في (استكان) بحيث يتم استغلالها بأبشع صورة ، وأيضا ان لا يملأ العروش الشاغرة بعض راكبي الموجة الجماهيرية الطارئين من المنافقين الأفندية منهم والمتجلببين برداء الدين .
ومع تمنياتنا للشعب المصري وكافة الشعوب العربية بان تحظى بحرياتها بعد ان تزيح عنها كابوس الحاكم العربي وثقافة التسلط الموروثة.
كما لا يفوتني ان اهنأ مملكة التخلف السعودية وراعية الدكتاتوريات العائلية بصلفها وبتخلفها ،والتي لم تكتفي فقط بأيواء طغاة العالم العربي بل وصل الامرالا انها تجرات على كرامة الشعوب العربية والمصرية تحديدا عن اعلنت اليوم بأنها تؤيد نظام مبارك الفاسد وتدعمه (!).. ولا عجب من ذلك فالغربان على اشكالها تقع ، وسيأتي اليوم الذي نرى فيه تهاوي عروش ال سعود والولي الفقيه القابع في طهران لتنعم بعد ذلك منطقتنا بالهدوء والامن والاستقرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أصبت كبدالحقيقه يامهند
منصف المنصف ( 2011 / 1 / 31 - 00:19 )
كما لا يفوتني ان اهنأ مملكة التخلف السعودية وراعية الدكتاتوريات العائلية بصلفها وبتخلفها ،والتي لم تكتفي فقط بأيواء طغاة العالم العربي بل وصل الامرالا انها تجرات على كرامة الشعوب العربية والمصرية تحديدا عن اعلنت اليوم بأنها تؤيد نظام مبارك الفاسد وتدعمه (!).. ولا عجب من ذلك فالغربان على اشكالها تقع ، وسيأتي اليوم الذي نرى فيه تهاوي عروش ال سعود والولي الفقيه القابع في طهران لتنعم بعد ذلك منطقتنا بالهدوء والامن والاستقرار .
=====================================
نفسي أدافع عن حكام آل سعود لكن لايوجدلدي مايشفع لهم بذلك داخليآوخارجيآ
حتى أنني ورب الكعبه أرفع قبعتي للشيطان إحترامآله كونهألطف وأعقل وأرحم
منهم فلم نعرف ثقافة التفجيروضرب الشعوب ببعضهاإلامنهم فهل حان للرب
تدميرهم في تدبيرهم خلال 80عامآننتظرأم نشك في القدر
رائع ومبدع دائمآأيهاالكاتب القدير


2 - العزيز مهند
سرحان الركابي ( 2011 / 1 / 31 - 09:47 )
لقد سبقتني الى هذا يا استاذ مهند وعليه ابارك لك هذا السبق حيث كنت انوي ان اكتب عن هذه الظاهرة عندما شوهوا سمعة العراقيين ووصفوهم باقذع الاوصاف
والان هم يصمتون امام فرهودهم الذي لا يشبه فرهود العراق
فكما قلت في العراق كانت الدولة مختفية تماما عندما حدث الفرهود
والان هم يفرهدون علنا امام انظار الدولة العاجزة
والحقيقية اني كنت اتردد عن التطرق لمثل هذا الموضوع خوفا من التهام بالشماتة
لسنا شامتنين باخوتنا في الانسانية ونستطيع ان نتفهمهم ونعذرهم للظروف التي مروا بها من قهر وحرمان
تحياتي


3 - بدون عنوان
برق عبد الرحمن ( 2011 / 1 / 31 - 10:55 )
سبحان تكتب اللهم لاشماته ؟؟ والشماتة متعالية من قلمك
اعرف والله اعلم سبب هذه الشماتة بلبد عربي وشعب اصيل
الحقد والطائفية لاغير


4 - بلاد الحضارات
الشندي العلي ( 2011 / 1 / 31 - 18:33 )
قرأت المقالة و اللهم لا شماتة ولكن انا لدية سوال واحد .... أليس هذة الدول التي حصل فيها الفرهود هم بلدان الحضارات العراق و تونس و مصر أليس كذلك و نحن ابناء تللك الحضارات فلماذا يحصل عندنا الفرهود و الرعب للامنين و القتل و قطع الروؤس و السلب و الاجرام أكاد أشك في هذة الحضارات يا سيد الحسيني وشكرا لكم و لمقالتكم و مزيدا من الحقيقة و النجاح


5 - ليست ثقافة
ملاذ كنعان الهاشمي ( 2011 / 2 / 1 - 18:01 )
بسم الله الرحمن الرحيم
ان نقول - لعنة العراقيين فهذه شماتة
انا عراقية وتألمت لقول القائلين بغير علم ماقالوه عن العراقيين ووصفهم ايانا بكل ما تفضلت
ولكن اقول لكل من يقرأ ما كتبت عن ثقافة الفرهود سواء كانت في العراق او في مصر
ان من سرق ومن نهب هذا هو عمله في الحياة اثناء الايام العادية هو حرامي اصلا
ففعل ما فعل لان هذه مهنته ايتفاجأ الناس ان كان في المجتمع لصوص؟؟
واي مجتمع ليس فيه لصوص؟؟
لم يخرج الشرفاء من مصر ولا من العراق ليسرقوا لا في وقت الرخاء ولا في وقت الشدة
واحب ان الفت انتباهكم ان من خرج في مصر الى الشارع وهو يعلم انه قد لا يعودالى بيته وعائلته من الشباب المحترم الشريف ليس هو نفسه الذي سرق ونهب
وليست عملية النهب مهما كانت تلقى صدى واسع في الاعلام ذات نسبة تذكر امام اعداد المتظاهرين المنتفضين
وكلنا يعلم اليوم كيف سحبت الحكومةالمصرية الامن لتعم الفوضى ويقول الناس المصرييون ليسوا الا لصوص
كما ونعلم جيدا ما كان دور الاميركان وغيرهم في تسهيل النهب في العراق والا فلماذا لم تسرق وزارة النفط دونا عن الوزارات آنذاك؟؟؟؟؟


6 - ما لنا وما لغيرنا
ظافر آل عيسى ( 2011 / 2 / 2 - 20:13 )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبدأ في المثل القديم المتجدد -فرهود مال يهود- ومن الواضح بأن المثل قد أطلق في زمان انتشرت فيه هذه الثقافة العريقة، سواء في دول البدو أوالغجر والريف والحضر، أيام هجرة يهود العراق وما صاحبها من فرهود. بل قد يجادل أحدهم لينادي بأن الغنائم في فتوحات ديننا الأسلامي الحنيف كانت باباً من ابواب الفرهود وهي امتداد لنظرة باقي الأديان في تعاملها مع الأخذ دون وجه حق عند غياب قانون الحماية والأمان وهو كذلك يربطنا بما حدث في كندا وكذلك أمريكا عندما تنقطع الكهرباء بسبب العواصف الثلجية أو غيرها لتبدأ وبكل ضراسة أعمال الفرهود

لذا انا مع الكاتب في تشخيص الظاهرة الأنسانية وعلى مرور التأريخ ولكن المؤسف هو تطاولنا على بعضنا البعض في وصف الشعوب والصاق المسميات بعمومية على مجتمع بكامله ويا ليتنا نمارس نفس الأطلاق والتعميم فيمن تحتويه الشعوب من رموز متميزة كأن ننعت الشعب المصري بصفات أحمد زويل والعراقي بصفات الجواهري أوغيره والأمريكي ببيل غيتس وهلم جر من هذه المسميات والأطلاقات

أنني أوءيد بل أدعو لنشر ثقافة تبني الإيجابيات من الملاحظات في مقالاتنا وطروحاتنا المستقبلية


7 - الأمانه خزي وندامه إلا...
منصف المنصف ( 2011 / 2 / 4 - 15:54 )
واحب ان الفت انتباهكم ان من خرج في مصر الى الشارع وهو يعلم انه قد لا يعودالى بيته وعائلته من الشباب المحترم الشريف ليس هو نفسه الذي سرق ونهب
وليست عملية النهب مهما كانت تلقى صدى واسع في الاعلام ذات نسبة تذكر امام اعداد المتظاهرين المنتفضين
===================
كلامك دررياأخت ملاذ
متى يأتي الزمن الذي يتدواول فيه السلطه بدون مشاكل وكأنك تسلم عهدتك
للمديرالجديد في حالة الوفاة أو التقاعد
وهل حان الوقت ليتدافع الحكام العرب الكرسي خشية الحساب

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو