الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنتهى الدرس..يا سيدي الرئيس

جمال الهنداوي

2011 / 1 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ثلاثون عاما احتاجها الرئيس المصري لكي يهتدي من الثمانين مليونا من المصريين الى من يستحق ان يكون نائباً له في خطوة تؤكد على الاعورار الكبير والمأساوي للقراءة الرسمية للحراك السياسي الشعبي العارم في مصر..
خطوة قد تحمل دلالات بالغة التحديد على ان النظام الحاكم ما زال عاجزا عن استنباط الحلول من خارج بنيته وهيكله التنظيمي.. وان الاعتماد الاول ما زال على الاجهزة الامنية شديدة الالتصاق بجسم النظام..ولكن اهم هذه الدلالات قد تكون في ان الولايات المتحدة الامريكية قد تحسست بما لا يقبل اللبس مدى هشاشة وورقية النظام المتنمر..وتوصلت لقناعات اكيدة بانتهاء العمر الافتراضي للرئيس مبارك واخذت على عاتقها ترتيبات عاجلة لعملية انتقال اكثر سلاسة واكثر خضوعا للسيطرة مما هو منتظر من استمرار الاحتجاجات الشعبية..
ويبدو ان هذه الترتيبات الخارجية من قبل الغرب اوالداخلية من قبل رأس النظام على حد سواء قد التقت على ضرورة الاعتماد المرحلي على اللواء عمر سليمان ..هذا الرجل الذي تخبرنا سيرته على تحصله على خبرة طويلة في المجال العسكري بدأها بانخراطه في القوات المسلحة المصرية منذ عام1954 مدعماً بتدريب اضافي في الاتحاد السوفيتي.. مشفوعاً بشهادات عليا في العلوم السياسية..ليتنقل بعدها متقلباً صعوداً بالمناصب الامنية حتى وصل الى منصب رئيس جهاز المخابرات المصرية وهو الموقع الذي حافظ عليه منذ عام1993 حتى الان.
فليس من الخفي ان اغلب الملفات الحساسة وبالغة التعقيد والتشابك والتي من الممكن ان تدفع الولايات المتحدة الامريكية للتدخل لصالح استمرار النظام الحالي متموضعة داخل ادراج رئيس المخابرات المصرية القوي..
فاللواء سليمان هو المسؤول الاول والمباشر والفعلي عن ملف القضية الفلسطينية المعقد والحساس وخصوصا من حيث رعايته المباشرة لملف الهدنة بين حركة حماس واسرائيل من جانب و مفاوضات السلام ما بين السلطة الفلسطينية والجانب الاسرائيلي من جانب آخر..وخصوصا توليه الاشراف قدس اقداس النظام المصري الا وهو ملف جلعاد شاليط..اضافة الى مهماته السياسية العديدة في السودان، وليبيا، والعربية السعودية..
كل هذه الخبرات –مضافة الى القبول الامريكي طبعا-..وتجربته في قمع الحركات الاسلامية المتطرفة..قد تعلي من قيمة اسهم اللواء سليمان في استدرار الدعم الغربي لتوليه المسؤولية- او لاستمراره في ظل النظام كما يأمل مبارك-..رغم عدم تحصله على الخبرة اللازمة لادارة ملف الاقتصاد المتعثر او ضعف الخدمات العامة ..وهي بالتأكيد مما لا يكترث بها الغرب مقارنة بالامكانيات السياسية او الامنية..
ولكننا وبقراءة بسيطة تحاول التقاط الانفاس في خضم هذا التسارع المذهل للاحداث ..لن يصعب علينا الوصول الى نتيجة ان فرص الرئيس مبارك قد تكون اضمحلت بشكل كبير الى درجة ان لا تصلح معها هذه المحاولات الترقيعية وان الامور تتجه نحو تنحيته عن السلطة عن طريق تفاهم يحفظ خروجه السلس بضمانات امريكية قوية..
فالرئيس مبارك لم يستوعب الاشارات المتكررة بعدم الرغبة الغربية في تكرار المشهد التونسي والدخول في تحالف مدنس خاسر مع اوراق محترقة حد الترمد..وقام بتعكير الاجواء بصورة اكثر خطلا باعتماده على الخيار الصعب المفخخ من خلال البناء على عامل القوة الحديدية المفرطة داخل فضاء اعلامي مغلق اعتماداً على الجيش في قمع الاحتجاجات وضبط الملف الامني لصالح النظام..وهذا الخيار بدا من الجلي ان الاحداث الاخيرة والموقف الوطني الشريف للقوات المسلحة المصرية وتحمله مسؤوليته الوطنية التاريخية قد اسقطته من الحسابات وتجاوزته بمراحل..
هذا الخيار..مصحوبا بالصور التي تظهر مئات الالوف من المصريين في الشوارع مطالبين بإسقاط نظام مبارك وحكومته وإنهاء الحكم المستبد والمطلق للفرد الواحد في البلاد..والذهول الدولي من دخولهم في معركة تاريخية مفتوحة شجاعة مع قوى القمع المركزية في مختلف أنحاء البلاد بشكل لم تكن الإدارة الأميركية وآخرون في واشنطن يتوقعونه أبدا.. يبدو انه قد حشر الادارة الامريكية في زاوية استخدام كل نفوذها الكبير داخل الادارة المصرية للتأكيد على النتيجة الأخيرة المتمثلة في التضحية برأس النظام مقابل عدم الدفع بمصر الى اتجاهات قد تكون غير مستساغة من قبل الادارة الامريكية الحالية..
والان..على الرئيس مبارك ان يعي الان ان نبضات قلبه في الحكم قد استنفذت..وان عليه ان يسارع الى تأبط الموقف السعودي الداعم المساند المقرع للشعب المصري ..ويحاول ان يحجز له مكانا قرب البحر بعيدا عن تدافع الاقدام في جدة التي يبدو انها ستصبح منتجعا سياحيا للمخلوعين العرب..وخصوصا وان مكوثه الطويل في شرم الشيخ على شواطئ البحر الاحمر قد يكون عاملا مفيدا لتحقيق هذه الغاية.. وقد يكون لسيادة اللواء –معتمدا على موقعه الجديد-دور الناصح الامين الهامس في اذن الرئيس بهذا الرأي السديد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت