الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العهد البوعزيزي الجديد و الخطر المسيحي القادم

أحمد التاوتي

2011 / 1 / 29
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


نقد الدين بالحوار المتمدن يكاد يقتصر على الإسلام.
الأمر مفهوم للعلمانيين من بيئة إسلامية، و هم يقومون بدورهم كل حسب طاقته. و يؤازرهم على ذلك كوكبة من المسيحيين العلمانيين بالمقالات و من المسيحيين المؤمنين في رواق التعليقات .

كما أن الأمر مفهوم بالنسبة للعلمانيين من بيئة مسيحية ، باعتبارهم يشاركون المسلمين في النتائج الكارثية لهذا الفكر الذي حكم المنطقة و خرب مجتمعاتها مسيحيين و مسلمين و غيرهم معا. و أعتقد بأنه لا ضير في أن يتضامن أصحاب القضية الواحدة مهما اختلفت خلفياتهم الدينية و العرقية ما لم يكن هناك تجاوز لأخلاقيات الحوار و منهجيات العلم و التحليل.

و لكن من منطلق اعتقادي بأن البيت الإبراهيمي و احد.، و إن الأعضاء المختلفين داخله أوجه متعددة لعملة واحدة.. أخشى من أن تكون اللعبة و الضحك على ذقن البشرية بتقاسم الأدوار تماما كتلك الأدوار التي يتقاسمها الجلادون داخل السجن الواحد من الشدة إلى اللين إزاء المسجونين.

أتفهم حجم الدمار الذي لحق بالشخصية المسيحية داخل العالم الإسلامي، و أقف جنبا إلى جنب معهم في المطالبة بإزاحة ذلك الثقل المهول بدآ من المواد الأولى للدساتير العربية إلى برامج التعليم و التربية .. إلى السب العلني اليومي عبر المكبرات.، إلى الهواء الثقافي عموما و المليء بالأحكام المسبقة و الصور المنمطة و المغالطات الرخيصة و المنافقة.

أتفهم كل هذا، و لكن أتفهمه على اعتبار أن المسيحيين يمثلون لونا ثقافيا مختلفا، و على المواطنة العربية العلمانية أن تستوعبه تماما كما تستوعب الألوان الأخرى، لا على أنهم يملكون الحقيقة أو يمثلون سر الكون. و ليس هناك أية مشكلة في تقبل هكذا ادعاءات صادرة عن البيت الإبراهيمي سواء كانت من طرفهم أو من طرف المسلمين او اليهود. بمعنى لا كبير جدوى من الدخول معهم في محاولة تبيان مدى خطئهم أو صوابهم.، فهم لا يدركون هذا و لكن يؤمنون به.. و الأمر سيان إزاء دورة الحياة و حركة التاريخ..

بيد أن الأمر يصير إلى مشكلة حقيقية و كارثة محققة إذا سمحنا لهذه الادعاءات أن تدخل في برامج تعليم الأجيال و تدس انفها في علوم الاجتماع و التاريخ و الفيزياء و غيرها.. على الدولة الحديثة، أو على العلمانية أن شئنا أن تحمي نفسها. و إذا لم تحتاط الدول فعلى الأفراد و الجمعيات و سائر من يمثلون المجتمع المدني أن تعمل على ضمان هذا الاحتياط الحيوي و الضروري. و هذا ما يشغلنا الآن، سواء في موقعنا هذا أو في جميع المنابر التقدمية الأخرى.

حسب العهد "البوعزيزي" الجديد بالوطن العربي الذي بدأت إرهاصاته تلوح في سماءنا، يبدو أن الحركات الإسلامية طوتها المرحلة، أو هكذا نرجو.. و لكن بحكم تخوفي من الأدوار التي يتقاسمها الإخوة الألداء داخل البيت الإبراهيمي أمكر الماكرين، أخشى أن تشرع العلمانيات العربية الجديدة في ترقية الفكر الكنسي على اعتبار أنه أضحى منذ الثورة الفلسفية الألمانية حملا وديعا تحت مشارح الانثربولوجيا و أنه لم يعد يشكل خطرا من جهة. و من جهة أخرى تضميدا لجراح نزفت لمدة 14 قرنا .

و هذا في تصوري يعطي الدور مستقبلا للمسيحية التي ستحمل المشعل عن اليد الإسلامية المنهكة، و هكذا تستمر المؤامرة إلى إشعار بعيد...

حدث هذا في البيت الإسلامي الواحد عندنا من ترقية الفكر الباديسي الوهابي إلى نقضه و ترقية الطرق الصوفية و الزوايا.. و كلاهما يخرب المجتمع بطريقته.
ثم إن المسيحية العربية نشأت و ترعرعت في مخيال إسلامي كبير، و مهما خلت نصوصها من المقولات السياسية السافرة، إلا أن طبيعة المرحلة بالنسبة للطور البشري ككل تقتضي من المؤامرة الإبراهيمية ، و في هذا الوقت بالذات، أن تغير من أدائها و من استراتيجيتها في التعامل مع الانسان..
و هذا المؤشر لوحده يدعنا نفكر في الأمر بحذر.
و إذا علمنا بأن العلمنة الثقافية بالوطن العربي تكاد تشوب الأنماط السياسية و فقط، فأن الأنساق الاجتماعية التي ترعرعت بها كنائسنا و مساجدنا معا لا تزال ابعد ما تكون عن الثقافة العلمانية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المسيحية تعطي ولا تأخذ ولا تستجدي
نورس البغدادي ( 2011 / 1 / 29 - 22:38 )
يا سيد احمد اغلب المبادئ الأنسانية الواردة في المبادئ العالمية لحقوق الأنسان أستقاها المفكرون الغربيون من مبادئ وتعاليم السيد المسيح ومن الأنجيل بآلذات ، لذا فأن المسيحية تستطيع ان تتنفس وتتعايش في كافة الأجواء وفي كافة الأزمان وآلظروف سوى كانت الأنظمة علمانية او دكتاتورية وكما تعلم لا يصح الا الصحيح ، يا اخي لنترك عقول البشر ان تختار ما تراه معقول للتعايش بسلام ومحبة وأرى تحذيرك من المسيحية ما هو الا حنين للأسلام وهذا حقك الذي لا اعتراض عليه ولكن لا تظلم بقية الأديان بسبب اخفاقات الأسلام ، وارجو ان لا تتوهم يا اخي وتضن بأن اله المسيحية هو نفسه اله القرآن وتصف الكل بصفة خير الماكرين لأن هذه الصفة وردت في القرآن فقط ، تحياتي


2 - Salade Russe
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 1 / 29 - 23:25 )
بالعربي سلطة روسية

اؤكد لك صدقا يا سيد أحمد التاوتي, بأنني لم أفهم أي شيء من (السلطة الروسية) التي تقدمها لنا ملونة مشكلة, بلا رأس ولا ذنب, خالطا أطعمة مختلفة مالحة أو سكرية. لم أتذوق منها أي شيء رغم إعادتي القراءة مرتين. لذلك وبكل احترام لأفكارك, أرجوك أن تعيد ما كتبت مرة ثانية, لأنني لم أشعر لا ببداية ولا بنهاية, ولم أفهم المغزى التاريخي أو التيولوجي أو الميتولوجي, وخاصة عن أبناء ابراهيم ـ أي منهم ـ الذي ترغب إقناعنا أوتبشيرنا بـه.
بكل احترام لآرائك, زائد تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


3 - السيد المحترم نورس البغدادي
أحمد التاوتي ( 2011 / 1 / 30 - 00:47 )
تحية و شكر جزيل
ما يقال عن المسيحية بأنها منبع حقوق الانسان قالها المسلمون ايضا ، و حاكوا لها تآليف مؤلفة و لا تزال الى اليوم تدرس بجامعاتنا - الاكاديمية-.. و ما يقال عنها بأنها تتنفس و تتعايش و صالحة لكل الأزمان قالها المسلمون ايضا... و هذا بالضبط ما أخشاه كما اوردته في مسألة تبادل الادوار..
يا سيد نورس أنا لا أحجر على عقل احد، و لكنها مجرد خشية، لادراكي بان المنظومة ذات اصل واحد و ان الديانات الثلاث جميعها يقر اصحابها -و هنا لسنا نقولهم- بأنها نزلت هكذا من السماء
أنا شخصيا أرتاح الى الفكر النابع من الأرض، أما ما يجيء -علينا- من كواكب اخرى فهو دخيل و لا اطمئن اليه
شكرا مجددا..


4 - خفيف الظل احمد بسمار
أحمد التاوتي ( 2011 / 1 / 30 - 01:05 )
اذا كان عن ابناء ابراهيم فهم لك جميعا.. لا اخفي انني ضحكت كثيرا و قلت الحمد للصدفة انها لم تكن سلطة (من الحكم) روسية
يا اخي احمد أعدها للمرة الثالثة و ستفهمها و لكن بشرط:
أن تموقع أفكارك و نظرك حول الديانات السماوية باطلالة من خارج السياق السياسي لها.. اذ انها كالحرباء تتلون مع التاريخ و الجغرافيا.. و في هذه الحالة فالحسم هو تتبع مواردها و منابعها لمعرفة منطلقاتها و اهدافها. .


5 - اتفق مع الكاتب ان الخطر موجود
بشارة خليل قـ ( 2011 / 1 / 30 - 06:32 )
لكن التاريخ علم رجال الدين المسيحي الا عودة لسدة الحكم فما لله لله واما قيصر فمدنية المواطن اي كان دينه جنسه او عرقه كفيل به دون حرمان اي كان حتى رجال الدين من حرية المشاركة السياسية ولكن بفصل ما هو خاص عما هو عام
لذلك لا تخف فنحن العلمانيين حراس المدنية من اي هيمنة ايديولوجية دينية كانت او قومية او عرقية.فقط الديمقراطية تكفل المساواة للجميع بالحقوق والواجبات


6 - الفاضل بشارة خليل
أحمد التاوتي ( 2011 / 1 / 30 - 11:47 )
شكرا سيد بشارة.. أتمنى ذلك ، و ابقى على حذر

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟