الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الثورة

مناف كريم

2011 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


إن ما يحدث في العالم العربي الآن هو انتفاض بوجه أنظمة عربية تمادت في الدكتاتورية والجشع والعمالة ولم تترك للشعوب العربية مساحة للحياة والمعاصرة. جاءت هذه الأنتفاضة العربية لتكنس واقعاً مؤلماً من الفقر والقمع والتخلف الذي أوصل الشعوب العربية الى حافة الأنهيار. لقد أثبتت التجربة في تونس ومصر أن الدكتاتورية لا تتميز بالقمع والدموية فحسب بل إنها جبانة وأول ما تفكر فيه عند الجد، هو أن تسرق ما يمكن سرقته والهروب من بلد لم تُكن له بالولاء قط.

فقد علمتنا التجربة ايضا أن الأمبريالية الأمريكية تلفظ كل عملائها عند ثورة الشعوب ضدهم. وما على الثوار معرفته هو أن الفئة الداعمة للنظام هي فئة جبانة مرتشية لا تملك قيماً ولا مباديء وليس لها ولاء حقيقي. وهي شرسة طالما لم يتزعزع النظام وتتلاشى كما السراب مع إنتهاء النظام. وتعود لتظهر من جديد مع ظهور نظام سياسي جديد عارضة لخدماتها. إن هؤلأء المرتزقة من أجهزة الأمن هم موضع ترحيب كل بديل قمعي يريد إحتكار السلطة. على الثوار التحسب لهذه الفئة، فهي مصدر القوة الحقيقية لكل الأنظمة القمعية. إن ما يكسر شوكة هذه الفئة هو كسر عزيمة النظام بأنزال الجماهير الى الشارع. إن نزول الجماهيرالى الشارع وملازمتها لها كفيل بتمييع أعتى الدكتاتوريات وتغيير كل الولاءات على صعيديها الداخلي والخارجي.

إن إخراج الجماهير الى الشارع والأبقاء عليها وزيادة حجمها هو فن وبحاجة الى تخطيط وتنظيم عاليين. ما أن ينجح الثوار في هذا حتى يصبح إسقاط النظام مسألة وقت فقط.

ما أن تصل الأحتجاجات مرحلة الأنتفاضة وتيأس الأنظمة من قمعها، تبدأ القوى الرجعية الرأسمالية الداخلية منها والخارجية وفي مقدمتها الأمبريالية الأمريكية بطرح البدائل وإحاكة المؤامرات بقصد تحييدها وإخراجها عن مسارها، كما حدثت للثورة الأيرانية سنة 1979 وخلقت بذالك حالة رجعية أكثر خطورة ً من نظام الشاه.

كي لا تذهب الثورة هباءاً وتقع فريسة سهلة لهذه المؤامرات، يجب على الثوار:

1- توسيع القاعدة الجماهيرية للثورة لتشمل كل قطاعات المجتمع وحثها على الأشتراك الفاعل في رسم الحياة السياسية للبلاد. على الجماهير أن تعلم بأن العمل السياسي ليس حكراُ على فئة من الساسة الطفيليين ذوي الولاءات الخارجية، لوكانت السياسة هي رسم نمط حياة ومستقبل الجماهير الشعبية، فإن الجماهير الشعبية هي المعنية أساساُ وهي الأولى بهذه السياسة. وإن اراد الساسة المحترمون أن يسهموا في رسم الحياة السياسية للبلاد فعليهم أن يتركوا أحلامهم في الحكم وأن ينزلوا الى الشارع وينخرطوا في اللجان أو المجالس التي تشكلها الجماهير لأدارة شؤون المجتمع.

2- تشكيل تنظيمات قاعدية غير هرمية عريضة تأخذ على عاتقها إدارة كل مرافق الحياة السياسية والأدارية والأقتصادية على الأصعدة المحلية والوطنية والنضال من أجل جعل التنظيم العريض أو الديمقراطية المباشرة شكل ادارة المجتمع الجديد.

3- من أولويات الثورة هو تعطيل الجهاز الأمنى القمعي والبدء الفوري بتشكيل لجان أمنية منظمة تأخذ على عاتقها حماية الموا طنين وممتلكاتهم وممتلكات المجتمع من عبث السراق والمتآمرين وكذلك سد الفراغ الأمني الذي قد يتركه إنسحاب أمني مفاجيء للنظام، قد يكون الأنسحاب المفاجيء لقوى الأمن من الشارع أو إختفاء السلطة بشكل تاكتيكي مؤقت كما حدث في مصر وتونس جزءاً من مؤامرة تتعدد أطرافها.

4- على الثوار عدم الأنشغال عن الأعمال الأجرامية التخريبية التي سيقوم بها مرتزقة النظام لخلق حالة من الذعر والخوف بين المواطنين وخلخلة النظام العام بهدف إشغال الثورة عن مهامها وتشويه صورتها وبالتالي إفشالها.

5- تشكيل لجان لتأمين البنوك ومنع تهريب الأموال ومحاولة تسيير الحياة الأقتصادية للمجتمع ومنع الفوضى الأقتصادية

6- تشكيل لجان لتأمين الوقود والماء والكهرباء والمؤن.

7- إفساح المجال أمام كل مواطنة و مواطن الأنضمام الى هذه اللجان دون الأعتبار لأنتمائها او إنتمائه السياسي، شريطة عدم الضلوع في قمع الجماهير. وجعل اللجان مجالا لعمل كل التيارات السياسية ومكاناً لأتخاذ كل القرارات. أشير هنا الى أهمية الأطلاع على الية عمل مجالس السوفييت أيام ثورتي فبراير و أكتوبر 1917 الروسية.

8- عدم السماح للأحزاب السياسية الموجودة مهما كانت مسمياتها إحتكارها للسلطة وفرض دكتاتورية سياسية جديدة أو نظام ديمقراطي نيابي تتقاسم فيه الأحزاب السياسية التقلدية السلطة دون الأعتبار لرأي الجماهير الشعبية التي ثارت من أجل التغيير وبهذا تعيد بالثورة الى مربع الصفر.

9- العمل على كسب الجيش لجانب الثورة والحذر من إمكانية تحوله الى خطرمع تقدم الثورة ومحاولة إعادته الى الثكنات مع استقرار الأوضاع لصالح الثورة.

خلافاً للجهاز الأمني فإن مسألة كسب الجيش أو تحييده مسألة ممكنة ، وذلك لأسباب، منها عدم الأشتراك المباشر في إدارة البلاد وبالتالي عدم الضلوع المباشر في قمع الجماهير. وكذلك اعتبار أن وظيفة الجيش هو "حماية الوطن " وهذا ما يدفعها الى الأحساس بنوع من المسؤولية ورفض إستخدامها لقمع الجماهير. أما قيادة هذا الجيش لايمكن ضمان ولائها وهنالك تواصل بين هذه القيادة والسلطات السياسية المحلية من جهة والأمبريالية الأمريكية من جهة أخرى. وهذا ما يجعل الأئتمان لها صعباً.

10- العمل على تبني أخلاق وثقافة سياسية ثورية جديدة مبنية على الأيمان بالحرية والمساواة والتسامح وقبول الأخرين وكبح الرغبة الأنانية في التسلط ومحاولة نشرهذه الثقافة بين الجماهير العمالية والشعبية والنضال من أجل خلق مجتمع جديد.

11- نبذ عقلية المراهقة السياسية في التعامل مع الأحداث السياسية والعمل الجماهيري. إن العمل الجماهيري يتطلب الكثير من الحكمة والتروي الثوريين وأما العمل السياسي فكثير من الحنكة والدراية السياسية لأن الثوري سيجد نفسه أمام الثعالب الرأسمالية. نبذ التكتل والتعصب الفئوي الضيق والصراع السياسي العقيم بين صفوف الثوريين من الشيوعيين واليساريين، لأن هذا من الأخطار الداخلية التي قد تفشل الثورة وتخرجها من مسارها وتخنق كل أمل في ولادة مجتمع جديد .

على الثوريين أن يجعلوا من العمل على تشكيل اللجان العريضة الجماهيرية أرضية يتفقون عليها جميعاً. عليهم الأيمان بحق الجماهير في تقرير مصير البلاد و نبذ فكرة الوصاية عليها، والألتزام بنشر الوعي السياسي الثوري بين الجماهير وإنارة طريق الثورة والتمهيد لولادة مجتمع جديد وكشف ما يحاك ضد الثورة من مؤامرات. إن التسلح بالنظرية والدراية السياسية مهم جداُ ولكن الخوض في المناقشات النظرية البابلية العقيمة والبحث عن اصغر الأختلافات النظرية لن يفيد لا الثوريين ولا الثورة بشيء.

تصبح في أيام الثورة كما ذكر ماركس بحق كل "خطوة عملية أهم من دزينة من الكتب". إن الخبرة العملية التي سيكتسبها الثوريون في تونس و مصر الأن هي من الأهمية بما لا تقاس. إن هذه الخبرة لا تدفع بالثورة في هذين البلدين الى الأنتصار فحسب، بل ستغني الحركة الثورية على المستوى العرىي والعالمي بتجاربها.

عاشت الثورة
الى الأمام من أجل الحرية والمساواة والمجتمع المجالسي.


مناف كريم
29-01-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2011 / 3 / 11 - 22:28 )

أعتقد أن الخطر أكبر الخطر بالنسبة للثورات الشعبية عموما وفي الوطن العربي خصوصا يكمن في القوى الانتهازية بمختلف تلاوينها أي أحزاب البرجوازية الصغرى على اعتبار ضعف القاعدة الاجتماعية للأنظمة السائدة من جهة وضعف التأطير السياسي كنتيجة للطبيعة اللاديمقراطية لهده الأنظمة وتفشي الأمية بكل أنواعها وقدأعطيت نمودجا موفقا من خلال الدرس الايراني وكيف ركبت الظلامية وأفرغت ثورة الشعب الايراني من كل مضمون تقدمي- تحرري.بالاظافة لما أشرت اليه بالنسبة للثورة الروسية ولعلك تدرك النقاش الحاد بل المستعر الدي واكب الثورة الروسية مند بدايتها حتى انتصارها وهي الفترة الأخصب في نظري وتكفي الاشارة هنا سريعا الى النقد اللادع الدي قام به الثوريون الروس لكل الزمر التحريفية من مناشفة واشتراكيين ثويين....وفيما بعد للتروتسكيين وغيرهم من القوى الانتهازية.هدا الأمر الدي أود الاشارة اليه أن تضارب الرؤى هو مسألة حيوية بل وأساسية للبناء ولو اتخدت في بعض الأحيان شكل المهاترات، لأن شكل ممارسة التناقض لايحدد جوهره فالتناقض طبقي وان بدا في بعض الأحيان داتي أو شخصاني.في الأخير لك مني كل التنويه والتحية ونها لثورة حتى ا

اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت