الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبارك:تغيرات جديدة بمذاقات امنية وعسكرية

فؤاد ابو لبدة

2011 / 1 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الوقت أزف ولم يتبقي سوي الرحيل او الإعلان عن ترك الرئاسة تحت الضغط الجماهيري الرافضة لاستمرار مبارك بالحكم إلا أيام قلائل , الجماهير الغاضبة ما زالت تتمسك بسقف مطالبها ولن تتنازل عن تلك المطالب العادلة والمشروعة رغم محاولة الالتفاف السياسي علي تلك الانتفاضة العارمة التي تزايدت حدتها لتتسع رقعتها وتشمل كافة مناطق مصر وتشكل لجانها الشعبية لحماية الوطن في ظل الفراغ الأمني الذي تركه رأس النظام في محاولة منه أولا للتشكيك بالثورة الجماهيرية وبشفافيتها واثبات انها ثورة نهب وسرقة علي غرار ما اتهم به سلفه السادات أثناء انتفاضة يناير 1977 بان وصفها بأنها ثورة " حرامية " او علي الأقل إن خلق حالة من الاستياء لدي الجماهير المنتفضة لتقبل بإنصاف الحلول وتقبل بما يتقدم به من تغيير لأشخاص او تدوير للمراكز دون أن يجري أي تغيير سياسي جذري .
ما أقدم عليه مبارك من مناورة سياسية الهدف منها مراوغة الجماهير لكسب الوقت لتكون كما الأم التي تحمل كرها وتضع كرها طفلا غير مرغوب فيه ليكون الزمن هو الكفيل لتتخلص تلك الأم المسكينة من هذا الوضع الذي يثقل كاهلها وربما يكون عبئ علي كاهلها ليصل بها الحد ان تتمني الموت علي رؤية هذا الطفل الغير مرغوب فيه نفسيا ووجدانيا وتاريخيا .
ان تلك المناورة السياسية التي كشفتها الجماهير لتقتلها في مهدها ونزلت الجماهير تعبر عن رفضها لتلك المناورة قبل ان يجف حبرها اشتملت ثلاثة رسائل موجهة للجماهير في محاولة يائسة للتغرير بها او علي الأقل تكون بمثابة جس النبض الجماهيري ومدي تقبله لتلك الرسائل والتي جاءت بعد مشاورات مع الإدارة الأمريكية التي ما زالت تراقب الإحداث عن كثب .
الرسالة الأولي : تعيين الوزير ومدير عام جهاز المخابرات العامة عمر سليمان نائب أول لرئاسة الجمهورية بعد ان امتنع مبارك لمدة ثلاثين عاما تعيين نائبا له وبقاء هذا المنصب شاغرا رغم الأزمة الصحية التي ألمت به تاركا هذا المنصب الرفيع حتى تتهيأ الظروف الموضوعية ليشغله ابنه جمال الذي تمتع بسلطات عالية داخل الحزب الوطني الحاكم نتاج للنفوذ الرئاسي الذي يتحكم بسياسة وتوجهات الحزب العامة وبتلك الرسالة الأولي يكون مبارك قد أوحي للجماهير الثائرة ضمنيا وليس صراحة انه نسف من ذاكرته مبدأ التوريث وليحل مكانه رجل تابع للمؤسسة الأمنية والعسكرية التي يؤمن بها مبارك رغم إدراكه التام ان عامل كبر السن للوزير عمر سليمان الذي تجاوز السبعين عاما سيقف حائلا دون ان يتولي الرئاسة , فما أراده هنا رأس النظام الذي يحتضر من هذه الرسالة بعد ان بقدم استقالته الحتمية والمرغم عليها تحت ضغط الجماهير ان يتولي سليمان الرئاسة للفترة الانتقالية ربما تتهيأ الفرصة أمام جمال تلك الفترة ان يأتي إلي القصر الجمهوري عبر بوابة الحزب الوطني او ربما لإعطاء الإدارة الأمريكية الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق من جديد في اختيار حليفها الجديد والاستراتيجي في الشرق الأوسط الذي تلعب فيه مصر دور محوري هام بحكم المركز السياسي والجغرافي والديمغرافي الذي تلعبه مصر بالمنطقة ,
الرسالة الثانية : تكليف الفريق احمد شفيق بتشكيل الحكومة الجديدة وهو أيضا تابع للمؤسسة العسكرية ومن نفس سلاح الجو الذي انتمي له مبارك وعمل فيه لفترة طويلة رغم ان مبارك في الفترة الأخيرة كان يميل الي حكومة تكنوقراط وهذا ما حدث بالحكومة الأخيرة التي كان يرأسها احمد نضيف والتي اعتمدت علي رجال الأعمال في خطوة لتزاوج رأس المال مع السياسة وهذا ما جعل الحكومة السابقة تميل الي تحقيق مصالح الأغنياء والاهتمام بهم وبمشاريعهم وتهميش مصالح الفقراء وتكريسا لحالة الفساد الذي انتهجته تسعة حكومات سابقة علي مدار حكم مبارك إضافة إلي عدم وجود نظام رقابي وعدم المساءلة والبيروقراطية والضبابية وعدم الشفافية والرشوة والمحسوبية , هذه الرسالة الثانية أراد بها مبارك ان يطمئن الجماهير انه انتقي رجل لم يتلوث اسمه بقضايا الفساد وكلف رئيس وزراء سيعمل تشكيل حكومة جديدة تحقق تطلعات الشباب وتعمل علي إصلاحات إدارية ومالية وخصوصا في مجالي الصحة والتعليم اللتان تراجعتا تراجعا كبيرا في الآونة الأخيرة لدرجة ان المستشفيات الحكومية غير مؤهلة لتقديم الخدمات الصحية اللازمة للمواطن المصري وانه يسعي جادا للقضاء علي الفساد , كما أراد مبارك من تكليفه لأحمد شفيق والذي شغل منصب وزير الطيران المدني لمدة ستة سنوات متواصلة وتربطه به علاقة شخصية أن يبقي قريب من الحلبة السياسية ومن مصدر إصدار القرار السياسي ليضمن له حياة كريمة بعد الاستقالة وضمان عدم المساءلة القانونية وضمان تقارب نجله من السعي نحو القصر الجمهوري الذي كان علي بعد أمتار منه لولا انتفاضة الجماهير التي باعدت بين جمال وكرسي الحكم الذي بات حلما صعب المنال بعد إن كان قاب قوسين أو ادني من الواقع , وليضمن كذلك لنفسه سلطة إصدار القرارات بوصفه القائد العام للقوات المسلحة
الرسالة الثالثة : قبول استقالة ا حمد عز أمين السر للأمانة العامة للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وشخصنه الأمور وتحميله المسؤولية الكاملة عما يدور في مصر من أحداث وإعفاء الحزب من أي مسؤولية وحصر القضية بأسرها وتحميلها لأشخاص تجاوزوا سياسة الحزب , مع ان لتلك الخطوة أهميتها وتتمني لو كان الحزب كله قدم استقالته إلا أنها ليس الخطوة المطلوبة التي تسعي إليها الجماهير المنتفضة , ما أقدم عليه مبارك هي خطوة لذر الرماد بالعيون للالتفاف علي مطالب جماهيرية أصبح شعارها لا تراجع عن رحيل رأس الرئاسة وتعيير الدستور وإصدار القوانين التي تتناسب وطبيعة المرحلة واستقلال القضاء وضمان حياديته وإلغاء قانون الطوارئ الجائر الذي يحكم البلاد منذ تولي مبارك للحكم وإلغاء محاكم امن الدولة التي لا تحكمها أي ضوابط قانونية أو إنسانية او اجتماعية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة