الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياسمين تونس

حسين علي الحمداني

2011 / 1 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ما حدث في تونس انتفاضة شعبية تمكنت من إزاحة بن علي من السلطة وأجبرته على مغادرة تونس لمنفاه ، فما هي العوامل التي ساهمت في نجاح الانتفاضة الشعبية التونسية ؟
قبل أن نعرف العوامل التي ساهمت في نجاح الانتفاضة التونسية ، لنعرف في البداية الأسباب التي أدت لاندلاعها ، أولها سوء الأوضاع المعاشية ، البطالة المستفحلة وسط الخريجين خاصة وإن نسبة المتعلمين في تونس 70% من الشعب ، ضعف المعالجات الاقتصادية من قبل الحكومة التونسية ، سيطرة عائلة الرئيس على مقدرات البلد بنسبة عالية جدا.
ويضاف إلى ذلك سبب رئيسي ومهم يتمثل باستحالة التغيير خاصة وإن الرئيس التونسي كان يتهيأ لولاية خامسة يحكم بها تونس ، وبالتالي فإن هذه العوامل مجتمعة ساهمت في انطلاق شرارة الانتفاضة من ولاية سيدي بو زيد التونسية لتعم كل الولايات التونسية وفي مقدمتها العاصمة .
وبالتأكيد ساهمت عوامل عديدة ليس في نجاح الانتفاضة فقط بل في سرعة تحقيق هدفها الأول وهو إزاحة بن علي من السلطة ومن ثم المطالبة بحل الحزب الحاكم ورفض كافة رموزه وقياداته في الحكومة الجديدة التي سميت حكومة الوحدة الوطنية .
من الضروري جدا أن نعرف بأن هنالك عوامل داخلية وأخرى خارجية ، ومن العوامل الداخلية التي ساهمت بشكل مباشر في نجاح الثورة التونسية ذات الطبيعة الشعبية هي طبيعة ومنهجية المنتفضين وهم شريحة المثقفين والمتعلمين في تونس وهذا ما منحهم فرصة كبيرة جدا في استثمار تكنولوجيا الاتصالات وإيصال صوتهم لكل العالم عبر الشبكة العنكبوتية خاصة الفيس بوك وتيوتر ، إضافة إلى استخدام تكنولوجيا البث الحي عبر المحمول ، وهذا الجانب بالذات ساهم بشكل مباشر في تكوين رأي عام عالمي خاصة داخل أوربا القريبة من تونس والشريك الاقتصادي المهم لهذا البلد .
يضاف إلى هذا التغطية الكبيرة من قبل الفضائيات الناطقة بالعربية أو اللغات الأخرى حيث شكل المشهد التونسي مادة دسمة لنشراتها الإخبارية وتكوين رأي عام عالمي متعاطف بشكل كبير مع الشعب التونسي ومشكلا في نفس الوقت قوة ضغط على الحكومات الأوربية للتعاطف مع الثورة التونسية ، وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي مثلا لرفض لجؤ بن علي وعائلته وحاشيته لفرنسا ، ثم تلاه الرئيس أوباما الذي وصف نظام الحكم في تونس بالدكتاتوري ، وهذا ما لم يتوفر في حقبة التسعينيات من القرن الماضي حيث شهد العراق كما يعرف الجميع في ربيع 1991 انتفاضة كبيرة جدا في 14 محافظة عراقية عرفت بالانتفاضة الشعبانية وهي مشابهة من حيث القوة والأسباب لما حصل في تونس 2011 ولكنها لم تحظ بذلك الاهتمام الإعلامي ، حيث كان الإعلام محدود الانتشار أولا ، وثانيا حدثت في ظل حرب تحرير الكويت من قبل قوات التحالف وهذه نقطة جعلت الإعلام المتاح فيه حينه يركز على ( عاصفة الصحراء) أكثر من تركيزه على ( الانتفاضة الشعبانية )، يضاف إلى هذا كله بأن النظام الدكتاتوري في العراق آنذاك كان يمتلك حرس خاص مهمته قمع الشعب ، وهذا الحرس الخاص لم يشارك في الحرب ولم يدخل المعركة في حينها بل كانت مهمته المحافظة على النظام من غضب الشعب ، ناهيك عن الظرف الدولي آنذاك والذي تطلب كما أشارت العديد من الوثائق التي نشرت فيما بعد البقاء على نظام المقبور صدام كجزء من ستراتيجية أمريكا وحلفائها خاصة وإنهم في حينها أعلنوا إن غايتهم تحرير الكويت وليس إسقاط صدام وهذا تبرير حاولوا من خلاله التغطية عن سكوتهم في قمع الانتفاضة في الجنوب العراقي بل وحتى تمكينهم للطاغية من استخدام طائرات الهيلكوبتر وغيرها في مواجهة المنتفضين ومن ثم التعتيم عليها بشكل كبير جدا رغم إن أخبار كثيرة تواترت في حينها بأن المقبور صدام ينوي التوجه للجزائر هاربا بجلده وما تيسر له حمله من أموال وهذا دليل ملموس على حجم حالة اليأس التي وصل إليها النظام آنذاك وهي نفس الحالة التي وصل إليها بن علي ليلة 14 كانون الثاني وجعلته يغادر تونس هاربا.
بينما نجد في تونس بأن الجيش وقف على الحياد وظل يترقب وبالتأكيد هو الذي دفع بن علي للهروب ولم يتح له حرية استخدام الجيش في قمع الانتفاضة التونسية وهذه النقطة بالذات شكلت علامة يفتخر بها التوانسة بجيشهم الوطني وعكست الصور والأفلام التي تم بثها حجم هذا الحب الذي يكنه أبناء تونس لجيشهم .
والسبب الآخر الذي واجه الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 يكمن في وجود حاجة لإبقاء النظام كما قلنا بحجة خلق توازن في المنطقة لمواجهة ما سميت بالأطماع الإيرانية في الخليج ،يضاف إلى ذلك كله عاملا مهما ورئيسا يتمثل بأن إسقاط نظام صدام الدكتاتوري يعني فيما يعنيه سيطرة الشيعة على مقاليد السلطة وهذا على ما يبدو لم يكن مرغوبا به لا من قبل أمريكا ولا من قبل دول المنطقة سواء في الخليج العربي أو محيط العراق الإقليمي ، ومع هذا نجد بعد 12 سنة يتم إسقاط صدام عسكريا ، وبالتالي يمكننا أن نقول بأن صدام سقط شعبيا في الانتفاضة الشعبانية وهذا السقوط كان ممكن أن يحصل رسميا وأمرا واقعا لو أتيحت ذات الظروف السياسية والإعلامية والتكنولوجيا التي توفرت واستخدمت بشكل رائع من قبل التوانسة في انتفاضتهم التي أسموها (14 جانفي ).
من هنا يمكننا القول بأن المناخ السياسي المناهض للديكتاتوريات والتناول والإعلامي المكثف وسرعة الاتصالات وقوتها ساهمت في أن تقطف الثورة التونسية ثمارها الياسمينية الفواحة على غرار الثورات البرتقالية التي شهدتها أوربا الشرقية في السنوات الماضية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب وجها لوجه | #أميركا_اليوم


.. منذ 7 أكتوبر.. أميركا قدمت مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5




.. السباق إلى البيت الأبيض | #غرفة_الأخبار


.. بدء الصمت الانتخابي في إيران.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب ال




.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات استمرار احتجاجات كينيا رغم تراجع ا