الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة النيل الهادرة وجيل استعادة الكرامة العربية

عبدالحق فيكري الكوش

2011 / 1 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ولادة جيل عربي جديد بسقف من الطموحات الكبيرة والعزائم القوية وفي قلبه كمية من الارادة، جيل ينظر إلى الوطن نظرة مختلفة نظرة الطفل إلى "أمه"، وهي نظرة تمزج بين القداسة والاحترام والرغبة في الرقي بها والبر والاحسان بها وعليها... عوض نظرة سالفه، جيل الهزائم والنكبات، جيل ما بعد الاستقلال الذي رأى في الوطن "فريسة" و في الخيانة "عملة" وفي الانبطاح "شرف"، وقنع بالكراسي الوثيرة ومد يده الى عرق الشعوب بكل خسة ونذالة فكان أن برع أيما براعة في فنون السرقة والفساد والتواطئ مع مستغلي الشعوب، مع الغرب الماكر طبعا، فحول كل الدول العربية الى ضيعات ومراتع يجول فيها ويصول دون داع: هذا النظام وحوارييه من المفسدين والحثالى والخبثاء والأغبياء والأشرار.. ممن توسدوا النمارق النظامية، ونعتذر للشرفاء من هذا الجيل الذي نلومه لوما شديدا لأنه نكس أعلام الارادة في قلبه وقنع بالنظر وبما استقر من خوف من مفاصله..
جيل جديد بسقف جلل من الأحلام يولد من رحم المعاناة يشبه أسلافه من الكواكب البعيدة، يقدر حجم المسؤوليات التاريخية المنتظرة منه، والملقاة على كتفه، جيل لم نكن ننتظر مطلقا أن ينتفض و أن يكون سخيا وشهما وشجاعا في زمن قل فيه الشرفاء، وفسدت النخبة، وتواطأت مع أجهزة حكم أقرب للعصابات منها وأبعد ما يكون عن مفهوم الدولة.
رقصة الأهرام تأتي بعد أن أينعت الفاكهة التونسية في حديقة الشرف العربي، وبعد أنجز التونسيون تغييرا نهائيا وقطيعة تاريخية مع الماضي العربي بل ورفعوا من سعر الإنسان العربي في بورصة الإنسانية..
وقد بدا لي أن النظام المصري ظهرت بوادر نهايته مباشرة بعد تفجير الكنسية القبطية والتي يبدو لي أنها من تنفيذ النظام الذي حاول من خلالها إحداث فتنة طائفية وتقديم نفسه إلى الشعب على أنه "المخلص والمنقذ" بل كانت مقدمة لتوريث مصر لنفس الحيوانات المنوية...
لقد حاول النظام لف عنق الشعب بحبل الإرهاب، للهروب نحو الأمام وكانت خطوة حمقاء، ولعلي أعود إلى كتاب ابن المقفع " كليلة ودمنة" أن "الحيلة قد تعود على صاحبها"، ولنا في النهاية المأساوية لكليلة بعد أن غدر بالثور المناضل والصديق الوفي المقرب من الأسد، فإذا به – هذا النظام المصري المتهرئ والغبي- يلف حبل المشنقة حول عنقه، وهو الحبل الذي شنق به بنعلي، وان كان قبلا - هذا الحبل- لف من ذي قبل على رقبة صدام الذي وان شنق بطريقة همجية فهي أشرف بكثير من المشانق التي تحدث اليوم لظلال أجهزة الموساد وعموم الغرب -في دولنا وأقطارنا العربية- هذا العشب الضار الملتف كالعليق على جسد المنطقة العربية..
يمكننا اليوم أن نقول: أن جيل اليوم جيل ثورات، متمرد على كل شيء، انه يراجع نفسه بنفسه، ويكتشف نفسه، انه يقوم بتصريف إرادته والتصرف في حريته، ويراجع الدين بشجاعة ولعلي بالمحاولات الجريئة التي تحاول حرق التراث حرقا أكاديميا وعلميا، ستأتي أكلها، لبناء النموذج الثاني من الحضارة العربية واستعادة عرشها الضائع، إنها البراكين الخامدة التي تثور فجأة، هي الشعوب كالبراكين، والبشر سيان مسيحيهم ومسلمهم ويهوديهم ..، الجميع مثل الأنهار قد تجف أعواما ثم تأتي العاصفة فيجرف السيل كل ما في يجده في طريقه... انه نوع من الإنبات الداخلي المفاجئ لبذرة الحرية تماما كما تتشكل العاصفة التي لا يمكن مطلقا التحكم فيها ولا قيادة ريحها توجيهه..
ولا يوجد مغفل في الأرض غير الحكام العرب وبعض الأفارقة وشقيقة الشيطان الكبرى إسرائيل اليوم على خارطة الأرض ممن يعتقدون أن بناء الأسوار الشاهقة وحشوها بالخرسانة المسلحة والقضبان، وشراء الأسلحة بنهم وتحويل نصف الشعب إلى بوليس وعيون وجواسيس وتدريب المخابرات على القتل بأبشع الطرق مما لا يتصوره عقل ولا يقبله باطن ومما تسحيي من فعله الشيطان ومعه جميع الوحوش منذ عهد الديناصورات المنقرضة وحتى اصغر كائن مفترس – أنها ستقيهم من طوفان التغيير، و ستجنبهم العاصفة وهي التي تبدأ بالأشياء الكبيرة قبل الصغيرة...
وحدهم الحكام العرب و شقيقته في السوء إسرائيل يشيدون الأبراج ويعلنون الطوارئ العسكرية و ينادون ضباط الاحتياط لمباشرة مهمات هي مهمات مجرمين وليست مهمات دول، ظنا منهم أن بهذا يؤمنون مستقبلا لسلالاتهم وحيواناتهم المنوية...
إن هته الثورات تجعلنا ننادي بعصر فضيلة عربي، وننادي بضرورة عزلها عن الثورات الغربية، وان يكون لنا نموذجنا العربي، وأجد في النموذج التركي واحدا من النماذج التي يمكننا الاقتباس منها...
إن العرب والإثنيات التي كانت تعيش في المنطقة التي ستغطى برداء الإسلام الأخضر فيما بعد، وتعايشت وإياهم وقبلت بدينهم الجديد لهم روح متسامحة وقلوب نظيفة وهذا هو الأصل، ولعل السهولة التي دخل بها الإسلام قلوبهم قبلا تجعلنا نستعيد صورة العربي القديمة في أجيال اليوم، والعرب بفطرتهم كرماء ونبلاء وعاشوا أحرارا في الصحاري ونبذوا المدن مثلما عاش الأمازيغ في شواهق الجبال واعتصم المسيحيون في أديرتهم..، وان من يروج لمفاهيم خاطئة من قيبل أن العرب قوم شقاق ونفاق وقوم خمول وجهل يعمم عن جهل وسوء نية فترات تاريخية على كل التاريخ العربي، و يقلب في الصفحات السوداء عوض مجموع الكتاب حيث التاريخ العربي الناصع...
إن دراسة للعائلات العربية في المغرب ونظيرتها في الشرق لن تذهل الباحث إن وجد الروابط المشتركة والجذور المشتركة بين هته العائلات، بل إن مجموع سلالة علي بن أبي طالب وال البيت تتجاوز ستة وثلاثين مليون نسمة ... موزعة بين الأقطار العربية، فما بالك بمجموع القبائل العربية التي فرخت في كل شبر عربي؟ والامازيغ الذين لهم جذور في اليمن وفروع في مجموع شمال إفريقيا ؟...
إن هته الثورات يجب أن تمهد لعصر من التسامح العربي، العصر الذهبي الذي يضمن في إطار مفهوم الدولة حرية العقيدة مثلما حرية التعبير والرأي والفكر وحقوق الإنسان، والى ضرورة التكتل العربي الاقتصادي والاجتماعي..
إنها ثورات يجب أن تمهد لعصر المواطنة ودولة القانون حيث يتساوى حمال الشارع ورئيس الدولة في الحقوق والواجبات ..
أن هته الثورات يجب إن تمهد لرفاهية العالم العربي وسعادة الإفراد، مصادرة السلطات المطلقة من رجال الدين و الملوك و الرؤساء وان تمهد لازدهار عصر تنوير عربي، وتقطع مع عصر الحيوانات المنوية المقدسة..
أن هته الثورات يجب أن تمهد إلى إقامة قواعد راسخة للديمقراطية، و دولة المؤسسات و إلى إقامة الشخصية الثانية من الحضارة العربية ...
إن هته الثورات يجب أن تمهد الطريق أمام نهاية الامتيازات المقززة للحاشية والمتملقين والمتزلفين الذين تكوروا من عرق الأغلبية من بؤساء الأمة وتقطع الطريق أمامهم ..
لقد اثبت سنوات الضياع العربي مع شرذمة من الرؤساء أنهم أشبه بقطاع الطرق يقضون حياتهم في أحضان نساء منحلات الأخلاق، مدمنات على صالونات التجميل والحلاقة والتسوق والبذخ..، في مقابل تصريف كبتهم و إطعام شهوتهم يحاكون عقدة شهريار المزمنة، في حين يسلمون أمور الرعايا إلى من هم أسوأ منهم فيطلقون أياديهم في شرف وعرض ودم وكرامة الفرد و الأمة، نسائهم وأطفالهم و ذكورهم، وكل شيء عندهم قابل للبيع...
لقد اثبت سنوات الضياع العربي أن بعضا من الحكام لا فرق بينهم وبين الغوغاء والأوباش واللصوص وبائعات الهوى وتجار الرذيلة، كل شيء معروض في المزاد عندهم: الوطن والفرد والثروة والكرامة..
لقد اثبت سنوات الضياع العربي أن بعضا من الحكام لا فرق بينهم وبين الصعاليك وحملة السيوف من لصوص الليل والنهار وقطاع الطرق جعلوا من خيانة شعوبهم " واجبا مقدسا"، ومن خيانة أوطانهم "ضرورة تمليها الضغوط الخارجية"..
ولعلي تنطبق عليهم قولة هلفتيوس: "أنهم أغبياء أكثر منهم أشرارا"...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي