الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة طبقية جديدة تعلن عن ولادتها في تونس و مصر

نادية محمود

2011 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


من رحم الرأسماليات الحاكمة التي تنازع للبقاء، تلد اليوم حركة طبقية اعتراضية يافعة قررت ان تستخدم قوتها في المعركة لتحسم مصيرها السياسي، و اثبتت لحد اللحظة بانها قادرة على احداث تغيير. ديكتاتوريات كانت تبدو عصية عن التزحزح من اماكنها، الان لا تملك الا ان تضحي ببعضها البعض على مذبح البقاء في السلطة، في خضم الغليان الجماهيري المتواصل منذ اربعين يوما. الحكومات الغربية، من باريس و واشنطن و لندن، بدات تغير لغتها و تتراجع عن دعم حلفاءها في المنطقة. امام قوة الجماهير، تراجعت ليست عواصم الشرق الاوسط، بل عواصم العالم، لتعيد النظر و تغير مواقفها، بائعة حلفائها كما باع مبارك حكومته من اجل حفظ موقعه في السلطة.

لقد اعطت الاحداث هذه الايام معنى ملموسا لكلمات ماركس "الرأسمالية تحفر قبرها بيدها" فها هو من رحم الرأسمالية يلد جيلا من العمال، الشباب و النساء، العاطلين عن العمل و الفئات المتضررة الاخرى، قرر الدفاع عن حقوقه بالهجوم على الطبقات الحاكمة ليس مطالبا فقط بحقوقه ومطالبه بل باسقاط – واسقط فعلا- ديكتاتورية كانت تبدو عصية عن التحرك من مكانها ، و الديكتاتورية في مصر تصارع من اجل البقاء.

اننا نشهد شروع مرحلة جديدة، مرحلة تبدأ فيها حركة عمالية وجماهيرية و لصراع علني جديد طبقي شفاف. لقد خرجت التظاهرات في العالم العربي ضد حرب امريكا على العراق، ضد اسرائيل، و لكن هذه المرة الاولى، تخرج الجماهير من اجل مطاليبها الاقتصادية و السياسية بنفسها و لاجل نفسها، انه اعلان عن ولادة حركة ونضال اقتصادي و سياسي طبقي شفاف بوجه الفئات الحاكمة و الطبقات الرأسمالية الحاكمة، بغض النظر فيما اذا كانو استخدموا شعارات بهذا الوضوح،او انهم يتحركون ضمن هذا الافق في نضالهم الجاري اليوم.

ان ما يجري اليوم من تظاهرات مطالبة بالخبز والحرية تختلف عن تلك التي حدثت في اواخر الثمانينات معترضة على الخصخصة و لبرلة الاقتصاد فيما سيما بثورة الخبز انذاك. الان في العقد الثاني من القرن الحادي و العشرين انها قادرة على ان تطيح بحكومات وديكتاتوريات. ان هذه سابقة تاريخية و انجاز تاريخي عظيم لهذه الحركات، رغم عدم وضوح المستقبل السياسي بشكل قاطع، و ارتهانها بقدرة الجماهير على اصرارها لتحقيق اهدافها، الا ان قضايا حل البطالة و توفير الحريات السياسية تطرح اليوم و بشكل معفر بالدماء على انها مشكلة النظام كما هي مشكلة الجماهير و كما يقول ماركس، حين يشكل امر ما مشكلة، فانه سيجد حلا. و الجماهير تفرض شرطها اليوم الا و هو لا تريد هذه الانظمة كشرط اولي و مسبق للحديث عن اي تغيير اخر.

لقد اكدنا منذ بدء الازمة الاقتصادية العالمية الاخرى، ان الصراع الطبقي اصبح سافرا في كل مكان في العالم، فشل دول الرفاه و تراجعها عن الرفاه في ظل الازمة الرأسمالية العالمية التي اخرجت طلاب بريطانيا اليوم الى الشوارع، و في باريس و اليونان، و هي ذات الازمة الاقتصادية و السياسية التي اخرجت الملايين في تونس و مصر و اليمن، ان الصراع يندلع بشكل مباشر مؤديا الى سقوط حكومات في الشرق الاوسط قبل اي مكان اخر في العالم، هذه الشرارة تمتد وكل الانظار تتطلع الى سريانها في كل بقعة من العالم.

ان اثار حركة لم تنتصر بشكل نهائي بعد و لازلت تمر في امتحان يومي و صراع يومي قد الهم الملايين في العالم، و وجهت كل انظار العالم لها، ماذا لو انتصرت هذه الحركة وحققت مطاليبها، اي امل ستبعث في نفوس الملايين، ليس في الشرق الاوسط فحسب، بل في لندن و بكين و واشنطن و باريس وطهران و بغداد و كل مكان في العالم؟انها ستكون بنفس الهام و بنفس الامل الذي منحته ثورة اكتوبر ، و كومونة باريس، تلهم العمال و الجماهير، و تعيد ثقتها بنفسها من اجل ان تستخدم قوتها في المعركة، هذه القوة التي يجري استخدامها الان و بكل امكانياتها الكامنة.

انه زمن رفع راية ماركس، زمن الشيوعية العمالية، زمن ان ترفع الطبقة العاملة الراية الحمراء، ان لم تتمكن من تشكيل احزابها الشيوعية العمالية الان و بشكل فوري، فلتديم صراعها من اجل خلق اوضاع افضل لحياتها و نضالها القادم من اجل صراع طبقي عمالي سافر، صفى حسابه و انهى اوهامه بالتيارين القومي والاسلامي واليوم يتجه الى قواه الطبقية و الى رايته السياسية من اجل العمل و الحريات السياسية.

هذا هو المطلب اليوم، فلتتوجه كل الجهود لتقوية جبهة هذا النضال.

29-1-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الراسمالية تضع المجتمع على اعتاب الاشتراكية
مناف الاعسم ( 2011 / 1 / 31 - 11:26 )
تحية للاخت ناديا وبعد
اعتقد اطلاق نعت الراسمالية على انظمة مثل تونس ومصر قد يتعدى حدود الوصف
نعم الراسمالية تحفر قبرها وتضع المجتمع على اعتاب بناء مجتمع خالي من اسغلال الانسان لاخيه الانسان
ولكن مصروتونس وانشاءالله السعودية مجرد انظمة بيروقراطية طفيلية واساس بقاءها هو التوازن بالشرق الاوسط والدعم الخارجي سياسيا ام ماليا
بذهاب هذه الانظمة سنجد ما توصل له المجتمع من تطور وهو براي مستوى متخلف والدين يلعب دور خطير وهنا تبرز اهمية النضال العلماني بكل فصائلة وشكرا للنت والفيس بوك ما قاما به من عملية تنظيم راقية وحديثة فاقت الايسكرا(الشرارة) والبرافدا وحتى تنظيم الاحزاب كلها


2 - الانترنت مهم و لكن الحسم بيد البشر
نادية محمود ( 2011 / 1 / 31 - 13:09 )
شكرا عزيزي مناف على تعليقك، الفيس بوك والانترنت مهمان جدا من الناحية التكنيكية، و لكنهم لا ينظمون الثورات او يقودوها، الثورة ينظمها البشر ويقودها بشر، و خاصة نحن نرى ان السؤال المطروح، الذي لن يجب عليه الفيس بوك والانترنت اي قوة ستاتي، و اي مطالب ستتحقق في مصر و تونس و هذا سؤال تجيب عليه الجماهير والقوى السياسية على الارض، لقد قامت الكومونة و ثورة اكتوبر واستخدمت الجماهير و الاحزاب ما توفر لهم من امكانيات في ذلك العصر، الامكانيات تستخدم من قبل بشر ذوي ارادة يوجهون التاريخ نحو هدف معين.
لقد قطع الانترنت و الموبايلات في مصر منذ اسبوع ، و لكن الانتفاضة مستمرة
تحياتي
نادية

اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|