الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (1) استعادة الجماهير للسيطرة على الشارع

عبير ياسين

2011 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


على هامش الثورة المصرية (1)
استعادة الجماهير للسيطرة على الشارع


أعرف أن الجدل لازال دائرا حول طبيعة ما يحدث فى مصر وتصنيفه بين الثورة والحركة الشعبية العفوية، والمرجح أن يستمر هذا الجدل ربما حتى تتضح نتائج التحركات المصرية على الأرض، وربما يبقى الجدل حولها دون حسم

ولكن من المؤكد أن هذا الجدل لن يتجاوز حدود الجدل الاكاديمى ولن يؤثر على حركة الجماهير التى لا يعنيها كيف ستصنف الكتب والأوراق مواقفها، ما يهم تلك الجماهير الغاضبة أن تستيقظ على واقع غير الذى كان طوال تلك السنوات الممتدة

ما يهم الجماهير المصرية أن تؤكد أن هناك نهاية للصبر على الظلم، وأن تؤكد أنها عندما قررت النزول إلى الشارع وإعلان الغضب كانت لازالت تجد مساحة للحوار مع النظام وحوله، ولكن بعد رد فعل النظام العنيف خلال أيام الغضب تحول لسان حال تلك الجماهير إلى إعلان الرفض الكامل للنظام ورموزه، الرغبة إلى استعادة الكرامة المصرية الجريحة لقوة دفعها الشعبية

لم يكن صعبا على جموع الجماهير المصرية أن تتعرف على رموز النظام سواء كأفراد أو منشآت ولم يكن من الصعب عليها أن توجه شعاراتها وتحركاتها ضد تلك الرموز

أثبتت الثورة المصرية أن الحكومات والنظم التى تتجه إلى ترسيخ الأمن تفشل فشلا أمنيا ذريعا، وتتحول فجأة إلى كائن مزعور عندما يكتشف أن فريسته قادرة على مواجهة أسلحته وأنها على استعداد للموت فتتآكل قوى الردع والتخويف، ويكتشف النظام حجم الخلل الهيكلى الذى يعانيه فى علاقته بالشعب

عندما تقف الفريسة فى وجه صيادها وتؤكد على رفضها للسلاح وعدم خوفها منه تسقط نظرية الردع والتخويف وتتحرر الفريسة فى حين يتحول الصياد إلى طريد كما شاهدنا جميعا ونحن نتابع شاشات الأخبار

لهذا لم يكن غريبا أن يؤكد لسان حال المنتفضين بأسلوب مصرى ساخر أن حظر التجوال المفروض يطبق على الرئيس ورموز النظام وليس عليهم. ولعل المفارقة أن تنظر للشارع المصرى وأن ترى الجموع المحتشدة فى الشارع فى حين تختفى تحركات المسئولين الرسميين. فقبل 25 يناير فقط كان من الطبيعى ان تخلو الشوارع حتى يمر موكب رئاسى أو وزارى، أن يعانئ الاف المصريين من الانتظار والاختناق المرورى لتمر تلك المواكب، الآن تختلف الصورة تملئ الجماهير الشارع وتختفى تلك المواكب رمز السيطرة والقهر ولا أعتقد أن صورة الجماهير المحتشدة فى ميدان التحرير مساء 25 يناير يمكن أن تمحئ من الذاكرة، على العكس ستبقى رمزا واضحا لمرحلة ما قبل وما بعد الخامس والعشرون من يناير

تلك الصور بدورها قادرة على إعلان قهر الخوف داخل النفوس، فالمصريين الذين خرجوا إلى الشارع قهروا خوفهم، سيطروا على مساحاتهم مرة أخرى، أكدوا أن الشارع ملكا لهم

تلك الجموع الرائعة تعلو أصواتها وتسير رغم كل القلق الأمنى معلنة عن تحررها، مؤكدة بكلمات مصرية صادقة وصافية كما تنقل الفضائيات على تحررها وسعادتها للشعور بالحرية وعدم الخوف وهى تسير فى شوارع أعتادت ان تشعر فيها بعدم الأمن

تدرك تلك الجموع بمستوياتها وخلفياتها المختلفة أنها قادرة على الوقوف فى وجه النظام، وأن النظام ليس هذا الوحش المخيف الذى صور لهم لعقود. يقف الفرد بمفرده فى مواجهة مدرعة الشرطة، وتمر جموع الجماهير أمام تلك المدرعات التى كان وجودها وحده فى الشارع كفيلا ببث الرعب فى نفوس البعض

تبدو أولى ملامح وانجازات الثورة المصرية الشعبية فى تلك الجموع المصممة على البقاء فى الشارع رغم حظر التجوال، ورغم كل محاولات رشوتهم وتخويفهم، مصممة على استمرار سيطرتها على المساحات المحررة

تلك المساحات المحررة تتسع عبر انحاء مصر، يحمل فيها ميدان التحرير رمزيته الخاصة لكنه يبقى رمزا وسط صورة متعددة الأبعاد ومتشابكة وشديدة الحيوية

يستعيد المواطن مساحات احتكرتها السلطة فيتحرر فيه جزء وتفقد الأداة الأمنية أجزاء من سطوتها

تبقى رمزية الشارع والبقاء فيه بالمخالفة لرغبة النظام معبرة عن وجه من أوجه الحركة المصرية والجموع التى تطالب بالحرية من أجل السيطرة على مساحات أخرى أوسع من الوطن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصرشباب الخير
محمد عبد الفتاح ( 2011 / 2 / 13 - 13:56 )
ياشباب مصر انتولاامل فيها مصربلدكوحفظو عليها انتو مصر فى لوقت الحاضر ولمستقبل

اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى