الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر : يا ظالمني ... ثورة من أجل الحياة

واصف شنون

2011 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


حينما هربت من العراق قي يوم 22 من اذار 1991 لإثر تراجع المنتفضين وشقوط الإنتفاضة بسبب القصف المدفعي للمدن والقصبات والقرى الجنوبية وقسوة الجيش العراقي المنهزم بمذلّة وخسّة من الكويت ،لم أكن افكر سوى بكيفية التخلص من سلاح الكلاشنكوف الذي لا أعرف استخدامه ولم أطلق به اطلاقة واحدة على الإطلاق والرمانتين اليدويتين اللتين كانتا بحوزتي والذي نصحني احد الأصدقاء بحملهما اضطرارا لتجنب حالة الإعتقال من قبل الجيش العراقي المقدام ، ومن شدّة رعبي وعدم تدبيري وخبرتي في ( المعارك المسلحة الباسلة!! ) قمت ُ وعلى وجه السرعة بدفن البندقية والرمانتين بالحديقة الأمامية الصغيرة لمنزل العائلة دون أن اخبر أحدا ًعن ذلك ،وحتى الأن وبعد مضي ما يقرب على العشرين عاما ً لم أتجرأ لكي اسأل عن ماذا جرى لكنزي المدفون بعمق نصف متر فقط .لكني أعرف والكل يعرفون ماذا جرى للجيش العراقي الذي قصف مدن اهله بالمدفعية النمساوية والهاونات ونفذ الاف الإعدامات العشوائية بحق مواطنيه وابناء جلدته ورفاق السلاح ايضا ، بل لعل الجيش العراقي ولا ( يزال ) هو أحد المسببات الرئيسية في التخلف السياسي والإجتماعي والمدني العراقي .

ما شهدته لحد الأن من جيوش الدول الأخرى مثل الجيش الروسي والجيش الأوكراني والتركي والتونسي واخيرا ً وراهنا ًالجيش المصري ومواقفها التاريخية امام شعوبها وشعوب العالم ، يدفعني والكثيرين معي ليس في اعادة النظر وقراءة التاريخ الحديث مجددا ً لعدم وفاء وولاء الجيش العراقي للشعب بل لقادته الديكتاتوريين نصف الأميين حتى لايحصل المرء العراقي الوطني على اسم لعسكري يتشرف به مثل الجنرال السوداني سوار الذهب او قادة الجيش التونسي الذين لا اعرف اسماءهم او قادة الجيش المصري الذين اتخذوا الحياد بل رفض ضباط من الجيش اطلاق نيران الدبابات على شعب مصر من الشباب العاطلين والفقراء والجياع .
ويبدو ان مشكلة الجيش العراقي السابق واللاحق ، هي مشكلة اجتماعية بالأساس ، فالجيش ومنذ البداية اعتمد الطائفية والعرقية والقومية والقبلية العشائرية ، اي جيش غير متمدن ، وعادة ما يسيطر عليه الريفيون العراقيون المشهورون بالقسوة وعدم المدنية والإنتماء للعشيرة او الحزب او الطائفة قبل الدولة او الوطن .

ان ما نراه الأن في ثورتي تونس ومصر ، لم يكن ليحدث ويستمر لو أن لدى الشعب المصري ( الجيش العر اقي الباسل ) ، فقد تم سحق انتفاضات وثورات وتمردات لاتعد ولا تحصى من قبل العسكريين الذين لا يوالون سوى مصالحهم وفيلاتهم ومشاريع ابناء ابناء ابنائهم المستقبلية ، لكن الجيش المصري لحد الأن يُثبت العكس على الرغم من أن ديكتاتورية مبارك وحزبه الحاكم لم يبخلا ابدا في رشوة العساكر( عساكر الأمّة العربية )

ان من المؤكد أن الشعب المصري الثائر ومجاميع الثوار الشباب هم من غير المسلحين ( عكس انتفاضة اذار 1991العراقية المسلحة )، لذلك فأن الضحايا وحتى الأن هي ضئيلة مقارنة بـ 16 الف عراقي تم قتلهم في يوم واحد على طريق كربلاء من قبل وحدات الجيش العراقي (الباسل )بقيادة حسين كامل صهر الرئيس ،وحتى الأن هناك الاف المفقودين العراقيين من ثوار الإنتفاضة المقموعة ،والتي شارك في قمعها سياسيا ً حسني مبارك والسعودية والولايات المتحدة الأميركية نكاية بايران الشيعية وتخوفا ً من صعود الإسلاميين ، لقد جرى ذلك قبل عصر الأنترنيت والثورة الإجتماعية الحالية .
في مصر عكس ما جرى في العراق2003 ، فأن الثوار يقومون بانفسهم وحسب شهود عيان وصحافيين عالميين " وقضى المعتصمون ليلتهم في حال تناوب في النوم كما تم تشكيل لجان شعبية لتدبير أمور المعيشة وتوفير المياه والطعام إلى المعتصمين باستخدام السيارات الخاصة بعد اختفاء سيارات الأجرة وسيارات النقل العام فيما قام عدد كبير من المواطنين بشراء أطعمة ومياه وتوزيعها بمجهود فردي حيث لم يجد المعتصمين أي مشكلة في توفير الغذاء. وشكل المعتصمون فرق للمساعدة في حماية المتحف مع قوات الجيش ".فيما تم سرقة المتحف العراقي وتحطيم بعض الاثار التي من الصعب سرقتها ونقلها الى الخارج ، وكذلك تم نهب البنك المركزي العراقي ومؤسسات الدولة الأخرى ،وقصص النهب العراقية معروفة للقاصي والداني من فرهود عام 1948 حتى الأن .
لقد ثار المصريون على نظام ديكتاتوري – عسكري يتمتع باحترام دولي شديد وشرعية دولية لايؤمن بها فقراء المقابر ومياه المجاري ممن لايحصلون سوى على اقل من دولارين يوميا وتفوق اعدادهم على 35 مليون مصري ،وديكتاتور متمرس في السياسة الدولية والعسكراتيه الإحترافية والمخابراتية في التصدي للتطرف الإسلامي الذي ساهم هو وسلفه في صناعته وتعميمه الى باقي بقاع الأرض ، لكن القهر الديكتاتوري واحد وعمليات قمع وتحطيم وتهميش الفرد المواطن البسيط وحرياته الكونية لاتختلف من ديكتاتورية الى اخرى .

لقد قضى العصر الجديد على حكمة الشيوخ الكاذبة ،فقد تيسرت المعلومات الكاملة والشاملة لمن يحتاجها من الصغار والكبار ، بل لقد افرزت السياسة الدولية المتقدمة قادة دول عظمى من الشباب المنفتح والمتفتح ،وشمل ذلك كل دول العالم تقريبا ما عدا الدول العربية الديكتاتورية ،ولعل رئيس في الثانية والثمانين او ملك في السادسة والثمانين لايمكن لهما تفهم رغبات الشباب وطموحاتهم ،فكيف اذا لم يتوفر الخبز واللحم والحريات الشخصية للملايين ؟؟، بينما العالم الغربي - الآخر يعيش ثورة صحية ضد الأطعمة الدسمة !! وثورة رياضية من أجل الرشاقة وثورة معرفية من اجل الحصول على وظيفة افضل .

لقد انتهى موال المصريين رغم الدماء والأيام الصعبة القادمة ، وطالما غنوا طويلا ياظالمني ويا هاجرني ،فقد أحبوا الحياة بعمق وبساطة،ومصر ليست قطر ولا السعودية ولا العراق المقيد بالمقدسات الخرافية ، هذه مصرُ طه حسين وفرج فودة وام كلثوم وسيد القمني ونجيب سرور وصلاح جاهين ،هذه مصر ام الفقراء بنت النيل وسيدة الإهرامات ، مرحى للدماء وطوبى للثورة،وخضوع وانحناء امام الشجاعة الفائقة .
31/1 / 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخوف من القادم
عبد الكريم الموسوي ( 2011 / 1 / 31 - 11:29 )
أنا سعيدا ومتفائل في هذا الخروج الجماهيري في الدول التي لا يحسب التاريخ حسابها . دول نائمة في تكيات الاساطير . ولكني أخاف من القادم الذي ربما سوف يغير مسار الجماهير المغيبة لثلاث عقود تحت السلطة الديكتاتورية وسلطة الدين المأساوية . عزيزي الكاتب أشارك فرحك ولكني خائف من المجهول ! كما خُدعنا في القرن السابق في الثورة الايرانية


2 - أوفياء
جمال جاف ( 2011 / 1 / 31 - 12:13 )
أستاذ واصف الجيش العراقي اسس على اساس قمع ارادة الشعب العراقي .. مسؤول عن جميع الانتهاكات الكبرى، ضد الشعب العراقي ومسؤول عن الخراب والتدمير وتثبيت وترسيخ اقدام الطغاة في كل دول العالم تقريبا وخاصة الدول المتقدمه للجيش فلسفته الخاصه وتاريخ حافل مليئه بالاعتزاز تجاه الوطن والامه يقدمون انفسهم ضحايا من اجل الشعب والوطن ليس في الحرب وانما في الكوارث الطبيعية والمآسي
ما الذي قدمه الجيش العراقي تجاة الشعب غير التذليل والقمع ولجم ابناء الشعب ، علما في ايام الحرب العراقية والايرانيه وما بعدها من الحروب الطاحنه كان الجندي العراقي متسولا مذلولا منكوبا والمصيبة كان راضيا سعيدا باذلاله وتذمره المهم ان يبقى الطاغيه راضيا عنه
علما بأن الطاغيه كان يحرض الابن الجندي على الاب وعائلته بحجة تطبيق اوامر عسكريه
يخرب يقتل يتجاوز الاعراض بحجة الامر العسكري الوارد من الاعلى السادي الجبان المشوه نفسيا وروحيا دون ثقافة وأدراك


3 - وانشد لمصر ايضا
سميرة العراقي ( 2011 / 1 / 31 - 12:31 )
بلادي بلادي لك حبي وفؤادي
نعم انتفضت مصر الا ن بكل طبقاتها وكل كياناتها فالف تحية للشعب الثائر
والف قبلة لتراب مصر ام الدنيا
والبنت دي قامت تعجن من بدرية والديك بينده كوكو كوكو من الفجرية ويلة بنا على باب الله يصنايعية يجعل صباحك صباح الخير شهدي عطية

فرحنا واحد اخ واصف
تحياتي


4 - أخافُ
عبد الكريم الموسوي ( 2011 / 1 / 31 - 13:09 )
العزيز واصف
في هذا الفوران الجماهيري والفوضى ، أتمنى وأخاطب سيد القمني أن يرحل مع عائلته ، حفاظا على حياته
ولا أدري أن كان يسمعني،


5 - ولاية طلبان
عبد الكريم الموسوي ( 2011 / 1 / 31 - 13:14 )
يا مصريون الحذر ثمّ الحذر من الأخوان وولاية طلبان الجديدة


6 - نداء
عبد الكريم الموسوي ( 2011 / 1 / 31 - 13:33 )
أيها المصريون إنتبهوا إلى حوادث التاريخ وتعلّموا
حافظوا على ردائكم القديم
خيّطو فراغاته وألحمو بعثراته
وصوغو ما ترتأوه
تعرفونه جيدا ويعرفكم جيدا
لا تجازفوا
المجهول مخيف


7 - جيش الخدلان
سعد الموسوي ( 2011 / 1 / 31 - 13:59 )
ما طرحة الكاتب واصف هي حقائق جريئةوواقعية ربما تناساها الاخريين او خجل بعضهم من طرحها امام الاعلام.واسفنا في عام 1991 حين انلعت انتفاضة ادار لم نكن نمتلك فيس بوك ولا موبويلات لكي نؤرشف ماخفي عن العالم ماقام فية جيشنا العراقي الباسل واستخباراتنا العسكرية في قمع الانتفاضة وقتل كل مفردات الحياة.
انا اتفق مع ماكتبة الكاتب الجيش العراقي لم يكن مفخرةللعراقيين بل وصمة عار في تاريخ نضال الشعب العراقي وشتان مابين جيوش جورجيا تونس ومصر واكيد سنرى المواقف البطولية الاتية لدول عربية ستتحرر او دول شرق اوسطية قادمة
مقارنة مع جيش مرتزق مثل الجيش العراقي . الشعوب تفتخر بجيوشها ونحن كعراقيين ننتكس خجلا امام جيشنا الباسل العاق. جميع العراقيين من وطنيين وعاديين يحتفظوا بدكريات مؤلمة عما فعلة الجيش العراقي والاستخبارات العراقية في وطنهم وعبر سنوات طويلة فهل ياترى نحن كعراقيين يحق لنا ان نفتخر ب 6 كانون يوم تاسيس الجيش العراقي؟؟؟؟؟؟


8 - الاف تحيه لجيشنا العراقي البطل
د قاسم الجلبي ( 2011 / 2 / 1 - 11:13 )
لم ينسى شعبنا العراق البطل مواقف الجيش العرقي البطل ابان العهد الملكي البائد والذي وقف مساندا له في كل الانتفاضات في ذلك العهد , وكلنا نتذكر ما قام به الجيش العراقي في ثورته المباركه واليتي هزت اكبر ديكتاتوريه في ذلك العهد , هذه الثوره التي قادها الزعيم الخالد الذكر عبد الكريم قاسم ,نعم
علينا ان نحتفل ب6كانون الاول يوم تاءسيس الجيش العراق الباسل


9 - بكل فخر انا مصرية
نور محمد ( 2011 / 5 / 3 - 16:32 )
عزيزى الكاتب اشكرك جدا وازيد فى شكرى نيابة عن كل المصريين الشرفاء
على مقال سيادتكم الخاص بالجيش المصرى واقول بكل فخر واعتزاز هذا هو جيشنا المصرى ليس هذا عليه بجديد اذا رجعنا بالزمن الى الوراء سنجد مواقف الجيش المصرى ثابته فهو من الشعب المصرى واليه هو من كان وراء ثورة 25 وحرية مصر من الاستعباد والقهر على دمدار سنين وهذاهو الزمن يعيد نفسه ونرى جيشنا العظيم يقف بجوارنا ويحمينا ويحمى ابنائنافى ثورتنا البيضاء وكان شعارنا واحد الجيش والشعب يد واحدة ودائما ياجيشنا نفتخر بك وبمواقفك الثابتة الخطى على مدار الدهر وتعيش مصر بجيشها وشعبها حرة واصلية فى امان الله وامنا نادت علينا وكلنا لبينا ندائهاوان شاء الله سوف نرؤى قريبا انقشاع الغمة التى سادت على سماء الدول العربية وتوحيد ايديهم بيد جيوشهم ويارب نسمع عن هذا قريبا افيقوا ايها القادة انكم من الشعب والشعب منك وليس دائم لكم الحاكم الظالم ولاتخدم وضظيفتك بكونك جندى ولكن اخدم شعبك من جعلك جندى لحمياته

اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح