الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نار الحرية

علي شايع

2011 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بين النار والحرية صلة ربط كبيرة وقديمة، أقدم من الشعلة التي تحملها المرأة في تمثال الحرية الشهير بنيويورك، حتى لكأن من أحرق قلب هذه المدينة العملاقة في الذكرى السوداء الشهيرة، أراد استهداف رمزيتها كحاضرة يشمخ فيها ذلك التمثال الهائل، لإمرأة تحمل شعلة وعلى رأسها تاج بسبعة أسنّة تمثل قارات الأرض السبع.تلك الرمزية للحرية لم تصنعها الدولة (أميركا) بل صنعها الشعب الأميركي والفرنسي، فبعد أن أهدى مصمم ذلك التمثال فكرته ومنجزه، وفكّرت فرنسا بمنحها لبلدية نيويورك، لم تكن هناك أموال كافية للفكرة الهائلة، وحصل أن جمعت التبرعات وجرت الاحتفالات الموسيقية والمسرحية ريعاً داعماً أسهم فيها حتى شعراء طواهم النسيان، باستثناء شاعرة واحدة نُحت اسمها وقصيدتها أسفل التمثال بعد عشرين سنة من نصب التمثال. ولسرد هذه التفاصيل أهمية، حيث كان من الممكن أن يكون تمثال الحرية عربياً وينتصب على مشارف قناة السويس، لأن الفرنسي (فريدرك بارتولدي) صاحب فكرة تمثال الحرية سبق وأن عرض ما لديه على الخديوي إسماعيل، المحتفل للتو بافتتاح تلك القناة، لكن الرجل شغله أمر آخر، إذ أنفق مبالغ طائلة بولائم احتفال دعا لها ملوكاً وأباطرة وأهل نفوذ في الأرض وقتها، وبما لا يصدّق من صرفيات. فما جدوى تمثال يحمل شعلة للحرية؟. و ليت الخديوي فكّر بضحايا حفر القناة ممن قيل إن عددهم تجاوز 200ألف، ليصنع لبطولتهم ذكرى تنتصب هناك إلى الأبد.
ترى لو إن تمثال الحرية وضع حقاً هناك، هل كان سيربط حريات العالم ببعضها مثلما تربط تلك القناة، وهل ستعكس البحار بريق تلك الشعلة، فتنقل من تونس البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس شُعَل الثورات إلى البحر الأحمر وصولا للخليج ؟.. فربما كان العرب سيفكرون بالحرية أكثر، ويكون للنار مستجد بنظرهم. وسنسمع إن من أقدما على إشعال النار بجسديهما - أمام مجلس الشعب المصري- مؤخراً، فعلا ذلك تحت نصب الحرية الهائل على مشارف قناة السويس، بعد أن أخذا من شعلتها قبساً لإعلان صرخة الاحتجاج..صرخة النار تلك!.نار الحرية وشعلتها الخالدة جعلت من التونسي (بوعزيزي) برومثيوساً عربياً سرق نار عرش (الآلهة) الجبابرة ليمنحها للناس، دون أن يفجّر نفسه ويرهب الآمنين. و من قلّد ذلك الشاب التونسي، إنما فعلها احتجاجاً، كرسائل شخصية خاصة، ربما نختلف معه بسببها،لكن يبقى فيها رهبة القربان،من دون رعب أن يرغم الناس بالمشاركة عنوة في تلك التضحية الواهمة بتفجير نفسه، ليتناثر أشلاء في الطريق إلى اللعنة الأبدية.
للحرية نارها التي تُنضج بها لتبقى رمزاً لا تستوعبه تلك الشعلة.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم