الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر انتصارات لن تنتهي

سامي الاخرس

2011 / 2 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مصر... إنتصارات لن تنتهي
أسئلة عديدة تأتي في السياق الطبيعي في مجمل الأحداث الطارئة التي فجرها الشاب محمد بوعزيزي في تونس، وتحولت من احتجاج فردي إلى ثورات شعبية في تونس ثم سرعان ما انتقلت إلى مصر، وهناك العديد من الدول العربية التي تترقب الوضع ومرشحة بقوة للانتفاض قريباً، وهذه الأسئلة تطرح ذاتها في خثلد أي مواطن عربي عادي ينتظر بحالة ـأملية لما ستسفر عنه الأحداث في مصر التي تعتبر قلب الأمة العربية، وذات مركز استراتيجي دولي أيضاً، فمصر تعتبر ذات ثقل ووزن خاص ليس في النظام العربي الرسمي، أو النظام الدولي الرسمي، بل في وجدان الشعوب العربية، واهتمام المواطن العربي البسيط، وهو ما أثبتته الأحداث الجارية في مصر، والذي عبر عن دلالة طبيعية على مكانة مصر ودورها القومي والإقليمي والدولي سواء السياسي، أو الجغرافي، أو الاقتصادي، والثقافي، والحضاري المميز.
للحقيقة رغم حالة التفاؤل التي سادت الجميع وكل الشرائح والفئات من تحرك الشباب المصري، ومطالبهم العادلة، إلاّ أن المشاعر والأحاسيس تزاوجت وتمازجت بل وازدوجت ما بين التفاؤل والأمل من جهة والخوف على مصر من جهة أخرى، وهنا الخوف لا يعني على النظام السياسي، فأي نظام قابل للاستمرار، وقابل للتغيير، ولكن الخوف على مصر الكيان والدولة، والمكانة والاستقرار،والخوف كذلك من تآمر بعض القوى على مصر، وهي عديدة منها الاقليمي ومنها المحلي ومنها الدولي، الذي وجد بعدائه للنظام القائم فرصة لتصفية الحسابات مع مصر الكيان. ولكن وعي وحرص المواطن المصري ساهم حتى راهن اللحظة في إفشال هذه المخططات المبهمة، والتي لم تتضح صورتها بعد، وهو نفس الخوف الذي سيطر علينا بعد التآمر على العراق وتدميره ككيان ودولة وجسد قائم، والدفع بالدولة الأكبر عربياً وشرق أوسطياً إلى هاوية الفتنة والاقتتال والتشرذم، وبذلك إنهيار قوة عربية دافعة في مواجهة أي عملية إنصهار ضمن ترتيبات معينة من القوى الإقليمية والدولية الطامعة بهذه المنطقة.
وعودة على بدء وطرح التساؤلات أو التساؤل الأهم الذي يتمحور في ذهن كل واحد فينا، ما هو مصير ثورة الشعوب عامة؟ وهل حققت أهدافها في تونس؟ وهل ستحقق أهدافها في مصر؟
هذه التساؤلات المركبة والمعقدة تأتي ضمن السياق المنطقي المتشابك في حلقة رئيسية وأساسية، تصاغ في المآل النهائي بإجابة موحدة( مركبة) تستند على قراءة للماضي والحاضر والمستقبل، للخلوص لحقيقة ونتيجة مفادها الأساسي أن ثورات الشعوب قد حققت كل أهدافها برغم إنها لم تصل لخط النهاية، ولم يلقِ النظام أو بقاياه الفوطة للاستسلام، ولكن الثورة الشعبية قد حققت أهدافها ألاّ وهي تحرر الشعوب العربية من حالة إنعدام الثقة والخوف، والتحدي والإصرار على تحقيق أهدافها ومطالبها، وهذا هو المؤشر الرئيسي والأكثر أستراتيجية، والهدف المركزي الذي طوى صفحة وفتح صفحة أخرى مفادها أن الشعوب لن تصمت مرة أخرى، ولن تستلم بعد الآن، ولن تستباح كرامتها بعد مرحلة محمد بوعزيزي، وهو الهدف الأهمز حيث أصبحت الأنظمة الرسمية العربية عامة تدرك أن هناك من يراقبها ويترقبها، ويراقب سلوكها، ويحاسبها في أي وقت، والحساب حتماً سيكون عسير وقاسِ، وهو ما تأكد وإتضح من التصريحات والخطوات العديدة والمتسارعة لمعظم زعماء العرب وأنظمتهم، التي ستبدأ بإعادة حساباتها، وهذه الإعادة ستستند حاضراً ومستقبلاً على إدراك أن الفعل تحت المجهر الشعبي، أي أن عملية الإصلاح والمتوقع أن تتم ببطء تأتي بادافع الخشية من حساب الجماهير، والخشية من تحركاتها وإنقلابها، وهو ما يعتبر إجابة منطقية على الأسئلة السابقة دون الحاجة لتفصيل الإجابات بعملية تحليل لكل جزيئيات الحالة، فالثورة التونسية بوجه نظري حققت كل أهدافها الجوهرية والأساسية، أما الأهداف الشكلية لم تتحقق بعد، ولكن ستأتي تباعاً ضمن عملية انتقال تتم بمراحل متسلسلة يكون للشعب التونسي القول الفصل وهو ما ينطبق على الحالة المصرية أيضاً مع اختلافات شكلية بسيطة، فرضته الأوضاع المصرية والمكانة المصرية، وثقل مصر الذي تطرقنا إليه، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري في كلماته المقتضبة للشعب المصري وإتبعها بالعديد من الخطوات الإجرائية المؤقتة التي ستؤدي لتغيرات جوهرية وأساسية في بنية النظام السياسي المصري، لأن الرئيس المصري ليس زين العابدين بن على، ومصر ليس تونس، وهناك فروقات شاسعة بين البلدين والنظامين من حيث الدور الإقليمي والدولي، ومن حيث الموقع الجغرافي ومن حيث الأهمية السياسية الاستراتيجية.
كما أن متغيرات عديدة ستشهدها المنطقة العربية على صعيد الأنظمة الرسمية، هذه المتغيرات إن لم تحدث بشكل دراماتيكي سريع، فإنها ستتم بشكل تدريجي تسلسلي بطء، ولكن لن تبق الأحوال عما هو عليه حالياً سواء على صعيد السياسات الداخلية والأساسية، أو على الأصعدة التنموية الإجتماعية، والإصلاح الشامل على كافة المستويات، وربما يؤكد ذلك بدء هذه المتغيرات في الأردن واليمن وما ظهر منها حتى راهن اللحظة مثل إعادة النظر في السياسات الوظيفية، والأجور، وغلاء الأسعار، وهي مقدمات لتغييرات جذرية قادمة، وكذلك ما صرح به الرئيس السوري أمس بشار الأسد بإمكانية إجراء إصلاحات في سوريا.
إذن فالمشهد الحالي عربياً ليس مشهد ضبابي أو معقد بل إنه مشهد واضح المعالم، محدد الخطوط والتنبؤات والأهداف، وهو سطر السطر الأول منه في تونس ولكن باقي الأسطر تأتي تباعاً من الشعب المصري الذي أرسل بعشرات الرسائل للمستوى الرسمي العربي، وللرأي العام العالمي والدولي، وللسياسات الاقليمية في المنطقة.
وأمام هذا الوعي المبهر للشباب العربي فإن ذلك يعتبر ضمانة وركيزة مطمنة بأن هذا الوعي لن يسمح لأي قوة كانت أن تلتف على طموحاته، وأهدافه، ومطالبة، فمن قاد ثورة بدون رأس ورمز قيادي بهذه القدرة على التنظيم، وهذا الوعي اللافت والمفاجئ، قادر على إفشال كل المؤامرات ومحاولات الإلتفاف على ثورتهم الشعبية التي جشدت ورسخت الحرية الفعلية لدى كل الشعوب العربية، وخلقت لديها حالة من التثوير المشتعل والقابل للانفجار في أي لحظة وفي أي بقعةفي المنطقة، كما خلقت جدار وصمام أمان لمستقبل المنطقة، لإدراك من يخططوا السياسات الدولية والإقليمية اليوم أن المنطقة العربية لم تعد تلك المنطقة التي تحكمها أنظمة الاستبداد، وشعوب متخلفة لا تعي مصالحها، بل يدركون الأن أن هذه المنطقة أصبح لديها وعي وإدراك وشباب قادر على الدفاع والنهوض بمستقبله، ما أدخلهم بحالة إرباك شديد في إعادة صياغة سياساتهم ومخططاتهم، فما تم بناءه سابقاً لم يعد يجدِ ويتطلب إعادة النظر به، بما يتوافق والمتغيرات الطارئة في مفاهيم الوعي الشعبي العربي، وبذلك فهم يترقبون وينتظرون.
خلاصة الأمر لا خوف على ثورة الشعوب العربية، فقد وصلت هذه الثورة قعر البئر وإرتوت من مياهة، وسكلت طريق معبد باتجاه واحد، اتجاه نحو الأمام والمستقبل لا عودة به وعنه، معبد بتحرر الشعوب من عقدة الخوف والخضوع، ومن قيود اليأس والإحباط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما