الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الحقيقة الضائعة والتدليس في وثائق -الجزيرة- وويكيليكس!

ماجد الشيخ

2011 / 2 / 1
القضية الفلسطينية


بين الحقيقة الضائعة والتدليس
في تسريبات "الجزيرة" وويكيليكس!
لم يكن ينقص الساحة الفلسطينية المنقسمة أصلا وفصلا، والتي تشهد أوضاعها القيادية وضعا مفككا ومهلهلا، في ظل جمود عملية المفاوضات، بل توقفها كليا؛ سوى هذا الحجر الكبير الذي دحرجته قناة الجزيرة، وعلى عجل، بدءا من عشية الثالث والعشرين من كانون الثاني (يناير) الماضي، على شكل تسريبات أرادتها مشابهة لتسريبات ويكيليكس – مع الفارق الكبير – حول وثائق المفاوضات والعلاقات التنسيقية والأمنية بين السلطة الفلسطينية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ العام 2005. وإن كان ما كشفته، لم يكن جميعه مستورا، فمعظم ما بثته القناة وأعلنت عنه، كان معلوما؛ إما كمعلومات أو بالاستنتاج أو بالحدس، وبالتالي فإن الهدف من العملية برمتها لم يكن ليتعدى الإثارة، وصب الماء في طاحون القوى المعادية للمشروع الوطني الفلسطيني، والحركة الوطنية بطابعها الذي حافظت وتحافظ عليه منظمة التحرير الفلسطينية وقواها المؤتلفة في إطارها الوطني الواسع، رغم كل ما يقال من ملاحظات في شأنها.

بإيجاز.. واختزالا للموضوع منذ البداية وحتى النهاية، هدف القائمون على "الكشف المفضوح" الذي لم يبق مستورا، إلى خلط الأوراق في وقت حرج من أوقات الوضع العربي المأزوم، على وقع تفجّر تناقضات المجتمعات والأنظمة العربية، وبدء انهيار أحجار دومينو الأنظمة الديكتاتورية والاستبداد، انطلاقا من تونس وانتشارا إلى عدد من العواصم العربية، وفي السياق؛ لم لا تكون السلطة الفلسطينية واحدة من الأهداف المراد الإطاحة بها كذلك، وسط تلك "الفوضى الخلاقة"! المنتشرة في أوصال المنطقة وجماهيرها الساعية إلى التغيير؟.

هذا هو بالتحديد ما سعت إليه "كشوف التسريبات"؛ خصما من رصيد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وزيادة في رصيد الحركات الإسلاموية، وحماس تحديدا، ومشروعها المناهض والمناقض للمشروع الوطني الفلسطيني بآفاقه الائتلافية، العاملة على تخليق وطنية فلسطينية صلبة، تواجه نفي المشروع الصهيوني لها كنقيض تاريخي، قامت وتقوم "إسرائيل" ككيان استعماري استيطاني إحلالي على أنقاض فلسطين كوطن تاريخي، ليس "وقفا" ولن يكون؛ على فئة أو طائفة أو أي مكون من مكونات الشعب الفلسطيني، وإن يكن أغلبيته، حيث أن المشروع الإسلاموي في الوضع الفلسطيني، لم يكن ليرقى إلى مستوى التحدي الوطني، طالما هو يسعى إلى فرض غلبته وهيمنته بأساليب مراوغة، كيدية، وفاضحة في عدائها للتاريخ الإنساني بجوانبه الوطنية و/أو القومية، وانحيازها لغيبيات تاريخها الموهوم، وذلك في التقاء موضوعي بتاريخ موهوم ومزعوم، تتبنّاه الحركة الصهيونية وأعتى رجعيي ومتخلفي أقسامها المتديّنة.

وبغض النظر عمّا جاء في هذه الوثيقة أو تلك، فلم يكن هناك من جديد فاقع يستأهل الإدانة والتعرية، في ما أوردته "الجزيرة" من وثائق عمل بعضهم على إبرازها إخراجا لها من سياقها، أو عمل على تحوير خرائطها وتزوير وقائعها، فإن الهدف من إيراد كل ذلك كان يقبع في مكان آخر، المكان الذي تسلط عليه الأضواء الآن، كونه منبع البؤس، وسبب كل الرزايا التي تعيشها "جماهير الشعب والأمة"، في وقت لم تستطع السلطة أن تنال "رضا الشراكة" مع الإسرائيليين على طاولة المفاوضات، رغم ما قيل ويقال عن تقديمها من تنازلات على الأرض في القدس والأمن واللاجئين والاستيطان وتبادل الأراضي، فماذا كانت النتيجة؟

النتيجة أن المفاوضات توقفت في السابق، وتتوقف الآن جرّاء عدم استعداد ائتلاف اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتانياهو، مكافأة أو تقديم أي شئ لمصلحة السلطة؛ لا وقف أو تجميد الاستيطان، ولا تقديم تنازلات وإن شكلية، و"بيعها" سواء لإدارة أوباما التي أفشلت حكومة نتانياهو إدارتها لعملية التفاوض، أو للسلطة الفلسطينية الأحوج دائما لتحقيق حد أدنى من "إنجازات" تتجاوز اتفاقيات أوسلو، في حين تسعى حكومة اليمين المتطرف للتخلي عن تلك الاتفاقيات وتأبيد وضع الاحتلال، في ما يفترض أنها أراض تابعة للدولة الفلسطينية العتيدة، المراد تحويلها الآن إلى كانتونات بلدية منعزلة.

صحيح أن المسار التفاوضي العبثي قد وصل إلى نهايات محتومة، ولكن المسار النضالي الجماهيري يحتّم العودة إلى أشكال نضالية أكثر فاعلية وتأثيرا، على وجود الاحتلال فوق تراب الوطن الفلسطيني، لتدفيعه ثمنا باهظا لوجوده الاحتلالي، ولإجباره على الرحيل، وتلك مسؤولية وضع وطني فلسطيني يتمتع بقيادة وطنية تاريخية أكثر تماسكا على أهداف المشروع الوطني، لم تكن قيادات أوسلو بشقيها (المفاوض والمناكف) ما بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات، قادرة على رعاية تلك الأهداف والكفاح الجاد من أجلها على أسس برنامجية، فعلى جانبي الانقسام الوطني تكرست سلطة أوسلو وكرّست معها مصالح سلطوية/طبقية، أضحت تعاند إمكانية العودة إلى آفاق الكفاح الشعبي والانتفاضي المدني والمسلح، ليس هذا في الضفة الغربية وحدها، كذلك انطلاقا من قطاع غزة، حيث السلطة الإسلاموية الحمساوية "الهاربة" من الوحدة الوطنية، شكلت هي الأخرى مصالحها السلطوية/الطبقية منذ العام 2005، التزاما منها بمنطق أوسلو ذاته الذي زعمت وتزعم أنها ضده، وذلك في إطار عدائها للنظام السياسي الفلسطيني، حيث أضحت وبقدرة قادر منطق الغلبة والهيمنة السلطوية؛ جزءا منه.

وهنا لنفترض أن هدف "الجزيرة" ومن وراءها، نجح من خلال الإثارة والتسريبات التدليسية في الإطاحة بالسلطة وبصورتها ومن ورائها منظمة التحرير، فماذا يتبقى من المشروع الوطني الفلسطيني، وهو المشروع النقيض والبديل للمشروع الرجعي الصهيوني؟ حينها لا يبقى في الميدان سوى "حديدان" المشروع الإسلاموي، الموصوم بالإرهاب لدى دول الغرب ومؤيديها. وحينها كذلك لا يعود هناك من ضرورة للتعامل مع مشروع وطني فلسطيني إفتراضي، فيسهل تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، في حين يكون "الإخوان" الحمساويون قد فازوا بإمارتهم الاسلاموية، في حال "سمح" لهم أمراء الحركات السلفية القاعديين، بأن يهنأوا بالبقاء زعماء لـ "إمارة غزة" حتى وهي محط أنظار ومطمع الإطاحة بها اليوم وغدا، لمصلحة أطراف أكثر تطرفا وإرهابية وعداء لكل الوطنيات والمجتمعات والشعوب التي لا تغرد في سربهم، أو يغمرها الشوق إلى فسطاطهم!

هي خطوة غبيّة من جانب من أراد خدمة المشروع الإسلاموي، فإذ به يقع في براثن خدمة المشروع الصهيوني، وهو ما يني يؤكد على نفي الوطنية الفلسطينية، لتأكيد شرعية ومشروعية إسرائيل كدولة يهودية على أنقاض المشروع الوطني والأرض الفلسطينية. رغم كل ذلك، فهذا لا يعني أن السلطة مبرأة من الأخطاء، بل والخطايا التي ارتكبتها وترتكبها بحق قضية شعبها وأبناء شعبها، وآليات اجتماعهم في إطار وطني جامع، مثلته وتمثله منظمة التحرير، في ظل حاجتها الراهنة للاصلاح والتطوير، وتغيير ما تكلس فيها ولم يعد يشكل إلاّ العبء الضار، وسط الأضرار وحالة الفساد والإفساد المتفشية في بناها المتحجرة.

صحيح أن الوضع الوطني الفلسطيني برمته أكثر احتياجا اليوم إلى انتفاضة داخلية، ولكن في موازاة انتفاضة شعبية وجماهيرية، يواجه فيها الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الخارج كل انسدادات العملية التفاوضية، واستعصاء الانقسام الجغرافي والسياسي، لاستعادة وحدة قوى المشروع الوطني الفلسطيني، واستئناف كفاحها المشروع؛ الانتفاضي والكفاحي الشعبي والمسلح، وكامل أشكال الكفاح التي تفترضها عملية مواجهة الاحتلال، في استهداف لإزالته لا لمواصلة التعايش معه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية


.. فاغنر تتكاثر في ليبيا وتربط بين مناطق انتشارها من السودان إل




.. الاستئناف يؤكد سَجن الغنوشي 3 سنوات • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تتقدم في خاركيف وتكشف عن خطة لإنشاء -منطقة عازلة- |#غر




.. تصعيد غير مسبوق بين حزب الله وإسرائيل...أسلحة جديدة تدخل الم