الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش على الحدث المصري

قاسم السيد

2011 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


سخونة الأحداث الجارية في مصر اشاعت الدفء في المنطقة برمتها رغم شتائها البارد وربما ستكون هذه الأيام اياما تاريخية تهز حياة العرب برمتهم وليس المصريين وحدهم .
مصر ام الدنيا ... جملة يتداولها المصرييون كثيرا وهي في الواقع لها بعض المصداقية سابقا عندما كانت مصر رحما يغيض وينجب الأفذاذ رجالا ونساء الا ان مصر تقزمت قامتها وتراجع دورها كثيرا عندما اعتلى صهوة قيادتها في غفلة من الزمن رجالا لايليقون بحاضر مصر ولابتاريخها عندما اختطفوها واخرجوا عربتها من على سكة التاريخ .
الهبة الشعبية العفوية الرائعة المندلعة في الشارع المصري هذه الأيام تعيد لمصر بهائها والقاها الذي افتقدته وجعلت الدم يجري في الحياة العربية برمتها وجعلت من الغد كلمة لها معناها بعد ان فقدت دلالتها في التداول اليومي .
الشارع المصري الان يصنع ثورته فلا فضل لقائد ملهم او قائد ضرورة عليه بعد الان بل ان هذا الشارع هو صاحب الفضل على كل من سيعتلي سدة السلطة بعد اليوم .
ربما كان السبق للشعب التونسي على الشعب المصري في النزول للشارع وصنع التغيير ولربما فعل الحدث التونسي فعلته في الضمير الجمعي للمصريين كنوع من المحاكاة او التأثر الا ان وضع مصر في المنطقة هو غير تونس .
ماجرى في تونس يستحق الأشادة والأعجاب وله بالتأكيد اثره في الحياة السياسية على صعيد المنطقة لحجم المشتركات التي تجمعها لكن مايجري في مصر يؤسس لنهج سياسي للمنطقة برمتها بسبب ثقل مصر في المنطقة .
الأسلوب الحداثي الذي ابتدعته الجماهير للتغيير في كل من تونس مصر أسس لمرحلة جديدة تجاوزت به الأساليب التقلييدية للتغيير والتي كانت في مجملها ثورات مسلحة يقوم بها العسكر وهي نافذة التغيير الوحيدة المتعارف عليها في المنطقة التي اصبحت في خبر كان بعد الان الا ان التخوف على مصادرة نتائج هذا الأسلوب والألتفاف عليه واردة جدا ليس لكونه حديث عهد في تاريخ النضال السياسي لشعوب المنطقة فقط وانما كون الجماهير في فعلها هذا قد تجاوزت فيه كل القوى السياسية المعارضة لهذه الأنظمة بما في ذلك قوى اليسار والذي ربما سيدفع ببعض قيادات هذه القوى التي تشعر بالتهميش للتعاون مع الشيطان لكي تحضى ببعض المكاسب التي ستفرزها هذه الأحداث .
المباغتة التي فاجأت الأنظمة العربية هي هو هذا النزول الجماهيري الجارف غير المسيس الخالي من أي برنامج سوى من شعار واحد وهو اسقاط النظام ورحيل رئيسه مما اسقط في يد الأجهزة القمعية لهذه الأنظمة وجعلها تتخبط في معالجاتها فلا قيادات سياسية ولاتنظيمات حزبية فمن تعتقل ومن تضرب وعلى من تشنع .
هناك ملاحظة حرية بأن تأخذ ماتستحقه من اهمية وهو دور الجيش في كل من مصر وتونس وموقفه المحايد في الصراع بين النظام والجماهير وهو أمر غير مسبوق رغم حمى اسباغ صيغ التقديس والتبجيل المبالغ بها والتي يتم اضفائها على هذه المؤسسة العسكرية في كلا الدولتين لكون الرئيسين زين العابدين بن علي وحسني مبارك هما ابناء هذه المؤسسة في هذين البلدين ويملكان من النفوذ والتأثير في هذه المؤسسة لكونهما قادة لها مما يجعل من الصعب ايجاد تفسير مقنع لموقفهما هذا .
لم يرفع المتظاهرون في كلا البلدين أي شعار معادي للولايات المتحدة او لأسرائيل لكون الدولتين تونس ومصر حليفتين لأمريكا وتربطهما بأسرائيل علاقة جيدة خصوصا مصر التي ترتبط مع اسرائيل بمعادة سلام ولها معها تمثيل دبلوماسي كامل ولم تربط أي من شعارات المنتفضين وبين ما اصاب اوضاعهم من بؤس وتراجع بسبب هذا التحالف ولاادري هل هو دراية ذكية من قيادات الأنتفاضة رغم عدم بروز أي اسماء لأشخاص او جهات لعدم ولوج هكذا مسلك لأستعداء قطب دولي مهم بحيث ان المراقب يستطيع ان يربط بين ذلك والموقف الأمريكي الذي يحاول في هذا الوقت على الأقل ان يبدو بعيدا كل البعد عن هذه الأحداث .
الموقف الأمريكي من الرئيس مبارك ليس حياديا وان كان ظاهريا يبدو كذلك بل هو بشكل واخر يتبنى خيار رحيل مبارك وان جاءت صياغة هذه الرغبة بلغة مهذبة الا ان الولايات المتحدة بنفس الوقت تحاول تحجيم الحركة الشعبية لكي لاتذهب بعيدا في سقف مطالبها برغم ان ليس لها تلك القدرة على التحكم في الحدث المصري وان كانت راغبة في بعض النتائج الذي سيفرزها هذا الحدث .
رغم المهارة التي تطرح بها الجماهير مطالبها خوفا من استفزاز الغرب صاحب السطوة في الأعلام والسياسة والأقتصاد لكن هذا الأعلام لم يكن مرحبا ذلك الترحيب بالأنتفاضة المصرية وقبلها التونسية ولم تكن تغطيته لهذين الحدثين بما يناسبهما من استحقاق واهمية ولم يحظيا بنفس الأهتمام الذي حظيت به الأنتفاضة الجورجية او الأوكرانية لكون هاتين الأنتفاضتين جائتا بحليفين للغرب بينما الأنتفاضة التونسية والمصرية قد اطاحتا بحليفين للغرب سرعان مالفظهما الغرب وتنكر لهما دون أي عرفان بالجميل.
وأخيرا بدأ عصر الزعامات العربية بالأفول وبدأ عصر الشعوب العربية بالشروق وبدأت تدخل العصر بعد أن تأخرت كثيرا وترددت طويلا في دخوله .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |




.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة


.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها




.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا