الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


30 عاما ينقصهم بعض شهور

مجدي مهني أمين

2011 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ياسيدي الرئيس
لقد شمل خطابكم الثاني اليوم 1 فبراير إقرارا فارقا للعديد من المطالب،
أهمهم كان تغيير المادتين 76، 77 !!
ده حلم ولا علم؟
في ثلاثة أيام تقرّ تغييرا لم تقره في 30 سنة ؟
في ثلاثة أيام ؟
هل كان الأمر بهذه السهولة؟ طب ما أنت عارف إن ده مطلب الناس من زمان، ليه ما غيرتش من زمان؟ طب ما أنت لك أصدقاء في كل دول العالم الحر، يعني عارف يعني إيه نظام ديمقراطي حر، ويعني إيه نظام ديكتاتوري، ليه اخترت تكمل في هذا النظام الديكتاتوري؟ ليه؟
أنا شفت لقاء ليك في أحد القنوات الأمريكية، والمذيع سألك السبب في كل السنين الطويلة دي في الحكم ، سألك إيه المبرر ، وانت قعدت تحكي له عن الكهربا والتليفونات والمجاري ، المذيع بيسألك عن نظام الحكم ، وانت كنت بتحكي له عن الخدمات اللي بتقوم بيها ، شئ غريب.
شكلنا كان وحش واحنا بنتحِكِم بطريقة ديكتاتورية، شكلنا كان كأننا مش موجودين ، كأن ملناش قيمة ، مش بنختار رئيسنا ، مجرد رعية مش مواطنين ، لا قيمة لنا على الإطلاق ، لما نقابل ناس في العالم الحر نتحاشى (إحنا وهم) الحديث عن نظام الحكم، الحديث محرج ، وهم ناس متحضرين ما بيحبوش يحرجونا ، لأننا بنتحكم بطريقة فيها قهر ومش بنتكلم ومش بنعمل حاجة ، يعني إحنا جبنا، ليه قابلين هذا الحكم الديكتاتوري من غير ما نتكلم ، إذن احنا إما جبنا أو جهلة ، طب إحنا مش جهلة نبقى جبنا، جبنا.
وطبعا أمثلة كفاح الشعوب من أجل الحرية كتيرة ، والشهداء في كل العالم من أجل الحرية كتير ، وامثلة البطولات اللي عند الشعوب كتيرة . إحنا لأ.
كانت وصمة في جبينا إننا قابلين إهانات العسكر المروعة للناس يوميا وقابلين هذا الحكم الديكتاتوري من غير ما نتكلم ، وهنا نصرخ ونقول: "لأ بنتكلم،" واحنا فعلا اخترعنا لغة رمزية للتعبير عن رغبتنا في حكم ديمقراطي ، أتقنا يا سيدي هذه اللغة غير المباشرة ، يوسف شاهين، وصلاح أبو سيف (وغيرهم كتير) ملوا الدنيا بأفلام رمزية ، والرقيب كان بيوافق عليها ،غالبا لأنه كان ما بيفهمش الإيحاءات والإشارات النقدية.
لأ ، من حيث الكلام اتكلمنا، اتكلمنا كمان بوضوح مرات كتير ، ولا حد يسمع ، يمكن كلامنا مش واضح ، نوضح أكتر ، ساعدتنا بعض القنوات ـ الفيس بوك ـ الانترنت – المدونات ، ولا فيه فايده وكملنا نطالب بالتغيير ، نطالب بنظام ديمقراطي.
وزادت المطالبة بالديمقراطية، لأن في النظام الديكتاتوري اللي أنت تمثله زاد الفساد والتزوير والرشاوي وانخفاض مستوى التعليم والصحة والثقافة والصناعة والبحث العلمي وزاد التعصب والإرهاب ـ لأن في تدني المناخ العام يمكن للدين أن يظهر في شكل متدني أيضا ، يظهر كتعبير عن ضيق الأفق والتعصب والكراهية التي تصل إلى حد القتل ، بدلا من أن يكون دعوة للفضيلة والتجرد والمحبة بين الناس.
ولم تلقَ مطالبات الديمقراطية أي تجاوب ، ولكن لم نتقدم خطوة نحو المواجهة ، لم نتقدم خطوة للكفاح من أجل الحرية ، كان ينتابنا شعور كبير بالذنب ، كلما نظرنا ووجدنا اننا نسلم بلادنا لأولادنا بلا مستقبل مشرق، نسلمها لهم مشوهة مهانة مباعة مستباحة، نسلمهم لحكومات تتجاهل وجودهم وحقهم في الحياة الكريمة ، وحقهم في المواطنة والمشاركة وصناعة القرار، نقدم لهم بلد متخلف وحُكم متخلف لن يشركهم في تطويرها ، وهم يصدمون كل يوم بما يهدم لديهم أية منظومة للقيم ، كنا ندفن رأسنا كل يوم في الرمال.
وجاء يوم 25 يناير، وخرج الشباب ، لقد اجتازوا الفجوة وحاجز الخوف ، وصنعوا ثورة ، وكانت الشرطة سلاحكم الأمنى ووكلاء نظامكم الديكتاتوري، كما كانت في كل مرة يعبر فيها الناس عن غضب، كانت متوحشة ، إلتهمت في ساعات 300 شهيدا أعزل ومئات الجرحى ، وروعت الآلاف ، ولم يتراجع هذا الجيل بل خاض بحر الدماء غير عابئ ، هذا الجيل المبارك الذي أجبرك على الاعتراف بحقه المشروع في وطن يتباهى به امام العالم ، جيل يريد تغيير النظام الديكتاتوري الذي كنت تحوله من وراء ظهورنا إلى نظام للوراثة لو كان ذلك ممكنا ، أو أن تدخل من خلاله في جولة انتخابات سادسة رغم تقدمك في العمر.
والغريب أنك حتى شهر يناير 2011 (والترشيحات مفروض في يونيو أو يوليو 2011) لم تكن قد قررت أي الكعكتين تفضل : الوراثة أم الاستمرار في الحكم ، كأن الأمر متروك لك وحدك ، أو بالحري لك ولأسرتك دون الشعب، ألا ترى أن هذا مهينا لنا وأنت واحد منا أن تنفرد وحدك بقرار من سيحكم؟ أنت وحدك ؟
بالطبع أنت وحدك، فلا توجد أحزاب يمكنها منافستك ، ولا شعب يمكنه مراجعتك ، وكأنك تحيا في صحراء ، ونحن جميعا ليس أكثر من مجرد أفواه تأكل وتصدر أصواتا ، طبعا أفواه تأكل وتصدر أصواتا ، إذ يصعب لشعب هذه ظروفه أن ينتج ، أو أن يستفيد بشكل عادل من ثروات بلاده ، لذا فهو شعب عاجز ، يعيش على الدعم في دولة تعيش على المعونات، نحن يا سيدي نحلم بوطن لا يحتاج للدعم ولا المعونات، وطن منتج يستثمر كل طاقاته، ويتخطى بإنتاجه حاجز الفقر.
خرج الشباب يوم 25 يناير، واجتازوا الفجوة ، وكسروا حاجز الخوف ، وصنعوا ثورة، وقدمت لهم في ثلاثة أيام ما لم تقدمه لجيل بأكمله، لو أن التغيير الذي قدمته اليوم كان من اختيارك الحر بتحويل البلاد للمسار الديمقراطي لكان عليك أن تبقى في الحكم حتى موعد انتخابات الرئاسة القادم ساهرا على تحول البلاد لهذا المسار الديقراطي ، ولكنها اختيارات تمت بهذا الدفع الثوري للشباب، فنحن لا نثق أنك فعلا الحارس المناسب لهذه الديمقراطية ، بالعكس أنت رمز النظام الديكتاتوري ولو بقيت في الحكم أثناء هذا التحول ستؤثر سلبا على صناعة هذا التحول، فتقبل ياسيدي إرادة الشعب ، أحقن الدماء ، ساعدنا أن نتجاوز أو نقلل من الفوضى والمعاناة التي يمكننا جميعا أن نتجنبها ، وأتركنا نتفرغ لبناء المرحلة الديقراطية القادمة مع من يحفظون للبلاد شرعيتها من بعدك ممثلا ذلك في تفويض نائب الرئيس ، أو رئيس المحكمة الدستورية ، حيث أن هناك العديد من الطعون في مجلس الشعب قد تعطل من دستوريه إسناد المسئولية لرئيس مجلس الشعب.
إن دم الشهداء يمنعنا من التراجع ، والشباب الصامد في ميدان التحرير يمنع القادة من التفاوض معك ، لا يمكن للقادة أن يلتفوا حول الشباب ولا أن يبيعوا ثورتهم كي يبدأوا في التفاوض معك، لقد رغبت أن أشرح لك الأمر على طريقتي حتى لا تقل أن هناك أجندة خاصة لأحد، فلا توجد إلا أجندة واحدة للشباب أن ترحل، فعليك ياسيدي أن ترحل، وعلى قرارك يتوقف استقرار البلاد ، فيكفي أن حكمت 30 عاما ينقصهم بعض شهور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة