الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيير في مسيرة الشعب المصري

عدنان يوسف رجيب

2011 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


أننا ننظر بإعتزاز وفخر لإنتفاضة الشعب المصري الحالية، التي يمكن أن تؤرخ بدايتها يوم 25 فبراير 2011، تلك التي تمثلها حركة شباب مصر وهي تنتمي لهم مباشرة ولا تنتمي إلى جهة حزبية معينة، ولا تستطيع أي حركة سياسية الإدعاء بقيادة أو أبوية هذه الإنتفاضة الرائعة.
أنها الحركة من أجل الحرية والكرامة والمساواة وحق العمل وفك غول الجوع والعيش الكريم ورفع المستوى الثقافي. هذه هي الأفكار التي تنادي بها الإنتفاضة، وهذه هي المسيرة التي يحمل المصريون شعلة أفكارها. وإن المطالبة بإسقاط حسني مبارك هي خطوة البداية لهذه المسيرة، كون مبارك ونظامه وقف ويقف حائلا أمام آمال ومطالب الشعب.

الآن المسيرة الجديدة هذه تجري عبر تحليل جوهري عميق وتدقيق للأخطاء والخطايا والسوء والإساءات التي مرت بها مصر عبر حوالي ستين سنة – منذ إنقلاب سنة 1952 لحد الآن حكم مصر فيها ثلاثة حكام فقط– حينما جاء العسكر للسلطة ووضعوا أنفسهم الحكماء في الحكم والواجهة والقيادة الوحيدة في البلاد. وكان الشعب المصري قد أيد الحركة الإنقلابية وقتها تصورا إنها ستجلب لهم السعادة والرخاء من سوء حكم الملك فاروق. لكن حوالي ستين سنة أثبتت إن أهداف الإنقلابيين لم يجنى أي ثمار وبقي الشعب المصري يعاني الفقر الحقيقي والتخلف الثقافي ومعاناة حق العمل والفساد الإداري وهجوم قطط الرأسماليين السمان وسلب الثروات من ناحية، ومن ناحية أخرى ظل المصريون يعانون من كتم الأنفاس وتضييق الحريات العامة وتصدير الرأي، فلا رأي إلا للسلطة الحاكمة، بل حتى فقط لرأس السلطة الواحد الأحد، وعلى الشعب أن يذعن فقط وبغير ذلك فسجون أبو زعبل وأمثاله التي أنشأها عبد الناصر نفسه، مفتوحة الأبواب للأحرار وتم ذلك بالفعل في عهده وعهود من جاء بعده.

والآن، حينما نواجه بإبتهاج شعارات إنتفاضة الشعب لمسيرته القادمة بقيادة شباب مصر ونسمع توجهاتهم وتحليلاتهم الصائبة تتملكنا السعادة والتعاطف من العقل قبل القلب مع هذه التوجهات. قالها محمد البرادعي، يمكن إعتباره ممثلا عن تجمعات المعارضة الحالية، تعبيرا عن شعارات الإنتفاضة ، إن مسيرة 59 عاما لم تهدف لخدمة مصر والآن نريد مسيرة لمصر مختلفة عن السابق. شعارات المسيرة الجديدة تطلق الحريات وحق الرأي وحق العمل والمشاركة في صنع القرار وحق العيش الكريم وإشباع الجياع. إن هذا هو توجه حكيم ورؤية واضحة للتوجهات الصائبة لمسيرة الشعب المصري القادمة.

هنا هو التعبير عن نبض مشاعر الشعب المصري عبر ستة عقود من الزمن. الفرد المصري والجماعات تريدون أن يعبروا عن إرادتهم وأن يسمع صوتهم لا أن يصادر، يريدون أن تحفظ كرامتهم كأفراد وجماعات، يريدون أن يشاركوا في صنع القرار لا أن يفرض عليهم. هنا اليوم في أرض الإنتفاضة يصرح العالم المصري الباز: كانوا يكففون أفواهنا بالقول لا صوت يعلو على صوت المعركة، فكان عبد الناصر يريد أن يسكت الجميع وأن يكون قوله فوق كل قول.
حسني مبارك هو إمتداد سلطوي لحكم عبد الناصر. فحكم مبارك حوالي ثلاثين سنة، وزاد في عهده العوز والفقر وأصبحت المقابر مأوى لعوائل مصرية، وكان له ولأفراد عائلته ومريديه معظم ثروة مصر، وتدنت الثقافة لمستويات كبيرة ، وأصبحت الحرية والديمقراطية مصادرة بشكل كامل. مبارك ليس لديه أي متسع ليسمع أي كان من المصريين حتى من الذين أحاط نفسه بهم، انه يلعب بهم كأحجار شطرنح. في وقت إنه يصغي بحرص وإنتباه للآخرين في أمريكا وأسرائيل وينفذ الأوامر بإذعان. يعطي لأسرائيل غاز مصر باسعار زهيدة وشعب مصر يتضور جوعا، وأمريكا هي الآمرة من خلف الستار.
.
إننا نرى علماء مصر مثل زويل و البرادعي والباز يشاركون المنتفضين الآن ويؤكدون إنهم كانوا من جيل بداية الخمسينات، فكان هناك إجهاض للحريات ومصادرة للرأي العام وتجويع الشعب وبطالة الكبيرة وفساد إداري مستشري وتكوين القطط السمان، لذا فهم يساندون الشباب والشعب المصري إنتفاضته هذه لأجل تغيير إتجاه المسيرة المصرية السابقة برمتها.

وكما شخص الشعب المصري خطل وسوء حكامه ، كان الشعب العراقي وقواه الوطنية قد تلمسوا ذلك السوء بصواب كذلك، منذ نهاية الخمسينات من القرن الماضي. بدأ عبد الناصر تصعيده العداء للشعب العراقي والحكم الوطني فيه منذ بداية سنة 1959 لمحاولته التسلط على العراق كما تسلط على سوريا أثناء الوحدة. لتنفيذ أهدافه السيئة المارقة في العراق جند عبد الناصر وسلطته سقط المتاع من شرائح سيئة في المجتمع، قومانيين وبعثيين وقتلة وسيؤا الخلق والمتضررين من ثورة14 تموز 1958 الوطنية وأمثالهم. وسلح نظام عبد الناصر مؤيدوه بالمال والسلاح والشعارات القومانية الجوفاء الفارغة من أي معنى واعي سوى لإثارة العواطف الحيوانية المتدنية. وسبب بذلك عبد الناصرونظامه المآسي الكبيرة للعراقيين. تم إغتيال شخصيات عراقية وطنية كثيرة وتشويه سافل كاذب ضد أحزاب و شخصيات سياسية وطنية عراقية, وإضطرابات شديدة في الوضع الإجتماعي العراقي. وإمتدت إساءات وتشويهات عبد الناصر ونظامه الى حد التوجه للقيام بالتآمر على العراق والحكم الوطني فيه لمرات عديدة. وجند في إحداها سنة 1959عبد الحميد السراج، الحاكم الشرس في سوريا، أثناء الوحدة، للمتابعة وتزويد المتآمرين بالأسلحة والمال. وإستمر نظام ناصر إساءاته للعراق مما جعل الشعب العراقي يكن له الكراهية والإحتقار الشديدين، وكان العراقيون يساندون ويتعاطفون مع المصريين في مآسيهم من حكم عبد الناصر.

سلوك عبد الناصر وخلفائه السادات وحسني مبارك السيئة أضرت بالشعب المصري وأضرت بشعوب أخرى، إضافة للعب العراقي، كانت هناك أضرار على الشعب اللبناني و الفلسطيني والسوري واليميني، وكان يرافق ذلك التشويش الإعلامي والمغالطات والغوغائية في الشعارات. وقد إستعمل الرؤساء الثلاثة كل ما في ذخيرتهم من حرف الإنتباه للمشاكل الحقيقية لمعاناة الشعب المصري وللشعوب العربية، في الجوع والثقافة والحرية والكرامة وغيرها. فكم كان نصرا للإمبريالية وأمريكا خاصة أن يتم تجهيل الشعوب العربية وإجهاض الحرية والديمقراطية فيها، حين يتسلط حكام مصر لمدة ستين سنة مؤثرين بسوء على شعبهم والشعوب الأخرى، في وقت ظل الشعب المصري على معاناته في الفقر وفقدان الحرية والكرامة وإنتشار الفساد والكسل الأخلاقي، والإحباط الأخلاقي والإجتماعي.

كم لنا أن نقف وقفة إجلال وإحترام لشعارات إنتفاضة الشعب المصري الرائعة الحالية في مسيرته الجديدة. إن الملايين المصرية المنكوبة بالبطالة والفقر ومصادرة الرأي ومصادرة الحرية هي الآن جذوة الإنتفاضة والمتعاطفة بوعي معها. الملايين من الشعب المصري تجتاح مدن مصر وتعبر عن رأيها بحرية وبكرامة وبقوة وتطالب بمغادرة مبارك السلطة. لكنه يخرج إلى الناس يوم الثلاثاء 1 فبراير ليؤكد أنه سيبقى في السلطة لحين الإنتخابات العامة القادمة، وليهدد الجميع بإنزال البوليس مرة أخرى للشارع ليوغلوا في القتل والإرهاب. إنه يتهم المنتفضين بأنهم هم الذين روعوا الأهالي وسلبوا الأموال العامة والخاصة، وإن هناك من قفز على الأحداث وركب الموجة من الأحزاب، وغيرها من التشويهات والأكاذيب. هذه غطرسة وعنجهية غريبة، مع إنها فارغة وتحتاج للرأفة بـ مبارك وإنهياره الداخلي، في وقت يتطلب الأمر أن يلجم ويوقف عند حده ولا أن يتجاوز على الشعب المصري البطل والجمعية الوطنية للتغيير. ومن غريب السخريات هي مخادعات مبارك في قوله إنه لم يكن من طلاب السلطة؟ّّ!! وكأنه أعمى وفاقد لوعيه عن ثلاثين سنة يحكم فيها. هكذا هم الحكام الذين يتحلون بالدكتاتورية والخواء الداخلي مستعدون أن يكذبوا علنا بدون وازع من أي نوع.

إن ثمة، الآن بعد خطاب مبارك، مخاطر جدية على إنتفاضة الشعب المصري ومسيرته المظفرة من إنتقام حسني مبارك ونظامه وأزلامه (البلطجية) المسلحين الذين يرسلهم ضد المتظاهرين المسالمين. الأخبار تبين إن حسني مبارك أمر بإخراج القتلة والسراق وأصحاب السوابق من السجون وتسليحهم للهجوم على وطنيي وأحرار مصر في ميدان التحرير في القاهرة وفي ميادين الإسكندرية والسويس ومدن كثيرة أخرى حيث يتجمع أحرار مصر. أنه يريدها مجازر قبل رحيله عن السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه