الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة خالد سعيد

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2011 / 2 / 2
الادب والفن


(ليس المهم أن يموت أحدنا .. المهم أن تستمروا...)
غسان كنفاني


قبل أن يصلح "جون" ضوء المطبخ، التفت إليّ و إلى زوجي و سألنا:
- هل أنتم مصريين؟
و عندما قلنا له لا..تابع:
- طوبى للمصريين.. قلبي معهم. لا مكان في هذه الحياة للضعفاء.. الفقراء دوماً لا لسان لهم سوى حالهم.
و عندما سألته ماذا تعرف عن مصر، أجاب ضاحكاً:
- إنها بلد حكمه الفرعون "رمسيس الثاني" أكثر مما حكمه"مبارك" –حكم رمسيس الثاني مصر لمدة سبعة و ستين عاماً- مما جعل "المبارك" يتمسك بكرسيه دافعاً بأبناء وطنه إلى الاقتتال، و كله ثقة بأنه سيحكم أكثر من الفرعون.

صمت قليلاً، و لمّا شاهدنا نستمع تابع:
-الفقراء هم من يقودون الثورات، ذلك لكي لا ينسى العالم معاناتهم.
نحن هنا إذا استمر الوضع هكذا- أقصد الأزمة الاقتصادية- سنفعل كما فعل المصريون.. فلن نقبل مطلقاً بمستقبل مليء بالديون لاطفالنا.

بدأ "جون" عمله، ومضيت أنا أراقب سترته الجلديّة و ثيابه الأنيقة، و أسأل نفسي:
- يعد "جون " نفسه فقيراً، فهل يعتقد يا ترى أن الوضع الاقتصادي في مصر كالوضع في أمريكا ؟
على جميع الأحوال فلم تعنيني مقارنة الوضع الاقتصادي، بقدر ما عنت لي طريقة عامل التمديدات الكهربائية ذاك في التعبير عن رأيه الصريح أمام أناس لا يعرفهم ، و بكل ثقة.. حرية التعبير حقٌ كالتنفس يا ربّي فلماذا يُصادر؟ لماذا يذهب المختلف وراء الشمس؟ لماذا يعامل البشر كالقطعان؟ لماذا تلفظ الطبقة المتوسطة أنفاسها الأخيرة؟ و الأهم من كل ذلك:
لماذا انعدم إحساس الإنسان بأخيه الإنسان؟

الحقيقة أن أخبار المنطقة العربية الحقيقية و غير الخاضعة للتزييف نُقلت برمتها من قبل التلفزيون المحليّ للولاية الأمريكية التي أقطنها، و نوّه المذيع الأسود المهيوب إلى أنه:
بإمكانكم الحصول على تفاصيل أكثر عن مصر و ثورتها عبر موقع قناة "الجزيرة الإنكليزية"، مما جعلني أحس للمرة الأولى في حياتي أنّ تلك البقعة العزيزة من الأرض تحتوي على إعلام حقيقي، حتى نكاد نسمي الثورة بثورة الجزيرة التي لعبت الدور الأبرز في صدق نقل الحدث.
**********

و يبقى للأخبار على (الفيسبوك) نكهة أصخب و طعم مفعم برائحة الغضب و الثورة و الاختلاف ..يا الله ما أروع رائحة الاختلاف!

عندما قررت فتح حساب على الفيسبوك للتواصل مع القرّاء الأعزاء، الأدباء، الشعراء، و المفكرين مساهمةً مني في أول ثورة في القرن الحالي (ثورة الفيسبوك)، لم أكن أعلم أنني سأكون شاهدة على الثورة المصريّة، و أنني سأسمع صوت الحرية، و سأرى بأم عيني غلاء ثمنها.
لم أعرف أنك قد تقيّم الشخص من خلال كلماته و مقتنياته( الفيسبوكبة)، و تتعرف عليه جيداً لدرجة أنه قد يصبح صديقك فعلاّ، و يصبح حتى رفاقه أصدقاء لك .. على مبدأ صديق صديقي.. صديقي.

كم أقفر حسابي على (الفيسبوك) عندما خلا من كثير من الأعزاء المصريين...

منذ عدة أشهر كان حسابي المذكور يضج بأسماء كثيرة لأشخاص عرفتهم عبر كلماتهم و نشاطاتهم، للون المصري ظرفه و خفة دمه التي تجعله يفرض نفسه كسلطان على التعليقات و المداخلات، لكن منذ بدأت ثورة المصريين –و حتى قبل أن يقطعوا عنهم الانترنت- .. بدأت مداخلاتهم بالتناقص و أحسست أن حسابي على الفيسبوك قد فقد روحاً مميزة، و مما زاد في حزني تخيلهم و هم يُعتقلون من قبل أبناء وطنهم، و رؤى غيبيّة لعيونهم الشابة و هي تثمل حزناً ليس لكونها قد سجنت، بل لأنها لن تستمر في رؤية الثورة.

أسماء حفرتها في ذاكرتي عرّفتني على "خالد سعيد" الشاب الذي منح الثورة المصرية أسباباً قوية للاستمرار، ذكرى "خالد سعيد" شهيد الطوارئ والذي أعتقد أنه يفخرالآن- أينما كان- بجيله، و شعبه كانت و ستظل أقوى من جميع أساليب القمع و القتل.

كم أحسست بالخيبة عندما أطلقوا على تلك الثورة الحيّة التاريخية لقب ثورة اللوتس، فمع أني أحب الزهرة و الإسم، لكنني اعتقد بأن الثورات - و إن كانت تتسبب في إعادة إحياء الأزهار- لا تسمى إلا بأسماء الأبطال أو الدول، فمن الجميل أن أربط اسم الثورة بمصر، و من الرائع أن أربط اسمها ب "خالد سعيد" الذي دفع شبابه ثمناً لكلمة حق، و من العشوائية بمكان تسميتها ثورة الوردة "كذا"...
**********

بحكم عملي كطبيبة جلديّة أسفت على "مبارك " الذي شلّت حقن البوتوكس ضميره قبلما تشل عضلات وجهه، وصبغ السواد قلبه قبلما يصبغ شعره.
و تذكرت قولاً لأحد أصدقائي المصريين :
-مبارك يبدو أصغر سناً في كل شيء إلا في صحوة الضمير.
وددت أن أبرر خوفه من مصير كمصير "بن علي" الرئيس التونس المقتلع، لكنني لم أستطع...
دماء الشباب التي لم تجف بعد جرحتني، و زملاء (الفيسبوك) الذين اختفوا فجأة بعد أن كانوا يملؤون أيامي بوعيهم و مطالعاتهم أجبروني أن أشاهد حقن "البوتوكس" التي ملأت وجه العجوز الذي هرّب أولاده و نسي أولاد مصر.
**********

طوبى لكم يا أبناء البهية، دمتم دوماً يداً واحدة لا تفرقكم الأديان و الطوائف، و لا تشتت جهودكم الكلمات المعسولة، و لا الخطابات التي مضى عليها ثلاثون عاماً.
تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثورة الوعي والفوضى الخلاقة
سرسبيندار السندي ( 2011 / 2 / 2 - 17:04 )
بداية تحياتي لك سيدتي ولكل المعلقين والقراء كل ألإحترام ... نعم أنا معك إن ألأمة العربية لاتفيق إلا لردات الفعل ... فلولا هديل مدافع بوش ألإبن وصواريخه الديمقراطية التي غزت العراق وأفغانستان لبقيت هذه ألأمة كما هى منذ ( 1400عام ) لاتفتخر إلا برموزها من الطغاة وأصحاب السيوف والظلام ... ففي عالم اليوم في كل دقيقة هناك إختراع لخير البشرية وللسير بها للأمام ... وأمة العرب لاتستطيع أن تنتج حاكما عادلا ولو في كل ثلاثين عام ... فكيف يقولون نحن خير أمة خرجت ظلمة إلى نور ألإسلام ... بينما الواقع المخزي يقول عكس ذالك بالتمام ... فلقد خرجت من نور لتدخل في ظلام منذ ألف 400عام .!؟
فلولا ردات فعل تلك المدافع لبقيت جماجمنا في سبات ورقاد لأن شعوبنا لم تحترف غير لغة القتل والتهديد والتخريب والإنتقام ... وليس لغة الحوار والتعقل سواء في الحرب أو السلام !؟
نعم فالعلة فينا وليس في الكفار من ألأقوام ... وسنبقى هكذا دون ثورة الوعي لأننا أمة تكفر العقل والفكر وليس الطغاة والظلام ... وكفانا تعليق أخطائنا على شماعات ألأخرين فنحن شئنا أم أبينا أقزام عند بقية ألأقوام ....!؟


2 - 5 شباط
وائل حميد ( 2011 / 2 / 2 - 22:29 )
مع إحترامي الكبير لرأيك د.لمى أود أن أشير إلى أنني أعتقد أن الشعب الأميركي من أقل شعوب العالم إهتماما-بالسياسة وأخبارها بخلاف الإدارة الأميركية وأشعر أنك متحمسة بشكل كبير للثورة المصرية وقبلها للتونسية من هذا لمنطلق أريد أن أسألك ماذا عن تلك الثورة المنتظرة في سوريا ؟؟؟هل ستكونين بنفس هذا الشغف والحماس؟؟أو عندها سيكون الوضع مختلفا-نحن في انتظار 5 شباط وعندها سنرى وستعيشين قلقنا وخوفنا على أهلنا وأحبتناوأخيرا-بورك أحرار العالم في كل مكان وفي كل زمان بوركت الشعوب الأبية والرافضة للإزعان والخنوع المحررة لشعوبها بدمائها بمالها بأبنائها والسلام.


3 - مبارك اصغر سننا ( الا ) في صحوة الضمير
محمود الفرج ( 2011 / 2 / 3 - 13:02 )
الاستاذة لمى تحية لك ولاصدقائك المصريين فالضمير غائب لدى صدام واللامبارك والحكام والملوك العرب انهم لا يخجلون


4 - لاتعليق
هشام حتاته ( 2011 / 2 / 3 - 20:27 )
- بحكم عملي كطبيبة جلديّة أسفت على -مبارك - الذي شلّت حقن البوتوكس ضميره قبلما تشل عضلات وجهه، وصبغ السواد قلبه قبلما يصبغ شعره.
- مبارك يبدو أصغر سناً في كل شيء إلا في صحوة الضمير.
سيدتى ... بعد هذا الكلام لاتعليق ... شكرا .. شكرا على هذا التشخيص مع تحياتى .


5 - اجمل ما في اثورة
يوسف ابو شريف ( 2011 / 2 / 6 - 09:46 )

اجمل ما في الثورة هو ان تكون الجميلة ثورية

شكرا ايتها الجميلة

اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?